رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القطن المصري ... تحول من طويل التيلة لقليل الحيلة


القطن أو الذهب الأبيض هل تتذكرونه؟ .. كاد أن يكون ذكريات بالنسبة للمصريين، مع إنه كان يحمل أجمل المناسبات، فقد كان الفلاح المصري يعتمد عليه اعتماداً كليا في حياته في زواج أبناءئ وبناته، و بناء منزله وقضاء مناسك الحج والعمرة.

كان القطن هو عماد البيت المصرى وليس فقط على مستوى الفلاح ولكن على مستوى مصر التى اشتهرت بقطنها طويل التيلة الذى تتنافس عليه الدول من اجل الحصول عليه ومن ثم تصديره وتوفير العملة الصعبة ودعم الاقتصاد المصرى.

منذ عهد محمد على باشا عام 1805 بدات مصر فى السيطرة على السوق العالمى فى زراعة القطن طويل التيلة الذى تصدرت به مصر الترتيب العالمى فى التصدير فقد كانت الحكومة آنذاك هي المسئولة عن تسويق القطن وما على الفلاح إلا أن يهتم بشئون الزراعة فقط والدولة توفر له كل الاحتياجات اللازمة لعملية الزراعة من بذور وأسمدة.

أما الآن فقد فقدت مصر مصدرا رئيسا من مصادر الدخل القوى وهو القطن وهذا لم يات مصادفة فمنظمة الفساد التى كنا نعيشها وكشفتها ثورة 25 يناير كشفت انه كان هناك تعمد ونية مبيته لتدمير زراعة القطن فى مصر وبدأت باستيراد البذور الفاسدة التى قللت من المحصول الذى يجنيه الفلاح واستمرت حتى الوصل الى ارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات ومستلزماتها الزراعية وانخفاض سعر توريد قنطار القطن للجمعيات الزراعية والشئون الزراعية حتى وصل الفلاح الى جملة مفيدة مفادها ان زراعة القطن" خسارة...خسارة" .

" الدستور الالكترونى" رصدت بعض الآراء فى محاولة منها لمعرفة اسباب عزوف الفلاحين عن زراعة القطن هذا العام ولمعرفة الاسباب الحقيقية وراء انحسار زراعة القطن محاولين ايجاد الحلول الجذرية لإستعادة هذا الهرم الاقتصادى المصرى مرة أخرى .

فى البداية يقول مهندس  يونس سكر، :" لقد اصبح الفلاح مواطنا من الدرجة العاشرة فى هذا الوطن على الرغم من انه الوحيد الذى ظل ينتج دون توقف وسط الانفلات الامنى والاقتصادى التى صاحب ثورة 25 يناير ويضيف قائلا : بالنسبة للقطن كيف نقوم بزراعته وسط هذه التكاليف الضخمة من مبيدات واسمدة وبذور وايجار مرتفع وهل ياتى لنا بما يغطى تلك التكاليف".

ويضيف جمال زيدان – مزارع قائلا : "كنا نزرع القطن ايام البذور النظيفة التى كانت تجلب علينا الانتاج الغزير وكانت تكاليف مستلزمات الزراعة بسيطة اما الان فيكفى ايجار الفدان الذى وصل الى 4500 جنيه للفدان فى السنة وقال زيدان لقد اصبح الفلاح خادما لدى المالك الذى يكسب وهو نايم فى بيته ".

ويؤكد مبروك محمد فتحى العريان – انه يجب اولا اصلاح المنظمة الزراعية باكملها قبلمطالبة الفلاح بزراعة القطن بدءا من الجمعيات الزراعية ودورها السلبى فى عدم تقديم خدمات حقيقية للفلاحين فالجمعيات كان يسيطر عليها الحزب الوطنى المنحل ورجاله الفاسدون الذين يعملون الا لصالحهم الشخصية

ويشير العريان ان المشكلة الرئيسية تتلخص فى عدم اهتمام الدولة بالمزارع ومساعدته ومساندته وايضا تهميش زراعة القطن مما ادى الى حدوث الكثير من المشاكل للفلاح البسيط .

فيما يرى ابراهيم درويش أن تكاليف زراعة القطن مرتفعه جدا مما يجعل الفلاح عازفا عن زراعته فمن أين له بتكاليف زراعة القطن والاسمدة والمبيدات والرى و العمالة وغير ذلك من مستلزمات الزراعة .

ويضيف ان الدولة هى المسئولة عما يحدث الان من عزوف الفلاح عن زراعة القطن فأصبح ذلك المحصول زراعته مخيفة جدا لاى فلاح لسبيين الاول هو الغلاء الفاحش للسماد والثانى هو ان القطن اصبح يصعب تسويقه واصبح ايضا ارخص محصول موجود الآن  فارتفاع سعر الاسمدة يكلف الفلاح كثيرا وعند حصد المحصول يجد ثمنه رخيصا جدا وبالتالى يسبب له ولعائلته الخسارة الكبيرة.

ولذلك يقرر الفلاح عدم زراعته ففى العام الماضى عانى الفلاح الأمرين بسبب محصول القطن فبعد ان قامت الدولة باصدار اوامر بزراعة القطن وانها ستقوم بتسويقه وتأخذه من الفلاح بسعر 2000 جنيه   للقنطار ولكن كانت المهزلة التى حدثت بأن الدولة عزفت عن تسويق القطن بعد الوعود السابقة وبعد محاولات مع السادة المسئولين استلمت الدولة القطن 1130 جنيها وهو ايضا نفس السعر الذى كان يستلم به التاجر .

ويقول عبد المالك ميمون- مزارع  لقد سببت زراعة القطن لى خسائر كبيرة جدا لان القطن يحتاج الى مصاريف هائلة كشراء الاسمدة والمستلزمات من الخارج لان حصة دعمها من الجمعية الزراعية لا تكفى المحصول طوال العام وبذلك تضطرلشرائه من منافذ البيع الخارجية بأسعار مرتفعة جدا وبمعدل الضعف تقريبا وعند جمع محصول القطن نحتاج لافراد تقوم بجمعه حيث ان أجرة الفرد الواحد تصل الى 50 جنيها للفرد فمن سيقوم بزراعة القطن مرة ثانية ليخسر كل هذه الخسائر ولذلك اضطر الفلاحون العزوف عن زراعة القطن .

أضاف أن القطن كان الداعم للإقتصاد المصرى وعليه اقام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القلاع الصناعية فى كفر الدوار والمحلة هذه القلاع التى كنا نتباهى بها فى العالم و كانت تصدر المنسوجات الى جميع دول العالم وسط اقبال منقطع النظير على القطن المصرى طويل التيلة الذى كان يوفر للاقتصاد المصرى العملة الصعبة و السخاء والنماء والرخاء للوطن .

ويضيف مهندس  الصاوى حنفية   بالادارة المركزية للاقتصاد الزراعى بالبحيرة قائلا لقد كانت محافظة البحيرة من اكبر المحافظات زراعة للقطن حيث كانت تقوم بزراعة نحو 50 % من المساحة المنزرعة بمصر باكملها خاصة القطن طويل التيلة أنواع جيزة 88 ، 86 ولكن مع زيادة التكاليف وارتفاع اسعار المستلزمات الزراعية  بهذه الصورة المخيفة تراجع الفلاح عن زراعة القطن واخذ يبحث عن بديل أخر يستطيع من خلال توفير قيمة ايجار الأرض والعمالة وتكاليف الزراعة .

ويشير الى ان سياسة الدولة فى زراعة القطن سياسة خاطئة جعلت الفلاح كالحمار الذى يحمل الاسفار ولا يعرف ما بها فالقطن كان من اهم المحاصيل التى كانت تدر المال على الفلاح ولكن الان اصبح مصيبة كبرى بسبب غلاء تكلفته وانخفاض سعرة كما ان النظام السابق كان سبب رئيسى فىانهيار زراعة القطن فهذا كان مقصودا فهل أمريكا واسرائيل او أى عدو أخر بتقدم مصر وازدهارها من خلال زراعة القطن طويل التيلة الذى يوفر العملة الصعبة واذا انتقلنا الى الجانب الاخر نجد ان مسئولى الزراعة دائما يحملون لنا التصريحات دون حلول .

وطالب الصاوي بتوفير جميع مستلزمات القطن حتى نعيد مصر مرة ثانية لمكانتها الطبيعية فى صدارة دول العالم فى زراعة القطن وحذر من الاهمال الشديد وزراعة سلالات مر عليها عشرون عاما تقلل من انتاجية الفدان وعدم وجود دورة زراعية من عشر أعوام .

يذكر أن انتاج الفدان من القطن ينخفض من عام لاخر رغم وجود امهر المزارعين وهو الفلاح المصرى فقد انخفض الانتاج الى النصف تقريبا مما يهدد زراعة القطن فى مصر .

ويقول المهندس صحبى النشرتى مدير الادارة الزراعية بكوم حمادة

ان الحكومة الحالية تحاول ايجاد حلول وحوافز لتشجيع الفلاح على زراعة القطن عن طريق، إعطاء تصاريح للفلاحين بتوريد الاقطان فى حلقات التسويق عن طريق الادارات الزراعية فى جميع انحاء الجمهورية

مضيفا أن الدكتور صلاح عبد المؤمن وزير الزراعة أصدر أيضا القرار رقم 1502 لسنة 2012 بتحمل وزراة الزراعة لمبلغ 100 جنيه مائة  جنيه عن كل فدان من تكاليف مقاومة الأفات  لمحصول القطن.

وكذلك توفير مبيدات عن طريق وزراة الزراعة بأسعار مدعمة ولها قوة وفاعليه ومؤمنه الاستعمال بجميع الجهات الزراعية بخلاف ما كتان يحدث فى الاعوام الماضية من استخدام مبيدات منتهية الصلاحية وتوفير البذرة وقت الزراعة والصنف الموجود 88 عالى الانتاج والمساحة المنزرعة فى مركز كوم حمادة هى 141 فدان لعام 2012 فقط.

والتي كانت قبل عام 1990 تصل المساحة المنزرعة من ثمانية ألف الى عشرة آلاف فدان وانخفاض المساحة حاليا يرجع الى ارتفاع تكاليف زراعة القطن اضافة الى مشاكل التسويق وفىالعام الماضى 2011 تسلمت الحكومة القطن بناء على تعليمات رئيس الوزراء السابق وتم صرف ثمن القطن للمزارعين فور صدورها ولو حدثت تلك الانفراجة مبكرا لذادت المساحة المنزرعة هذا العام وهذا التزمت الحكومة بتسويق القطن حسب الأسعار العالمية فى السوقوهذا سيؤدى الى شعور الفلاح بالامان وستزيد المساحة المنزرعة فى العام القادم

الومطلوب حاليا سرعة اعلان الحكومة عن السعر الذى ستتسلم به القطن لان المزارعين فى حالة قلق وخوف .

يقول الحاج محمد عبد القادر – نقيب الفلاحين فبدأ كلامه  يمين يشترى القطن منى رغم ان مصر بها مساحات كبيرة لزراعة القطن والمحصول فى مخازن لا تجد من يشتريه والدولة بتستورد القطن والمطلوب وقف الاستيراد فورا والفلاح يعانى من عدم وجود سياسه تسعيريه للمحاصيل الاستيراتيجية منها القطن التى تهم الفلاح والمواطن ولابد من وجود تسعير قبل الزراعة بثلاثة شهور على الاقل حتى يتمكن الفلاح من تدبير أموره.

والمفترض انشاء وتفعيل صندوق موازنه لاسعار المحاصيل الاستراتيجية لان جمعية الاصلاح الزراعى تعانى من مشكلة عدم تسويق قطن العام السابق لمساحات ارض الاصلاح ولها ما يقرب من 150 مليون  جنيه لدى شركات تسويق القطن المخزن بمخازنها .

وطالب نقيب الفلاحين بوضع الفلاح على رأس جمعيات التسويق حتى يتمكن من اتخاذ قرار زراعة القطن من عدمه وباقى المحاصيل لانه الاقرب على تقييم المحصول لمعرفته بتكاليف الزراعة حتى الحصاد وهو الشريك الاصيل فىعملية الانتاج.

واضاف انه من غير المعقول ان المسئولين الجالسين فى مكاتبهم المغلقة المكيفة من رسم السياسة الزراعية بدون اشراك الفلاح الكادح فى كل اموره .

ويضيف سعيد سكران المدير الادارى بشركة الغزل والنسيج بكوم حمادة – ان من اسباب اتجاه المصانع لتشغيل اقطان مستوردة والعزوف عن تشغيل الاقطان المحلية يرجع لإاستمرار تسهيل استيراد الاقطان من الخارج من دول اليونان وروسيا وكوريا ودول اخرى افريقية حيثان الاقطان المستوردة اقل فى اسعارها عن اسعار الاقطان المحلية وتعطى نفس المواصفات الفنية تقريبا عند التشغيل، وإستمرار تدهور زراعة انواع الاقطان المحلية لعدم الاهتمام بتحديث السلالات.

كذلك معظم ماكينات الغزل فى القطاع العام مدلات قديمة مستوردة منذ اكثر من ثلاثون عام مما يؤدى الى انخفاض جودة الغزولعند تشغيل الاقطان المحلية وعدم قدرتها علىالمنافسة لتصدير هذه الخيوط المصنوعة من الاقطان المحلية .