رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تطوير قناة السويس وتأثيرها على منظومة النقل البحرى «٢ ــ ٤»


فى 6 أغسطس تم افتتاح إحدى أهم مراحل عملية تطوير قناة السويس التى تستحق تسجـيلها بأحرف من نور فى تاريخنا الوطنى، والتى تُعـتبر إضافة رئيسية لمراحل التطوير الأخرى، خاصة تلك التى انتهت بتوسعـتها وتعـميقها عام 1974 لإعادة فتحها بعـد حرب استعادة الكرامة المصرية والعربية، وكذلك تطويرها ضمن مشروع شرق بورسعـيد بحفر التفريعة الرئيسية بطول «36٫5 كم» وحفر القناة الملاحية للميناء بطول «13٫5كم»، وتنتهى يدائرة دوران بقطر «1٫3كم»، وتم افتتاح هذه المرحلة فى4 ديسمبر 2004، ويجرى الآن حفر القناة الجانبية المخطط لها سلفاً لاستكمال التطوير، وقد قضت القناة الجديدة على أوهام إسرائيل لإقامة مشروعات تكون بديلة عن قناة السويس أو لمنافستها، سواء مشروع حفر قناة تربط البحرين الأحمر والمتوسط المحال تنفيذها، أو مشروع إنشاء خط أنابيب يربط بين إيلات وعـسقلان الذى لا يسهم بشىء فى حجم التجارة العالمية، أو مشروعى إنشاء خط برى وآخر سكة حديد يربطان ميناء إيلات بميناء حيفا، واللذين روجت لهما إسرائيل كثيرا بأنهما سيؤثران بالسلب على قـنـاة السويس.

وقد قمت فى مقال نشر بذات الجريدة فى 29 فبراير2012 بتفنيد مزاعم إسرائيل ومشروعاتها الوهمية وأشرت فيه إلى ضرورة حفر قناة موازية لقناة السويس تربط قناة شرق بورسعـيد ببحيرة التمساح والبحيرات المرة، مع ضرورة توسعة وتعميق القطاع الجنوبى من القناة حتى لا يُؤثر بالسلب على دور ومكانة قناة السويس، فذكرت أنه «ينبغى أن نأخذ هذه المشروعات مأخذ الجد لتكون دافعاً لنا لتطوير قـناة السويس .... إذ يمكن البدء فى تخطـيـط وتـنفـيـذ أكبـر مشروع ملاحى فى العالم دون تغـيـيـر خط الملاحة العالمى، وذلك بحـفـر قـناة جديدة تبدأ من نهاية قناة شرق التفريعة....... ويمكن لهيئة قـناة السويس تـنفيذ المشروع بعـد أن اكتسبت من الخبرة ما يؤهلها لذلك، بعـد أن قامت بتنفيذ مشروع تفريعة شرق بورسـعـيد، ويكمن هـذا المشروع ببساطة فى توصيل قناة شرق بورسعـيد ببحيرة التمساح والبحيرات المرة، ثم توسيع وتعميق وصلة القناة الأصلية من البحيـرات المرة إلى السويس بالعمق المطلوب».

إذ يُؤدى تطوير القناة على هذا النحو إلى الاتساق الكامل مع اتجاهى تطور منظومة النقل البحرى، ويتمثل الاتجاه الأول فى التوسع فى بناء ناقلات الحاويات العـملاقة التى تُحقق أعـلى عائـد بالـنسبة للزمن والتكلفة والجهد، والثانى هو الاعـتماد عـلى أقـل عـدد من الموانئ المحوريـة التى تُمثل مراكز لوجيستية رئيسية، وسيكون ميناء شرق بورسعـيـد أحد أهم هذه المراكز الذى لا غنى عنه فى هذه المنظومة، كما سيلعـب مشروع تنمية محور قناة السويس دوراً رئيساً فى تعـظيم القوة المصرية الشاملة، حيث تتعاظم أهمية تنمية هذا المحور فى كونه أحد الروافـد الرئيسية لإحداث التنمية الشاملة للدولة، بالتكامل والاتساق مع تنفـيذ المشروعات العـملاقة الأخرى، وهو ما سيُعـزز مظاهر سيادة الدولة على هذا الإقليم الحيوى، إذ يُـعـد هذا المحور أحد المكونات الرئيسية للاتجاه الاستراتيجى الشرقى الذى سيظل بمكوناته وعـناصره وبثوابته ومتغـيراته هو الاتجاه الاستراتيجى الرئيسى لمصر، كما يُعـتبر إحدى الركائز الأساسية لصيانة الأمن القومى المصرى على أن تكون منطقة شرق بورسعيد هى نقطة الانطلاق لتنمية المحور.

وكم آلمنى وأحزننى ما قرأت وشاهدت فى وسائل الإعلام المختلفة، بأنه لم تحدث تنمية حقيقة بمنطقة شرق بور سعـيد، وأنه يتعـين على الدولة سرعة البدء فى تنمية هذا القطاع ووضع الخطط الطموحة لإحداث نهضة حقيقية بالمنطقة، فإذا كان الأمر كذلك، فكيف نُبرر إصرار جميع الحكومات التى أتت بعـد حكومة الدكتور عاطف عـبيـد «6حكومات» على أن يكون مشروع شرق بورسعـيد هو رأس الحربة لتنمية المحور كله؟ إذ يشير الواقع إلى أنه قد تم اختيارها لأنها مكتملة التخطيط والتنفيذ، كاملة المرافق والبنى الأساسية ، ويقع المشروع عـلى قرابة مساحة 125كم مربعاً شرق التفريعة ، وينقسم إلى أربعـة أجزاء رئيسية ، الأول هو الميناء المحورى وظهيره البرى «حوالى 35 كم مربع» ، والجزء الثانى هو الظهير البرى المتاخم للميناء بمساحة 87٫5 كم مربع ويشمل المنطقة الصناعـية،والمنطقة السياحية، والمنطقة الإدارية والقسم الثالث هو المنطقة الزراعـية على مساحة50 ألف فدان، والجزء الأخير هو المساحة المخصصة للمدينة المليونية، وبالرغم من صغـر مساحة المشروع بل صغـر مساحة بورسعـيد نفسها التى تبلغ 1350 كم مربعاً، إلا أن أهميته وحيويته قد نبعـت من الحاجة الإستراتيجية الملحة التى فرضتها ظروف هذا الاتجاه وطبيعة محافظة بورسعـيد حتى تستكمل التحول الاقتصادى والاجتماعى الجاد والهادف الذى بدأته والتى تبوأت بسببه المرتبة الأولى فى التنمية البشرية على جميع محافظات مصر على مدى تسع سنوات متتالية «1999– 2008» وفقاً لتقرير الأمم المتحدة للإنماء UNDP.. ونستكمل الموضوع الأسبوع القادم بإذن الله.

محافظ بـورسعـيـد سابقاً