رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

وزير للثقافة.. أم الثقافة عامة؟


عدة أسئلة تثيرها إطاحة وزير الثقافة عبدالواحد النبوى بقيادات المؤسسات الثقافية التى أجمع الكثيرون على تقديرها وفى مقدمتها: د. أنور مغيث الذى عزل عن منصبه بالمركز القومى للترجمة، ود. محمد عفيفى، رئيس المجلس الأعلى للثقافة.

 ثم د. أحمد مجاهد الذى أنهى الوزير انتدابه إلى هيئة الكتاب علما بأن فترة الانتداب فى كل الأحوال كانت ستنتهى قبل صدور القرار بيوم! وجه الوزير ضرباته إلى مؤسسات ثقافية نشطة ووضع كل آماله فى نشاط مع وزارة الأوقاف ومشروع «صيف بلادنا» المنقول أو المشابه بسذاجة لمشروع «صيف بلادى» فى أبوظبى!

ولا تستغرب تلك الإجراءات من وزير ثقافة كان عمله الرئيسى محصورا فى «الوثائق القومية» وإنجازه الفكرى الوحيد هو المساهمة مع آخرين فى كتاب عن محمد على! بل ولم يدرى من هو بهاء طاهر.. لكنهم «قالوا له ..»! الضجة والمعارك والبيانات واجتماعات المثقفين واجتماعاتهم المضادة التى رافقت عزل القيادات السابقة تطرح سؤالا مهما: ما هو الهم الأساسى لعدد كبير من المثقفين؟ لقد احتشد المثقفون من قبل فيما يشبه العاصفة للإطاحة بالوزير الإخوانى علاء عبدالعزيز، من دون أن يكون السؤال هو: ما هى حال الثقافة فى مصر وكيف ينبغى أن تتطور بغض النظر عن الوزير؟ ما هى السياسة الثقافية التى ننشدها لنلزم بها كل وزير للثقافة؟ لم يطرح ذلك. واحتشد المثقفون فى تكتلات عندما أخذ النبوى يطيح بالقيادات الثقافية ذات الدور المرموق، لكن أولئك المثقفين لم يحتشدوا مرة حول موضوع مثل: ما سياسة الوزارة وبرنامجها الثقافى فى مكافحة الإرهاب؟ ولا تساءلوا: ما مساهمة الوزارة الثقافية فى استئصال جذور الفكر السلفى والإخوانى الرجعى؟ علما بأنه ما من حرب خاضتها دولة أو شعب إلا وكان لوزارات الثقافة دورها الحاسم فى تلك الحرب، بينما لم نقرأ ولم نسمع شيئا عن برنامج أو تصور ثقافى تسهم به الوزارة فى معركة تمس مصير الوطن.

وهناك أسئلة بل ومطالب أخرى تمس صميم مستقبل الثقافة ووزارتها منها الدعوة لأن تغدو ميزانية الوزارة شفافة وأن تعرض سنويا على مؤتمر للمثقفين، وأن يقر هذا المؤتمر ذاته السياسات العامة للوزارة، فى النشر، والنشاط، وغير ذلك، وأن يتقدم المؤتمر بثلاثة مرشحين للوزارة على أن تختار الحكومة من بينهم، وأن يضع المؤتمر توصياته الملزمة بالنسبة للآثار المهملة إهمالا جسيما ومؤلما. لم أسمع أن زملاءنا الكتاب والمثقفين احتشدوا حول قضية ومن باب أولى قضية رئيسية هى «وضع الثقافة وحالها»، لكنهم عادة ما يحتشدون حول أشخاص، وفى معارك العزل أو التعيين. على أى حال، الآن وقد أصبح د. مجاهد خارج دائرة التأثير، فإن بوسعى – مطمئنا من دون حساسية - أن أشير إلى جهده وأن أوجه التحية إلى دوره الذى قام به، وأيضا إلى دور د. أنور مغيث الذى لاقى محبة واحترام الجميع رغم قصر فترة عمله، وأن أتجه بآمالى أن تغدو قضية المثقفين هى «الثقافة» وأحوالها ورسم سياسات تطويرها والاحتشاد حول القضايا لإلزام كل وزير ببرنامج ورؤية محددة يبلورها المثقفون.