رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الانتخابات فى مصر


بدأت الانتخابات البرلمانية فى البلاد كلها، وسط ترقب حذر، فقد يخشى البعض من صعود ثلاث قوى، يرون أنها تشكل عوامل هدم للدولة المصرية، التى بدأت تسير خطوات نحو الاستقرار فى أعقاب ثورة يناير 2011، التى كادت أن تقضى على كيان الدولة وقتها، وظهور التيار الدينى بعنف شديد، والقوى الثلاث هى...

... أولا: الإخوان المسلمون، وكانت قد نجحت فى الحصول على الأغلبية فى برلمان 2012، والذى أجريت انتخاباته فى ظل رئيس إخوانى وحكومة إخوانه، فهم يملكون التقنيات الانتخابية، والوسائل التى يستطيعون بها التغلغل وسط الناس، وقد مضى عليهم زمن طويل وهم يعملون وسط الناس، واكتسبوا خبرات طويلة تؤهلهم للفوز، وفهموا طبيعة الشعب فهماً يؤهلهم أيضاً للحصول على الأغلبية، لولا أن سارعت الدولة بحل الجماعة، وجعلتها إرهابية، وبالتالى قلصت كثيراً من نفوذها، وفضلاً عن هذا، فقد تلقت الجماعة ضربات موجعة، غلت أيدى الكثير منهم عن ممارسة السياسة، واختفت كوادرهم الفاعلة، إما فى السجون، ينتظرون الأحكام فى القضايا، أو محكوم عليهم ويقضون العقوبة، وفى كل الحالات، فقد تم وضع الحراسة على أموال الإخوان والجمعيات التى كانت تمولهم، وبالتالى فقدوا مصدراً مالياً، كان واحداً من عوامل الحسم فى العمليات الانتخابية التى كانت تجرى فى السابق. ثانيا: السلفيون، وهم يخوضون الانتخابات تحت مظلة شرعية حزب النور، الذى يتعرض لحملة شرسة قد تودى بكيانه كله، وتلغيه، تحت دعوى أنه حزب دينى، فى ظل حملة قوية وجادة يتبناها عدد من النشطاء السياسيين، تحت شعار «لا للأ حزاب الدينية»، وأعتقد أن هناك دعوى مرفوعة أمام المحكمة الإدارية، أو هناك طعن أمام اللجنة العليا للانتخابات بهذا الخصوص، ويرى البعض أن السلفييين هم الوجه الآخر للإخوان المسلمين، لاتفاقهم فى مبدأ الحكم بالشريعة الإسلامية، وحزب «النور» استعانت به ثورة 30 يونيو 2013، والتى خلعت الإخوان من الحكم، بالحشد الجماهيرى، وقد ظهر حزب النور كحزب معتدل، وتوارت التصريحات التى تكفر الناس، أو تكفر الدولة، وظهر محلها نوع من الاعتدال، وإن كان رئيس الحزب قد أصدر فتاوى تثير الجدل، ولكنها عموماً ليست فتاوى سياسية، بقدر ما هى فتاوى تثير الجدل، وقد قام الحزب بضم بعض الأقباط فى قوائمه الانتخابية لتلميع موقفه، وللاقتراب من منطقة الليبراليين، وليلتف حول من ينادون، بأنه حزب دينى متطرف، وعلى صفوات التواصل الاجتماعى ينال الحزب أكبر قدر من الانتقادات بوصفه حزباً دينياً، كما نال الأقباط الذين ترشحوا على قائمته، اللوم الشديد من ألأقباط المتشددين والذين يرون فى حزب «النور» حزباً دينياً. ثالثاً: الفلول، أو ما يعرف بالحزب الوطنى الديمقراطى، وقد نالهم الغضب الأكبر من الثوار فى ثورة يناير 2011، ونال رموزهم التحقير، ودخل معظم قيادات الحزب السجون بتهم تتعلق بالفساد المالى، بمن فيهم الرئيس حسنى مبارك وأولاده، وقد عجز جهابذة القانون وقتها فى البحث عن أدلة تدين الرئيس مبارك وقيادات الشرطة عن أدلة تدينهم فى دعاوى قتل الثوار، يمتلك أعضاء الحزب الوطنى المنحل القدرة، والأدوات اللازمة لإدارة معركة انتخابية متكافئة، فهم يعتمدون على عصبيتهم، وقوة عائلاتهم واستقرارها، وفضلاً عن ذلك، فقد كانوا اثناء عضويتهم يتصرفون دائماً، وكأنهم فى معركة انتخابية، فاكتسبوا شعبية هائلة بين المواطنين البسطاء، بل ودأب بعضهم على التبرع لدفع رسوم المدارس لغير القادرين، ومنح التلاميذ حقائب مدرسية بها كل لوازمهم، وذبح الأضاحى وتوزيعها، تلك هى القوى التى يخشاها الثوار، والتى يخشاها أيضا كل الغيورين على مصالح البلاد.