رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشغب فى الجامعات «١»


بدأ العام الدراسى الجديد فى الجامعات حيث يتوجه يومياً مئات الآلاف من الطلبة إلى المدرجات لتلقى التعليم، فى جامعة الأزهر فقط يبدأ٤٨٠ ألف طالب وطالبة العام الدراسى فى القاهرة والأقاليم فى ٧٠ كلية، أما جامعة القاهرة ثانى أقدم الجامعات المصرية والثالثة عربياً بعد جامعة الأزهر وجامعة القرويين فيتخرج منها سنوياً أكثر من ١٥٥ ألف خريج، هذا بالإضافة للجامعات الكثيرة فى مصر سواء الخاصة أو الأجنبية، ولكن ما يدفعنى للحديث عن الجامعات هنا هو ما أطالب به بضرورة أن تكون الجامعة مكاناً لتلقى التعليم ومنارة للحضارة والعلم وبوتقة لإعداد شخصيات متعلمة تعليماً متميزاً فى جميع التخصصات بما يؤهلها لمشاركة العالم فى التقدم العلمى والارتقاء بالحضارة الإنسانية وتخريج عقول قادرة على بناء مصر الجديدة التى نتمناها ونحلم بها، مستنيرة ومتقدمة وذات مكانة لائقة بها بين دول العالم المتقدم.

وهنا لابد أن تتوفر منظومة متكاملة لمواجهة التطرف وإيقافه بداخل الجامعات، ولا أقصد بكلامى المواجهات الأمنية فقط هى ضرورية بالتأكيد لمنع الشغب والفوضى والتخريب لكن أيضاً لابد من استكمال منظومة بناء شخصية الطالب والتى تتطلب توفير أنشطة رياضية وفنية وتنظيم ندوات ثقافية مع الكتاب والأدباءوالمفكرين والفنانين المتميزين.

أتذكر أننى فى أثناء سنوات الدراسة الجامعية كنت أشارك فى الأنشطة الرياضية والمباريات الرياضية فى جامعة القاهرة مع الفرق الرياضية من الجامعات الأخرى، وكانت الطالبات يذهبن إلى الجامعة فى أبهى صورة وفى أحدث موضات الملابس وتسريحات الشعر، وكان مظهر الطالبة لابد ان يكون أنيقاً وكذلك الأمر بالنسبة للطلبة، كان الطالب حريصاً على مظهره وعلى سلوكه وعلى زملائه وعلى إتمام دراسته، وكانت الكافيتريات منتشرة فى الكليات حيث يلتقى الجميع على المودة فى حوارات لطيفة أثناء الاستراحة بين محاضرتين، وكانت الأنشطة الفنية تثرى الحياة الجامعية

وكان الاحترام اساس التعامل مع الأساتذة، أتذكر أن أساتذتنا فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية كانوا يحرصون على أن يردوا على أسئلتنا أثناء المحاضرات بمنتهى التقدير، لأننا كنا نحترم أساتذتنا، ونحرص على تلقى العلم والتفوق فيه.

أما الآن فاختلف الأمر وأصبحت الجامعات مرتعاً لبث التطرف والتحريض ضد العلم، فلقد استشرى التشدد كما استشرت الفوضى حتى أصبح مظهر الطالبات مختلفاً ومظهر الطلبة مختلفاً واختفت منظومة القيم والأناقة والرغبة فى التفوق، وتم دس مخربين ومحرضين لبث مفاهيم التطرف والتشدد وسادت تجارة جديدة هى التجارة بالدين وترويع الطالبات باسم الدين، وتحجيب الفتيات منذ الصغر باسم الدين، وتحجيم مشاركة الفتيات فى الأنشطة الرياضية والفنية من خلال التجارة بالدين أيضاً.

إننا إذا أردنا أن تستعيد الجامعات دورها فى تخريج عقول متفتحة ومتعلمة وكوادر قادرة على المشاركة فى حركة التقدم العالمى، فإنه لابد أن نضع منظومة متكاملة هدفها أن تكون الجامعة مكاناً صالحا لتلقى العلم وبناء شخصية مستنيرة محبة للوطن ومشاركة فى بنائه، لا ينبغى أن يتهاون أو يهادن رؤساء الجامعاتوالمسئولون عن العملية التعليمية أمام التخريب والشغب والتطرف بداخل الحرم الجامعى، لابد أن ينتهى زمن التطرف والتشدد لتنطلق مصر بأقصى سرعة إلى الأمام، لا نريد أيدى مرتعشة بداخل جامعة الأزهر ولا نريد أن تتكرر مهازل الحرق والتخريب وتدمير المنشآت وترهيب الطلبة كما حدث فى العام الدراسى الماضى، لأن مصر لم تعد تحتمل فوضى الجامعات وفوضى التعليم واستمرار التجارة بالدين. وللحديث بقية