رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

السيدة زينب في مصر ..

مسجد السيدة زينب
مسجد السيدة زينب

سأل عمرو بن سعيد والى المدينة السيدة زينب لماذا اخترت مصر ؟
فأجابته عليها السلام : ( لأكون وأنا في برزخي بعد سنين ستمضى ـ في شرف استـقبال رأس الحسين الذي سودتم تاريخكم بدمه الطاهر البريء )

والى المدينة سأل السيدة زينب هذاالسؤال بعدما بدأ يفقد القدرة على منع جانب من الصحابة والتابعين من الالتفاف حولها والمطالبة بالثأر من قتلة الحسين عليه السلام .. و كما ذكر ابن الأثير في الكامل و الأصفهاني في مقاتل الطالبيين :
(( فأراد أن يتدارك الأمور قبل أن تخرج من يده ، فأرسل إلى طاغيته يزيد بن معاوية ، يخبره بأمر السيدة زينب رضي الله عنها ، ويقول له :( إن وجودها بين أهل المدينة مهيج للخواطر ، وإنها فصيحة عاقلة لبيبة ، وقد عزمت هي ومن معها على القيام للأخذ بثأر الحسين ) فجاء أمر يزيد إلى واليه طاغيا باغيا : ( أن أخرج زينب من المدينة ، وفرق البقية الباقية من آلها في الأقطار والأمصار )) !!!

خروج السيدة زينب وبقية آل البيت من المدينة المنورة حقق نبوءة شريفة في قول رسول الله صل الله عليه وعلى آله وسلم في سنن ابن ماجة : ( إن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا )..وقد تحققت النبوءة الشريفة ووقع البلاء وتم تشريد آل البيت وطردهم من بلادهم وديارهم في الجزيرة العربية والشام .

تحقيق البلاء الخاص بأهل البيت أقترن بتحقيق بلاء خاص بأفراد الأمة الإسلامية جاء في نبوءة شريفة ثانية قال فيها صل الله عليه وعلى آله وسلم في فيض القدير : ( إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدى ) .
هذه النبوءة الشريفة تحققت ووقع البلاء الخاص بأفراد الأمة .. فمنهم من قاتل مع أهل البيت في معركة الجمل وصفين والنهروان واستشهد من أجلهم .. ومنهم من قاتلهم وقتلهم .. ومازال ابتلاء الأمة وامتحانها في آل بيت رسول الله مستمر من 14 قرن للآن.
فالشيعة أنكروا وجود السيدة زينب بنت علي في مصر .. حتى لا تكون مصر الدولة السنية مركز حب و جذب لأهل البيت .. لتظل بلادهم وعتباتهم المقدسة مركز تعاطف الناس مع أهل البيت والفكر الشيعي .
أما أهل السنة والجماعة ..ففيهم من تمسك بأهل البيت وبحبهم وزيارتهم . وفيهم الناكرين وجود السيدة زينب في مصر .. وفيهم من حرم زيارتها وزيارة قبور آل البيت بدعوى عدم شد الرحال .. وفيهم من أجاز هدم ونبش وحرق قبورهم الشريفة باسم التوحيد .

فابتلاء أفراد الأمة وامتحانهم في آل البيت مازال مستمر .. وسيظل مستمر ليحقق نبوءة شريفة ثالثة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في مستدرك الحاكم :( الود يتوارث والبغض يتوارث )..فالوراثة ممتدة عبر الأجيال ..جينات الود متوارثة وجينات البغض متوارثة ..الود الذي أظهره فرسان وشهداء الصحابة والتابعين في دفاعهم عن أهل البيت مازال يتوارثه أبنائهم جيلا بعد جيل .. والبغض الذي أظهره الصحابة والتابعين في قتال وقتل أهل البيت مازال يتوارثه أبنائهم جيلا بعد جيل .

ورثة البغض الناكرين وجود السيدة زينب في مصر زعموا أن آل البيت عليهم السلام لم يدخلوا مصر .. مازالوا يرددوا أقوال خالفت النصوص .. زعم بعضها أن مسجد السيدة زينب لا يضم جسدها الشريف لأنه لم يكن معروفا قبل القرن العاشر الهجري.. والبعض الآخر مازال يزعم أن مكان المسجد كان جزء من مجري النيل .

لكن بحمد الله أثبت بالدراسة والبحث وجود السيدة زينب بنت علي عليهما السلام في مصر ..وقدمت ذلك الإثبات في كتاب السيدة زينب بنت علي ضمن المجلد الثاني في كتاب آل البيت في الحديث الشريف .. ليكون إضافة على ما قدمه السادة العلماء في هذا الشأن .. ومن البحث عشرة أدلة أهديها لأهل الود دليلا بعد الآخر .

1ـ بالسند المرفوع إلى رقية بنت عقبة بن نافع الفهري قالت : (( كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر بعد المصيبة ، فتقدم إليها مسلمة بن مخلد وعبد الله بن الحارث وأبو عميرة المزني فعزاها مسلمة وبكى فبكت وبكى الحاضرون ..وقالت : ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) ثم احتملها إلى داره بالحمراء ، فأقامت بها أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً ، وتوفيت وشهدت جنازتها ، وصلى عليها مسلمة بن مخلد في جمع بالجامع ، ورجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها إلى الدار بوصيتها )) .

2ـ بالإسناد المرفوع إلى علي بن محمد بن عبد الله قال : لما دخلت مصر في سنة 45 سمعت عسامة المعافري يقول : حدثني عبد الملك بن سعيد الأنصاري قال : حدثني وهب بن سعيد الأوسي عن عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري قال :( رأيت زينب بنت علي بمصر بعد قدومها بأيام , فو الله ما رأيت مثلها ، وجهها كأنه شقة قمر ).

3ـ حدثني إسماعيل بن محمد البصري – عابد مصر ونزيلها – قال : حدثني حمزة المكفوف قال : أخبرني الشريف أبو عبد الله القرشي قال : سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيد الله بن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري تقول : ( توفيت زينب بنت علي عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة 62 من الهجرة ، وشهدت جنازتها ودفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى ، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ).

4ـ في النص رقم 1600 : بالإسناد المذكور مرفوعاً إلى عبيد الله بن أبي رافع قال: سمعت محمداً أبا القاسم ابن علي يقول: ( لما قدمت زينب بنت عليّ من الشام إلى المدينة مع النساء و الصبيان ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والي المدينة من قبَل يزيد، فكتب إلى يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة، فكتب له بذلك فجهزها هي و من أراد السفر معها من نساء بني هاشم إلى مصر ، فقدمتها لأيام بقيت من رجب ) .

5ـ في النص رقم 1603: (( أنها بعد أن سيرت إلى الشام ، ثم للمدينة ـ ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والى المدينة من قبل يزيد ، فأستصدر أمر يزيد بنقلها إلى المدينة ، فنقلت منها إلى مصر ، فدخلتها ـ وكان والى مصر هو مسلمة بن مخلد ـ وكان دخولها في أول شعبان سنة 61 هـ ، فأقامت بها مدة 11( أحد عشر شهرا ) ، ونحو عشرة أيام ـ من شعبان سنة 61 هـ إلى رجب سنة 62 هـ ، وتوفيت يوم الأحد مساء لأربعة عشر يوما مضت من رجب من السنة المذكورة ـ بموضع يقال له ( الحمراء القصوى ) ، حيث بساتين الزهري )).

6ـ النص رقم 1609 : ( ذكر الحافظ ابن عساكر الدمشقي مؤرخ القرن السادس الهجري في تاريخه الكبير المحفوظ بالمكتبة الخالدية بدمشق ، وأيضا المؤرخ ابن طولون الدمشقي في رسالة مستقلة : وجود السيدة زينب رضي الله عنها في مصر ، وكذلك ذكر ذلك أبو عبد الله الكوهن الفاسي في رحلة الرحالة التي عملها في أواخر القرن الرابع الهجري ).

7ـ النص رقم 1613 ـ رسالة للعبيدلى الحسن بن يحيى بن جعفر الحجة بن عون الله الأعرج بن الحسين الأصغر بن علي زين العابدين بن الحسين بن على ابن أبى طالب رضي الله عنهم والمولود سنة 214 هـ بالعقيق بأرض الحجاز بقصر ابن عاصم ، والمتوفى بمكة سنة 277 هـ أسماها مؤلفها المذكور( أخبار الزينبات ) ..وقد ذكر في هذه الرسالة كل من سميت زينب من آل البيت وغيرهم فترجم لزينب هذه الكبرى ـ أنها بعد أن سيرت إلى الشام ، ثم للمدينة ـ ثارت فتنة بينها وبين عمرو بن سعيد الأشدق والى المدينة من قبل يزيد ، فأستصدر أمر يزيد بنقلها إلى المدينة ، فنقلت منها إلى مصر ، فدخلتها ـ وكان والى مصر هو مسلمة بن مخلد ـ وكان دخولها في أول شعبان سنة 61 هـ ، فأقامت بها مدة 11( أحد عشر شهرا ) ، ونحو عشرة أيام ـ من شعبان سنة 61 هـ إلى رجب سنة 62 هـ ، وتوفيت يوم الأحد مساء لأربعة عشر يوما مضت من رجب من السنة المذكورة ـ بموضع يقال له ( الحمراء القصوى ) ، حيث بساتين الزهري .

8ـ النص رقم 1616: ( دفنت رضي الله عنها بمحل سكناها الذي أقيم عليه مسجدها المعروف الآن بالقاهرة )

9ـ حدثني أبي عن أبيه عن جدي عن محمد بن عبد الله عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن الحسن بن الحسن قال : ( لما خرجت عمتي زينب من المدينة خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عم الحسين وأختها سكينة ) .

10ـ النص 1610 ـ (( اختارت ( عليها السلام ) مصر لما علمت حب أهلها وواليها لأهل البيت فدخلتها أوائل شعبان سنة ( 61 ) من الهجرة ، ومعها فاطمة وسكينة وعلي أبناء الحسين ، واستقبلها أهل مصر في بلبيس بكاه معزين ، واحتملها والى مصر( مسلمة بن مخلد ) الأنصاري إلى داره بالحمراء القصوى ،عند بساتين الزهري ، وكانت هذه المنطقة تسمى ( قنطرة السباع ) نسبة إلى القنطرة التي كانت على ( الخليج المصري ) وقتئذ فأقامت بهذه الدار أقل من عام عابدة زاهدة تفقه الناس وتفيض عليهم من أنوار النبوة ، وشرائف المعارف والبركات والإمداد ، حيث توفيت في مساء الأحد ( 15 من رجب سنة 62 هـ ) ودفنت بمخدعها وحجرتها من دار ( مسلمة ) التي أصبحت قبتها في مسجدها المعروف الآن )).

فبفضل الله ثبت وجود السيدة زينب بنت علي في مصر منذ القرن الهجري الأول ، وثبت أن مسجدها الحالي في البقعة التي تشرفت بضم الجسد الشريف لم تكن مجري لنهر النيل إنما كانت قصر الوالي المطل على الخليج المصري .

فهي عليها السلام بعد وقعة كربلاء خرجت من الشام إلى المدينة المنورة ثم خرجت من المدينة بأمر يزيد ابن معاوية ابن أبو سفيان ففارقته وفارقت الجزيرة العربية والشام إلى مصر أوائل شعبان سنة 61 من الهجرة .. ومعها بنات أخيها الحسين السيدة فاطمة والسيدة سكينة ومولانا على زين العابدين طفلا ، ليستقبلهم أهل مصر مع واليهم مسيلمة بن مخلد الأنصاري .. ويحملوها وأولاد أخيها على الأعناق إلى دار الوالي بالقاهرة على الخليج المصري عند قنطرة الخليج والتي كانت تسمي قنطرة السباع لأنها كانت مزينة من جوانبها بسباع منحوتة من الحجر ولما ردم الجزء الذي عليه القنطرة من الخليج زالت القنطرة وظهر مسجد السيدة زينب بجماله وجلاله يعلن عن وجود السيدة زينب في مصر .

باحث إسلامي ـ علاء أبو حقه