رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وحيد زمانى وحامد نفسى


جلس الرجل بجوارى صدفة وما أن رآنى صامتاً حتى قال لى وهو يعرف نفسه: أنا يا سيد يا محترم، نعم أنا، أنا مثقف مصرى ومبدع ومجتهد فى كل شىء، وعبقرى لا يوجد مثلى اثنان فى العالم العربى كله، بل إننى بعبقريتى وصلت إلى العالمية ولكن اللوبى الصهيونى يحاربنى حتى لا أحصل على جائزة نوبل، وليس من الضرورى أن تكون قد سمعت عنى من قبل، فعلك لم تسمع عنى لأنك جاهل مستغرق فى الجهل والجهالة، أو لأن الصحف وأجهزة الإعلام تتحرى إخفاء أخبارى، كلهم يغيرون منى يا سيد يا محترم، ولكنهم أقزام أمام قامتى العملاقة، ولعلك لا تعرف أننى أنا وحدى من استطعت دوناً عن خلق الله فى مصر كلها أن أقف بكل شجاعة وقوة فى وجه محمد مرسى وأخاطبه قائلاً: يا مرسى دون أن أقول له: الرئيس مرسى، وأنا الوحيد الذى كتبت مسلسلات وأفلام تنبأت فيها حرفياً بكل الذى سيحصل فى مصر لو حكم الإخوان، أنا وحيد زمانى وعصرى، ومع ذلك فأنا حامد لله أننى وصلت لهذه العبقرية.

أنا يا عزيزى ملك الأفكار، أنا المبدع، أنا الوحيد الذى أعرف أين خبأ إبليس ابنه، وقد وهبنى الله ميزة لا تتوافر لغيرى، هى أننى المصرى الوحيد الذى يستطيع التفكير، لدرجة أننى عندما أصل إلى فكرة ما فإن الله يجعل هذه الفكرة حكراً على دون غيرى من الناس، وما ذلك إلا لأن الله يرسل لى هذه الفكرة وحياً، ولأنالوحى إنما لا يكون إلا لمثلى لذلك تنقطع الأفكار عن باقى البشر، ولكن عندى مشكلة كبرى يا عزيزى، هى أن باقى الخاملين من أبناء الشعب المصرى يسرقون أفكارى، ثم ينسبونها لأنفسهم، وهى مشكلة تؤرقنى كثيراً، ففى أحد الأيام أفقت من غفلة كنت سادراً فيها فإذا بالله يرسل لى فكرة كتبتها قصة تدور حول رجل ينتقم من مجموعة من الرجال، فإذا بى أجد الدنيا كلها قد سرقت فكرتى، فهاهو مؤلف غربى يكتب قصة «الكونت دى مونت كريستو» سارقا فكرتى بدم بارد، وها هم اللصوص يكتبون أفلاماً مثل «دائرة الانتقام» و «أمير الانتقام» وها هى السينما الغربية تعيش منذ سنوات بعيدة على أفلام الانتقام، وللخسة والندالة لم يفكر أحد منهم فى أن يكتب أن قصص الانتقام مأخوذة من قصتى التى وهب الله لى فكرتها وحياً.

ولك أن تعلم أننى عبقرى فى تفسير القرآن، ولا يشق لى غبار فى تأويل آياته، حتى أننى استطعت أن أصل إلى أن الرَحِم مستمد من الرَحَمة، نعم يا عزيزى رحم المرأة مستمد من الرحمة لأن الجنين يتشكل فيه فلابد أن يكون اسمه من الرحمة، ولكن ماذا تقول فى أولاد الحرام، فما أن قلت فكرتى هذه حتى أخذها منى الشيخ متولى الشعرواى ونسبها لنفسه، مع أن أحداً من الدنيا كلها لم يقل هذا الكلام قبلى، فقل لى بالله عليك كيف وصل إليها الشيخ الشعراوى إن لم يكن قد أخذها منى أنا وحيد عصرى وزمانى، وتصدق وتآمن بالله، قل لا إله إلا الله يا رجل، أنا أول من قال إن الآية الكريمة «وضعوا أصابعهم فى آذانهم» إنما تعنى أنهم وضعوا جزءً من أصابعهم فى آذانهم، أى أراد الجزء وأطلق الكل، لأنه لا يعقل يا محترم أنهم كانوا يضعون كل أصابهم فى آذانهم وإلا لاحتاج الأمر إلى جراجة أذن عاجلة وغاظنى يا محترم أن من سرقوا أفكارى شخصيات شهيرة، منهم الأستاذ قرطبى، والدكتور ابن كثير، والشيخ الطبرى، كلهم سرقوا أفكارى دون أى حياء.

أنا روائى عبقرى ومن سوء حظى سرق أفكارى تولستوى وفيكتور هوجو وشيكسبير وتشارلز ديكنس وأجاثا كريستى ورايدر هاجرد وجورج أوريل، وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وبهاء طاهر ويوسف القعيد وإبراهيم عبد المجيد، يا عزيزى كلهم لصوص، فكلهم سرق أفكارى.

وفى عهد الإخوان يا سيد يا محترم كنت أنا صاحب فكرة «مشروع النهضة» سهرت عليه الليالى، وخاصمنى النوم من أجله، وعشت فى أرق على أرق ومثلى يأرقُ، وضعت النظرية بحيث لا يمكن أن «تخر المَيَّه» فإذا بالمدعو خيرت الشاطر يسرق الفكرة منى، ويضعها على لسان محمد مرسى، ويأخذ محمد مرسىفى الحديث عن طائر النهضة وكأنه هو من اخترعه، وللأسف لم يقم واحد منهم بنسبة الفكرة لى، ولكننى كنت قد احتفظت معى برأس طائر النهضة، عفواً، أقصد رأس الاختراع، فلم أعطه لهم لذلك فشلت النظرية وقد كان هذا الأمر هو أكبر عقاب من الله رب العالمين لأولئك اللصوص.

انتظر يا سيد يا محترم،لا تغادرنى وتنصرف، فقد نسيت أن أخبرك باسمى، أنا طبعا لست طه حسين، ولا توفيق الحكيم، ولا لطفى السيد، ولا عباس العقاد، ولا أحمد شوقى، ولا حافظ إبراهيم، ولا مصطفى لطفى المنفلوطى، ولا محمد حسين هيكل، ولا إبراهيم ناجى، ولا صلاح عبد الصبور، ولا أمل دنقل، ولا نجيب محفوظ، ولا يوسف إدريس، ولا جمال الغيطانى، ولكننى أناااا بكل فخر، العبقرى الناشط السياسى، المؤلف السينمائى، الروائى، المفسر الدينى ، الإمام العلامة والحبر الفهامة فى علوم العقيدة، النطاسى البارع، حادى ركب الأولين، وإمام الآخرين، فصيح اللسان، متوقد الخاطر، حاد الفؤاد، وحيد عصره، وحامد ربه، أنااااااا يا سيد يا محترم ....وهنا أوقفته قائلا: أنت ابن ٌمن أبناء تأخرنا وجهلنا وسطحيتنا، أنت الذى تعيش فى ذاتك فلا ترى إلا نفسك، أنت الذى تنظر فى المرآة كل يوم فترى وجهك وحده، فتخاطبه قائلا: من فى العالم أفضل منى؟ ولكنك أنت أنت ولا حاجة.