رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خوفًا من سيناريو الخصخصة ..

خبراء يحذرون من إنشاء صندوق لإدارة أصول الدولة

المهندس إبراهيم محلب
المهندس إبراهيم محلب

انقسم خبراء الاقتصاد، حول إعلان المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء إنشاء صندوق سيادي لإدارة أصول الدولة، وهو ما شكل حالة من التخوف لعودة سيناريو الخصخصة من جديد، وذلك في ظل غموض الفكرة التي أعلن عنها "محلب" والتي أعادت للأذهان ما لحق بالقطاع العام من نكبات جراء مشروع الخصخصة الذي أطاح بالآلاف العمال.

البعض رأى أن الفكرة جيدة لوقف نزيف المال العام المهدر ووسيلة سريعة لتحقيق عوائد تساعد شركات القطاع العام المتعثرة ، بينما هاجم البعض الآخر القرار مؤكدين أن الفكرة ليس لها قيمة وستحقق فشلًا.

في البداية أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاجتماعية، أن فكرة إنشاء لجنة لإدارة أصول الدولة غير المستغلة تعظم المكاسب الحكومية من وراء تلك الأصول لتدر أكبر عوائد ممكنة على خزينة الدولة.

واستبعد الخبير الاقتصادي، أن تكون تلك الخطوة تمهيدا لاستئناف مشروع خصخصة القطاع العام، مشيرا إلى أن اللجنة ستعمل بعيدا عن القطاع الخاص، تقوم فقط بإجراء دراسات الجدوى للمشروعات الاقتصادية المقترحة وتعظيم العائد الاقتصادي وإعادة توظيف الأصول غير المستغلة سواء كانت أراضٍ أو مبانٍ أو مقرات وغيره.

وشدد على أن معيار نجاح اللجنة يتعلق بحسن اختيار مجلس إدارتها وأعضائها، على أن تضم كفاءات وخبراء متخصصين بعيدا عن المحسوبية والمجاملات، وعدم تكرار تجربة صندوق تحيا مصر أبان عهد رئيس الوزراء السابق الدكتور حازم الببلاوي الذي قام باختيار شعراء وإعلاميين أمثال أحمد فؤاد نجم وخيري رمضان ضمن أعضاء الصندوق دون أدنى اعتبار للتخصص والكفاءة كمعايير ضرورية لاختيار الأعضاء.

وعن أهم القطاعات التي تنتظر استغلال مواردها، قال الدكتور رشاد عبده، لن نستطيع تحديد القطاعات ذات الأولوية، نظرا لأن الأمر مرهون بما سيستند إليه المجلس من بيانات وأرقام وإحصاءات تمكنه من اتخاذ القرار السليم.

بينما هاجم الدكتور مصطفى النشرتي، أستاذ الاستثمار والتمويل بجامعة مصر الدولية، قرار إنشاء اللجنة، قائلا: إن قرار رئيس الوزراء بإنشاء لجنة لاستغلال أصول الدولة يختلف تماما عن فكر وتوجيهات الرئيس السيسي، ليؤكد عمليا أن الحكومة في واد والرئيس في واد آخر.

وأكد النشرتي أن الرئيس السيسي لن يسمح بإعادة مشروع الخصخصة من جديد، لاسيما مع توجيهاته من حين لآخر حول عدم التفريط في أصول الدولة وإيقاف بيع مصانع القطاع العام، بل على العكس أمر بإعادة هيكلة 150 شركة خاسرة من شركات القطاع العام لتشمل عملية إعادة الهيكلة إصلاح الخلل في الهياكل التمويلية وتطوير التكنولوجيا المستخدمة وإصلاح الخلل الإداري والتنظيمي واختيار قيادات جديدة للشركة وهو ما يتخلف تماما عن إدارة الأصول.

وأشار أستاذ التمويل إلى أن قرار إنشاء اللجنة ليس له قيمة وسيكون مصيره الفشل، ويتنافى مع السياسة التي وضعها الرئيس بإعادة هيكلة الشركات الخاسرة، مضيفا:" أي مشروع ترغب في فشله عليك بتشكيل لجنة لإدارته".

وتساءل قائلا:" لماذا الحاجة إلى تشكيل لجنة لإدارة الأصول، رغم أن كل وزير لديه أصول غير مستغلة في وزارته يستطيع إدارتها بالاستعانة بالعاملين داخل الوزارة؟".

وأكد النشرتي، أن القطاع العام لن يفيق من عثرته إلا من خلال وضع سياسة واضحة لإعادة هيكلته وتشكيل لجان الهيكلة، لتقييم أسباب التعثر لهذه الشركات ونقاط الضعف لها وإطلاق مرحلة إعادة الهيكلة وفق خطة زمنية من خلال تكليف شركات متخصصة في إعادة الهيكلة لدراسة أوضاع الشركات المتعثرة والاستعانة بخبراء متخصصين، مشيرا إلى أن ما حدث مع شركات التأمين فيما يتعلق بإعادة هيكلتها بعدما انقلبت إلى الاستغلال الأمثل لمواردها يعد تجربة ناجحة يجب أن يحتذى بها في سائر شركات القطاع العام.

فيما رأي الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها، إن إنشاء صندوق لإدارة أصول الدولة مدخل جديد لخصخصة ما بقي من ممتلكات الدولة، لافتا إلى أن الصناعة الوطنية قتلت بعد عصر الخصخصة، فالكثير من الشركات الوطنية بيعت للقطاع الخاص تحت مسمي التطوير والاستغلال الأمثل والنتيجة كانت عمالًا مشردين وانهيار الصناعات الوطنية وخسائر لا حصر لها لتلك الشركات والمصانع المملوكة للقطاع العام من قبل.

قال الدكتور محمود عبد الحي، مدير المعهد القومي للتخطيط سابقا، أن فكرة إنشاء صندوق سيادي تصلح فقط لاستثمار الأموال الفائضة مثلما هو معمول به في دول الخليج لاستثمار إيرادات البترول تحسبا للمرور بأي ظروف طارئة أو تعثرات مالية، لكنها لا تصلح لإدارة المشروعات الخاصة بمرافق الدولة.

وأضاف عبد الحي، أن إسناد مهمة استغلال أصول الدولة إلى صندوق سيادي يزيد من تعقيدات الروتين الحكومي وسلسلة الإجراءات المطلوبة بما يعرقل الاستفادة من الموارد، مشيرا إلى أنه لابد من إدارة الأصول وفقا للقواعد الاقتصادية المتعارف عليها في العالم مع إخضاعها لرقابة صارمة من جهه حكومية مختصة وفصلها مخصصاتها المالية عن الموازنة العامة حتي لا تؤثر سلبا.