رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كاتدرائية مصر«4»



فى 
الواقع أنا لم أقصد تحديداً فى تلك السلسلة من المقالات الحديث فقط حول حكاية إجراء مسابقة فنية من قبل إدارة الكنيسة المصرية لتصميم وإبداع جداريات وأيقونات «بمساحات هائلة تتجاوز مئات الأمتار» داخل مبانى الكاتدرائية المصرية بشكل أو آلية لا تتناسب مع رمزية المبنى الروحية والتاريخية والوطنية فحسب، ولا لإعلان غضبى وغضب بعض الفنانين التشكيليين والنقاد الكبار لغياب رؤية محددة لدى واضع شروط المسابقة وأعضاء اللجنة المشرفة على تنظيمها حول الهدف من المسابقة، والمأمول تحقيقه من تنفيذ ذلك المشروع الفنى الضخم فحسب، فإن الأمر الأكثر أهمية وإلحاحاً الذى دفعنى للكتابة هذه الحالة من الاستخفاف التى تم بها الإعلان عن المشروع «من حيث تحديد فترة بسيطة للتنفيذ ــ عدم الاستعانة بأهل الفن الكبار فى وضع والإشراف على المسابقة ــ الكلام عن خامات لا تليق بمكان وقيمة الحدث ... إلى غير ذلك من أسباب تم التعرض لها بالتفصيل فى الأجزاء الأولى من المقال»، وما تلى ذلك من خطوات إدارة ومتابعة المسابقة ووصول مجموعة من الفنانين لم نسمع عن إنجازاتهم أو نتعرف على أهم إنجازاتهم فى مجال الجداريات الفنية إلى المرحلة النهائية!!

وعليه، وددت تذكير إدارة كنيستنا صاحبة التاريخ بيوم وضع حجر الأساس لبناء الكاتدرائية وعرضت مقاطع كبيرة من خطاب الزعيم جمال عبد الناصر الذى أعلن عن مشاركة الدولة فى ذلك المشروع المصرى المهم برمزيته الدينية والتاريخية، وليؤكد على قيم المساواة وعدم التمييز.. وبالمناسبة أعرض أيضاً بعض مقاطع من كلمة البابا كيرلس السادس « البابا 116» لعلها تكون فى ذاكرة البابا تواضروس الثانى «البابا 118» وهو فى بداية حبريته الروحية والوطنية ليوصى رجال إدارته بأن يشكلوا الامتداد الطبيعى المأمول لتاريخ كنيستنا المصرية العتيدة ..

قال قداسته : باسم الإله الواحد الكائن بذاته، الناطق بكلمته الحى بروحه.. الذى نعبده ولا نشرك به أحداً باسمه نبدأ حفلنا هذا رافعين الشكر لجلاله المقدس.. باسم الكرازة المرقسية وأبنائها فى شتى البقاع، أقدم لكم ورجال الحكومة جزيل الشكر لتفضلكم بتشريف هذا الحفل لإرساء حجر الأساس للكاتدرائية المرقسية والمقر الباباوى.. ولمساهمة الدولة فى نفقات بناء الكاتدرائية بمبلغ مائة ألف جنيه.. هذا العمل الذى ترسمون به تقليداً ومبدأ سامياً فى تدعيم أسس الوحدة والإخاء.

سيادة الرئيس.. إنكم تستمدون من إيمانكم بالله والوطن والإنسانية الجهاد فى تجديد بناء مجتمعنا، فالثورة فى مجالات الزراعة والتصنيع والتعليم وسائر ميادين الإنتاج والخدمات تسير بخطى سريعة لكى تصل بالمواطنين إلى أعلى مستويات العزة والكرامة فى كفاية وعدل. إن إيمانكم بفاعلية القيم الروحية الموجهة للطاقات البشرية هو الذى دعاكم لأن تسجلوا الميثاق: «إن القيم الروحية الخالدة النابعة من الأديان، قادرة على هداية الإنسان وعلى إضاءة حياته بالنور، وعلى منحه طاقات لا حدود لها من أجل الخير والحق والمحبة».

إنكم تبنون المصانع، وتصلحون الأراضى، وتقيمون المشاريع العمرانية الجبارة لبناء الوطن، وبقدومكم اليوم لإرساء حجر الأساس لبيت من بيوت الرب، وإنما تعملون على بناء الإنسان الصالح الذى هو دعامة القوة العاملة لتحقيق مشروعاتكم التقدمية العظيمة، وإذ تقومون بهذا العمل التاريخى الجليل إبان احتفالات أعياد الثورة، ترسمون للعالم كله صورة واضحة لأهدافكم المتكاملة لتنشئة المواطن عقلاً وروحاً وجسداً ليستطيع تقدير مسئولياته الإيجابية، ويتعاون مع أخيه المواطن بروح التسامح والتفانى فى خدمة الوطن . إن الكنيسةالتى تسهمون اليوم فى إقامة كاتدرائيتها، مدرسة تعلم أبناءها ما تسلمته من الوحى الإلهى القائل فى الكتاب المقدس «فاسأل قبل كل شىء أن تقام تضرعات وصلوات وتوسلات وتشكرات من أجل جميع الناس, لنقضى حياة مطمئنة هادئة فى كل تقوى وكرامة «1 تيموثاؤس 2: 1- 2».إنها الكاتدرائية قداسة البابا «البابا 118» التى كان ينبغى إعلان مسابقة عالمية لتحكى للعالم تاريخ حضارة عبقرية امتدت لأكثر من 2000 سنة، وكان ينبغى دعوة كل فنانى ونقاد مصر وكتاب التاريخ «مسلمون ومسيحيون» للمشاركة فى كتابة تاريخ جديد على جدران بيت من بيوت الله ..

 كاتب