رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التمثيل البرلمانى للشباب


ترى هل لدينا ما يكفى من الديمقراطية؟ وهل فعلاً و«التغيير قبل التمكين»، كما يرى أصحاب هذه المدرسة؟، فإذا كان الأمر كذلك فنحن نحتاج أولا لتغيير ثقافة الشباب حتى يستوعب زيادة مساحة الديمقراطية والحريات يستحق التمكين لكى تتاح له فرصة الوصول إلى مواقع القيادة، وقد يتطرف رأى هذه المدرسة بالترويج لفكرة أن «الشباب لا يستحق أكثر من هذا..»، و «الشعوب العربية أمية تعليميا وسياسيا، وتخضع لتقاليد قبلية وعصبية، ولا تصلح للديمقراطية..

وهذه النظرة النخبوية غالبا ما تكون تكنوقراطية أيضا، لأنها ترادف بين «التمكين والتعيين»، فتقوم بإعادة تعريف مفهوم تمكين الشباب إلى مؤشرات كمية -غير دالة غالبا- على الحالة النوعية، مثل الزعم بأن تعيين بضعة وزراء من الشباب دلالة كافية وقاطعة على تحقيق التمكين السياسى للشباب ككل، أو القول بأن «الخطاب السياسى يؤكد مشاركة الشباب أما المجتمع فهو الذى لا يستوعب هذا الخطاب..»، أو «تم إنشاء مجلس للشباب ولا يحق لأحد بعد ذلك الحديث باسم الشباب».. هناك مدرستان لمفهوم الحكم الجيد، الأولى ترى أنه يعبر عن نوعية نظام الحكم وأسلوب صنع السياسة، التى تشتمل على نفس القواعد الأساسية المألوفة للديمقراطية، مثل سيادة القانون، التعددية السياسية والاجتماعية والتسامح والتعبير الحر، حريات وحقوق المواطنة.. وبالتالى فهو أقرب إلى كونه مجرد «صياغة حديثة لمبادئ مستقرة»، أما المدرسة الثانية فتعتبر المفهوم عنوانا لمنظومة أساليب وخطوات الإصلاح السياسى والاجتماعى ككل، مثل اعتماد آليات المحاسبة فى مواجهة السلطات العامة، والمطالبة بتوفير مظاهر الشفافية فى مؤسسات صنع القرار، وتقييم نوعية الحكم من زاوية الالتزام بسيادة القانون وقدرته على تعزيز الفرص والميل إلى المشاركة واحترام حقوق الإنسان ومكافحة الفساد.. أى أنه محاولة لوضع تعريف أمبريقى Operational لمفاهيم كلية ومؤسسات وأطر سياسية معقدة، مثل البرلمان والحكومة، بعبارة أخرى، فهذه المدرسة ترى مفهوم الحكم الجيد بشيرا ومؤشرا للانتقال فى فكر الإصلاح من التعامل النظرى إلى التفكير العملى وتحديد مؤشرات قابلة للقياس لتقويم حالة الحكم وصنع السياسة، لاسيما فى الدول التى تشهد عمليات إصلاح اقتصادى وسياسي.

من هذا المنطلق، ربما تتضح علاقة تمكين الشباب بتفعيل آليات الحكم الجيد، باعتبارها إطاراً مؤسسياً يجسد قيما سياسية تعطى للفرد «القدرة على الاختيار»، وبالتالى خلق وتعزيز الميل إلى السعى والمنافسة وتنمية القدرات، دون عرقلة ناتجة عن نقص الحكمانية فى إدارة شئون الدولة والمجتمع»- المشاركة: من خلال رفع حواجز المشاركة وإتاحة الفرصة أمام الشباب للانخراط فى الأحزاب والجمعيات المدنية، وتقليل الميل إلى العزلة الناتج عن الإحباط، وكذلك من خلال إعادة النظر فى أعمار المشاركة السياسية (بداية من الانتخاب ووصولا إلى تولى المواقع القيادية)..

وبالطبع، سوف يكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للمجتمع ككل، وللشباب بوجه خاص، كلما انخفض مستوى احترام آليات الحكم الجيد بالمعنى السابق، وفى مناخ يسيطر فيه شخص أو بضعة أشخاص على السلطة، فى مختلف مستوياتها، ودون الخضوع للمحاسبة، فإن إشكالية تمكين الشباب تصبح جزءا من إشكالية نظام الحكم ككل.