رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة ورياح التغيير القادمة


سمعنا وشاهدنا تلك المشادات والمناوشات والوقفات والتظاهرات من أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وصولاً للبابا تواضروس الثانى وذلك حول مشكلة مهمة بالنسبة لأصحابها بل تمثل إيقاع حياتهم بل تمس حرياتهم ذاتها واستقرارها وهى مشكلة الطلاق والزواج الثانى تلك المشكلة التى كانت تنظمها لائحة ٣٨ التى كانت وخلال عام ١٩٥٥ تجيز ثمانية أسباب تبيح الطلاق وتجعل الكنيسة تعطى حق الزواج الثانى للمطلقين ولكن جاء البابا شنودة الثالث ومن خلال رؤيته الخاصة وتفسيراته الذاتية لبعض نصوص الإنجيل وأهمها «لا طلاق إلالعلة الزنا» أصدر قراراً بابوياً قصر وحدد أسباب الطلاق لعلة الزنا بالشكل المباشر فقط، بل والأهم أنه قد أسقط العمل باللائحة ٣٨ عام ٢٠٠٨ بقرار منفرد ولا يملك إصداره، حيث إن اللائحة هى عمل تشريعى لا يملك إصداره أو إلغاءه غير السطة التشريعية ولكنها الصراعات الطائفية والمواءمات السياسية فى ظل دولة اللا قانون.

والآن وبعد ٣٠/٦ تقوم الكنائس المسيحية بوضع قانون للأحوال الشخصية للمسيحيين ينظم حياتهم ولكن وحتى الآن لا يوجد توافق حقيقى حول قانون موحد لكل الكنائس، حيث إن كل كنيسة لها رؤيتها الخاصة فى عملية الزواج مروراً بالخطبة وصولاً إلى الحالات المستعصية التى تصل إلى الطلاق مما جعل أصحاب المشكلة يضعون آمالاً كبيرة حول هذا القانون الوليد حتى تكون هناك حلول لمشاكلهم الزوجية ولما لم يكن هناك حالة حوار حقيقى بين أصحاب المشكلة وبين أعضاء المجمع المقدس خاصة المتشددين عنهم والذين هم تقليديون لا يعرفون إعمال العقل ولا قراءة الواقع ذلك الشىء الذى سارت عليه الكنيسة خاصة فى مشكلة الطلاق حتى جاء البابا شنودة وعاد إلى الخلف السلفى المتخلف حول هذه المشكلة خاصة أنهم غير متزوجين ولا يشعرون بمشاكل الزواج، حيث إن فاقد الشىء لا يعطيه.

ولذا لم يجد هؤلاء طريقاً غير الوقفات والتظاهرات والتعامل مع أساليب التواصل الاجتماعى بل سمعنا عن مظاهرة حاشدة يوم ٩ سبتمبر الجارى ستكون أمام الكاتدرائية ليس بسبب مشكلة الطلاق فقط ولكن لكثير من المشاكل المتراكمة والمسكوت عنها والتى تحدثنا وكتبنا عنها كثيراً وكثيراً ومنذ ثلاثة عقود منها تأخر انتخابات المجالس الملية ومتابعة والإشراف على أموال الكنيسة، دور العلمانيين المالى والإدارى الذى حددته قوانين الكنيسة فى مقابل دور رجال الدين الروحى، حيث يسيطر رجال الدين على كل الأدوار الآن المالى والإدارى والروحى. حيث هناك اتهامات توجه للكهنة والأساقفة بتعاملهم غير الشفاف وطريقة صرفهم لأموال الكنيسة فى أمور شخصية وذاتية لا علاقة لها بالكنيسة، خاصة أن الكنيسة الآن تشاهد عهداً غير مسبوق فى قدرتها المالية، حيث يغدق عليها الجميع أموالهم وتبرعاتهم خاصة بعد سيطرت ما يسمى بالتدين الشكلى الذى سيطر على السلوك الدينى وأصبح بديلاً للإيمان الصحيح وذلك بعد كثرة رجال الأعمال الأقباط الذين يريدون السيطرة على الرأى العام القبطى عن طريق الكنيسة ومن خلال هذه الأموال. وصولاً لتحقيق أهداف سياسية.

هنا قد وجدنا من يرفض تلك المظاهرات ويندد بالداعين لها. ولكن الأهم هو هل هناك هذه المشاكل بالفعل أم أنها مصطنعة ووهمية؟ نعم هذه المشاكل قائمة وموجودة وليست وليدة اليوم أو الأمس. ولكن الذى لا يعيه هؤلاء هو ذلك التغيير الذى حدث بعد ٢٥/٣٠ لكل المصريين ومنهم الأقباط بالطبع نعم لم تتحقق الثورة بعد ولكن حدث تغيير قد تم كسر حاجز الخوف وأصبح كم المعلومات متاحاً للجميع بشكل غير مسبوق وأصبح الكل يريد التعبير عن رأيه أياً كان صحة هذا الرأى من عدمه. ولذلك قد أصبحت هذه المظاهرات هى أسلوب سياسى واجتماعى أخذ طريقه للانتشار ومالنا نذهب بعيداً أليس هو البابا شنودة الذى أبدع وأوجد هذا الأسلوب داخل الكنيسة بشكل غير مسبوق وغير لائق عندما كان يشغل هذه المظاهرات هذا النظام عندما يريد لتحقيق مصالح هو يعلمها ويريدها مثل مظاهرات الراهب المشلوح ووفاء قسطنطين وغيرهما.

ولذا نقول بكل وضوح إن التغيير قادم قادم ومن الحكمة والعقل ولصالح الكنيسة ولصالح الجميع أن يتم هذا التغيير فى إطار الثوابت الكنسية تدرك الواقع المتغير ولنا هنا مثل فى المجمع الفاتيكانى الثانى الذى اقامته الكنيسة الكاثوليكية عام ١٩٦٥ والذى جعل الكنيسة بعد المجمع غيرها بتلك ولذا على القيادة الكنسية أن تحتوى وتدرك الواقع وتحتضن أبناءها بالحوار والحب والتسامح بأسلوب الأب لا الرئيس وأسلوب الأبن لا المرءوس فمن حق الشعب حيث إن الكنيسة هى جماعة المؤمنين أى الشعب ورجال الدين فمن حق الشعب أن يعرف ويشارك ويحاور ويتحاور ولكن دفن الرءوس فى الرمال وتجاهل المواقف والاعتماد على تراث السلطة الدينية والتاريخ الكنسى الاستبدادى فهذا الزمن قد ولى وراح.. ولن يعود الزمن للوراء ولكن أن يتم التغيير بأيدينا أفيد وأحق ألف مرة من أن يكون التغيير بالعنف فهذا لا يتسق مع تراث الكنيسة ولا تاريخها ولا قيمنا المسيحية .. أحبوا أعداءكم باركوا لأعينكم.