رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

30 مايو.. "السبت الحزين".. يوم أن ابتسم عبد الناصر

الزعيم الراحل جمال
الزعيم الراحل جمال عبد الناصر

30 مايو.. سجل هذا اليوم الابتسامة الأولى للزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد نكسة 1967، من خلال عملية فدائية بقيادة البطل "محمد التميمي" في ختام حرب الاستنزاف، نالت شهرة كبيرة أطلقت إسرائيل عليها "السبت الحزين".

عملية "السبت الحزين أو ما أطلق عليه كمين السبت الحزين" قام به أبطال الجيش المصري ثأراً لأطفال بحر البقر، أثناء حرب الاستنزاف، عندما شن الطيران الإسرائيلي هجومه على مدرسة بحر البقر الابتدائية، وأسفر العدوان عن قتل 30 طفلا، وإصابة 50 آخرين، وحينها قررت القيادة المصرية أن ترد الصاع صاعين إلى قوات الاحتلال.

نفذ هذا الكمين في منطقة رقبة الوزة شمال القنطرة حتى جنوب بورسعيد، واشتركت فيه مجموعة قتال من اللواء 135 مشاة ومجموعة قتال من الكتيبة 83 صاعقة، وحددت قيادة موحدة للقوتين، وعبرت هذه القوات ليلا واحتلت مواقعها لاصطياد مجموعات الإجازات للجنود الإسرائيليين.

وكانت قوافل الإمداد تتحرك تحت حماية جوية متواصلة وتحرسها المدرعات والعربات المصفحة، وفى عودتها تعود بجنود الإجازات، واستمرت عملية المراقبة لتحركات العدو مع دراسة الأرض لعدة أيام بدقة، حتى اتضح الموقف وأسلوب تحرك مجموعات الإمداد الإسرائيلي وموعد عودتها وطريقة تحركها وأسلوب حراستها.

وفى نهاية مايو 1970 قررت القيادة المصرية تنفيذ العملية اعتمادا على عنصر المفاجأة، إذ تم رصد مجموعة إسرائيلية مكونة من 4 دبابات، و4 عربات مدرعة، وحافلتي ركاب إجازات، عند تحركها شمالا من القنطرة.

وتم التخطيط للعملية المطلوبة بدقة، حيث تم تحديد منطقتي شمال القنطرة على مسافة 30 كم، وجنوب رأس العش لمسافة 14 كم كنقطتين للهجوم، وتم تخصيص كمين "رقم 1" للمنطقة الأولى، مكون من ثمانية أفراد من الكتيبة 83 صاعقة، وخصص للمنطقة الثانية كمينا آخر، مكونا من 21 فردا من لواء المشاة رقم 135 بقطاع بورسعيد.

وعبرت القوات في ليلة "29-30" من شهر مايو، واتخذت مواقعها مستفيدة من طبيعة الأرض والسواتر الترابية في شرق القناة، وظلت القوات تكمن في مواقعها في صمت وترقب تام لوصول قوات العدو المتحركة، ثم أفادت نقطة مراقبة في شمال القنطرة غرب بتحرك مجموعة الإمداد الإسرائيلية.

وقرر قائد الكتيبة "83 صاعقة" عدم التدخل ضد قوات العدو المتحركة، وهى في طريقها إلى الشمال، إلا إذا اكتشف أمره، مفضلا اشتباك قواتنا الخاصة "الكوماندوز" معهم حال العودة، إذ سيكون عنصر المفاجأة هنا أقوى، فسبق أن عبروا على هذه المنطقة دون أن يكون هناك ما يهدد أمنهم، أو هكذا بدا لقوات الاحتلال في حينه.

وبعد أن حدثت الاشتباكات مع الكمين رقم 2، التابع للواء مشاة عادت القوات الإسرائيلية مسرعة إلى حيث كانت، فمرت بمنطقة الكيلو 30، حيث يتخندق الكمين الأول دون حراك، ولم تشعر القوات المعادية إلا بالأبطال الثمانية ينقضون عليهم دون هوادة، وكان هول المفاجأة كبيرا، وأحدث ذعرا لا حدود له.

بلغت خسائر إسرائيل في هذا اليوم 35 قتيلا من عناصر جيش الدفاع، التابعين لسلاح المظلات، الذي كان يمثل أعلى مستوى تدريبي بالجيش الإسرائيلي حينئذ خلاف الجرحى والأسرى، ولم ينج من هذا الكمين سوى فرد واحد فقط يدعى "مائير" أخذته المجموعة معها، وهى عائدة إلى الضفة الغربية من قناة السويس.

وتحولت المنطقة من القنطرة وحتى رأس العش إلى جحيم من النيران، فظل طيران العدو يقذف المنطقة كلها بالقنابل حتى 1000 رطل لمدة سبعة أيام.

ونتج عنه تدمير في طريق بورسعيد والترعة الحلوة وبعض المنشآت المدنية، لكن الخسائر في الأفراد لا تذكر، وقال سامي شرف لم أشاهد الرئيس جمال عبد الناصر يضحك من يوم النكسة إلا في يوم السبت الحزين.

ولم يمهل القدر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر للكشف عن تفاصيل العملية بالكامل، وأعلن عنها الراحل أنور السادات، حيث قال في لقائه بعمال طنطا في يناير 1971: "8 أولاد من أولادي بس، عبروا القناة، وادولهم درس عمرهم ما هينسوه".

وفور أن أنهى الرئيس السادات خطابه، كانت وكالات الأنباء العالمية والمحلية تتناقل تفاصيل المعركة، التي وصفتها الصحافة الإسرائيلية في حينها بكمين "السبت الحزين".