رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الصيف.. وموسم ختان الإناث


هل يُلجم « الخجل « الألسنة والأقلام عند محاولة الحديث عن المسكوت عنه فى بعض الموروث ؛ سواء فى تراثنا الشعبى أو العقائدى ؟ والمسألة كلها لابد وأن تخضع للعقل والمنطق وتجارب التاريخ البعيد والقريب فى تقبُّل هذا أو ذاك دون تعصب أو تشنج لبعض من يستندون إلى «عنعنةٍ» متوارثة من بعض المجتهدين.
حملت فى طياتها انطباعاتهم الشخصية، والصيف هو موسم الختان فى مصرــولإيمانى العميق بأنه «لاحياء فى العلم أو الدين» فإننى سأحاول تلمُّس الخطى وبحذر ٍ محسوب فى محاولة الإدلاء بدلوى فى بئر مسألة «ختان الإناث» التى ثار حولها الكثير من الجدل بين مؤيدٍ ومعارض ولكل فريق من الفرق المتناحرة منطقه وأسانيده التى تقبل التأويل ؛ دون الوصول إلى حقيقة مؤكدة تحسم الخلاف رغم الاتفاق على أن «الطب» و«الأطباء» هم أصحاب الكلمة الفصل فى هذا النزاع الأزلى المعقَّـد، بصرف النظر عن وجوبيته عند من يستندون إلى بعض المتواتر من أحاديث الرسول «صلى الله عليه وسلم»، لمنع الضرر الواقع من حوادث النزيف الدموى الذى أودى بحياة الكثيرات على طول التاريخ.

ولكن لايُفتى والعلماء الأجلاء خاصة المعتدلين قد تركوا لنا تراثًا رائعًا من الآراء المستنيرة العاقلة التى نميل إلى الأخذ بها لما فيها الصالح العام للمجتمع وللمرأة بوجه خاص. لذا أتنحى بقلمى جانبًا لأترك الحديث لأولى العلم فى مراكز معتمدة للفتوى إذ قالوا: «خلا القرآن الكريم من أى نص يتضمن إشارة من قريب أو من بعيد عن ختان الإناث وليس هناك إجماع على حكم شرعى فيه». و»أن الأحاديث المنسوبة إلى النبى بآراء بعض العلماء القدامى والمعاصرين وأهل الاختصاص فى هذا المجال انتهوا إلى أن هذه المرويات ليس فيها دليل واحد صحيح السند. و«أن عملية ختان البنت هى عملية خاطئة جداً لأن المرأة المختونة لا يوجد لديها أى شهوة وكما تقول ذلك الدكتوره/ مكية يوسف : «من تزوج بامرأة مختونة كأنما تزوج بجدار أو حائط وأن الحائط لا شعور له ولا إحساس»، وفى كتاب «الغنية لطالبى طريق الحق» للعلامة الشيخ عبدالقادر الجيلانى - رحمه الله - وجدت هذا الحديث للرسول صلى الله عليه وسلم: «فضلت شهوة النساء على الرجال بتسعة وتسعين إلا أن الله تعالى ألقى عليهن الحياء»، والحكمة فى أن الله تعالى أعطى للمرأة هذه الشهوة العالية هى لمنفعة الرجل أولاً، ثم لمنفعة المرأة والأسرة والمجتمع حيث إن وجود هذه الشهوة المرتفعة لدى المرأة هى دافع قوى لها للزواج»!!

إذن تعالوا بنا لنتفق بقناعة تامة على أن ترك المرأة على طبيعتها التى خلقها الله عليها؛ هى أجدى وأنفع لعمار الكون واستمرارية للحرث والنسل، والله سبحانه وتعالى يعلم منذ الأزل كيف ينشىء الخلق فى بنيانهم وخلق البشر جميعًا على طراز ٍ واحد لايقبل التبديل والتشكيل والتعديل، مثلما يحدث فى العالم المعاصر من ابتكار لطرُز جديدة من كل الابتكارات التى تستخدم فى المنافع الإنسانية، فيطرأ عليها التعديل والتشكيل لتلاشى الأخطاء التى اكتشفت فى الطرُر القديمة، ولكن الله تعالى لعلمه جل شأنه بالمستقبل ؛ فخلق الإنسان على هذه الشاكلة فسبحانه يقول للشئ : كن.. فيكون!! فيكون «آدم» أبو البشرية وخلقت من ضلعه «حواء» ليهبطا إلى الأرض، ليتحقق قوله تعالى: «إنى جاعلُ ُ فى الأرض خليفة» !! فهل نقوم نحن اليوم بتشويه هذا الخليفة الذى ائتمنه الله على ملكه فى الأرض؟

وبرغم إعلان حكومتنا عن نيتها خفض عمليات الختان بحوالى 10-15 فى المائة خلال السنوات القادمة، فإن التقدم مازال بطيئا، وسط دعوات متواصلة من جميع المنظمات الدولية لإيقاف ممارسة هذه العمليات التى لا تقوم على أساس طبى أو دينى... هذا الموضوع أخطر من كثير من الهرتلة فى الأمور السياسية.. الثورة فى مصر هى ثورة اجتماعية فى المقام الاول ألا توافقونني؟!

أستاذ الدراسات اللغوية- أكاديمية الفنون