رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تجربتي في واقعة سرقة السيارة (رجاء الحذر من الجميع)

جريدة الدستور


استيقظت في ساعة الشروق مفزوعا على آمر لم أعلمه،أرهق منامي السكين قمت قاصدا شرفت الغرفة ،ليستقرا ناظري في غفلة على أمر جلل ليس بالهين،إذا السيارة لم تكن حاضرة في موضعها أسفل المنزل،صدمني الذهول حتى كدت أن أفقد التعبير،وهرولت جاهدا قسم الشرطة أبلغ السرقة.، بحفاوة وعلى الفور هاتف ضابط المباحث معاونيه بالواقعة وقال سجل ذلك رسميا ثم أبلغنا به لكتابة البيانات ولا تقلق رجالنا لاينا مون الليل،لكن عليك الإسراع باتخاذ اللازم من عمل نشرة عامة بمدرية الأمن وإحضار جواب للمرور بالتحفظ على ملف ترخيص المركبة لضبط كل من يتعامل معه لحين إشعار أخر،وهذا ما تم وكنت على موعد بحسن الاستقبال والمساعدة من الجميع مدنين كانوا أو عسكريين، ثم طال على ضالتي الوقت حتى أصابني الإحباط الحاد والتدني النفسي،جعلني لا أقدر على عمل ولا أستقر في شيء، ما ألزمني الاعتزال والسكون الجبري بعيدا عن الاختلاط والمداومة قاصدا التضرع إلى الله لكشف الفرج.،وبادرت بعمل نشرة ذاتية بصورة السيارة وبياناتها مصحوبة بمكافئة مجزية لمن يرشدني عليها بالصفحات المختصة بموقع التواصل الاجتماعي،إذا بتعليق من شخص واضع صور ابتهالات دعوية على حساب ستارا له و ليست لديه هوية عن شخصه يخاطبني علمه بمكان هذه السيارة بجوار أحدى أقسام الشرطة،ومن ثم بادر معي الحديث وأرسل طلب إضافة لحسابي وقام بالإطلاع على بياناتي وصوري الشخصية،وهاتفني صوتيا وكان أسلوبه يملئه الاستجواب عن مكان فقدها والتشكيك على صواب شخصها وفي آخر مقاله قال مؤكد سوف يقوم أحدهم بالتواصل معك،ما جعلني أتهيئ للذهاب بنفسي منفردا إلى الموقع المذكور لأتحرى الدقة والسؤال عنها وسط المارة والسكان لعلي أجدها.،من وقته وساعته جائني هاتف لمعاون المباحث يخاطبني بالسلام والتحية،ويطمئن عن حالي يريد معرفة إن كان أحدهم ساومني على السيارة،فشكرته على اهتمامه وقلت هذا ما أيقنت فيكم من أخلاص وأمانة،قال أشكرك هذا واجبنا ولا نحمد عليه،فحدثته عما جاء لي من معلومة تفيد بتواجد سيارة شبيهة في مكان ما فعلي الذهاب للتآكد،قال أحسنت التصرف موفق بأذن الله،ثم سئلته عن جديد كان لديه قال بلاغات السرقة في تزايد ونحن نعمل في صمت وقريبا تجد مايسرك لكن نريد مساعدتك في أي خيط يصلنا للجناة وعليك متابعتنا في أي اتصال ومعلومة تجدها أمامك فصادقة على ذلك.،ثم أنتقلت إلى الموقع المذكور أسترشد الأمر وأتفقد الأماكن لعل يطمئن قلبي ويفيق خاطري مما أنا فيه من حالة لاتسر،إلي أن أدهمني المجهود بالجلوس على مقهى لأسترح قليلا بشرب عصير الليمون لأستأنف البحث حتى حين،مخاطبا الحضور عن الأمر سائلهم عنها فما كان الرد منهم سوى مرافقتي من جديد للبحث حاملين الشهامة بالقلب والعصي بالأيد ولم نجد شيا فأشار أحدهم إلي شخص يعمل بالقسم يجلس بالجوار وحاكى له الأمر ،فأسترسل نظراته إلي حادقا متعجبا وقال كيف لك أن تأتي منفردا لأمرا كهذا، في ملامحك الوقار والبراءة تهوينك للأمور يجعل منك ضحية للمجرمين عديما الإحساس والضمير أعطني بيانات السيارة وتعال معي قسم الشرطة لأرشدك الصواب ،عند الوصول استقبلت البشرى والمساعدة من الجميع و جلست لشرب كوب من الشاي ترحيبا واستضافة من صانعه،ثم صادقني الكريم بالقول والفعل إلى أن أشار الحديث شهداء ومصابي الشرطة وهم شباب مقتبل العمر لطم ذويهم لأمانتهم وجهدهم النبيل ،في مكافحة صنع المجرمين لا هدف ولا مسوي لهم سوى الخروج عن المألوف،فما كان من كل صادق محب أن يحمل أكاليل العرفان القدير، والتقدير لكل دور مخلص أمين راعي مكانته حريصا على وطنه وعمله رؤف رحيم،ثم نصحني بالمتابعة والسؤال في قسم آخر قريب ،ولما أقتربت من المقصود صادفني باليمين رجل رب تجارة ،بسؤاله عن القسم أكرمني بالضيافة وأحضر لي المأكول والمشروب وحادثني في أمر العامة وطرائف الخلق، ثم سألني إن كان لدى معرفة خاصة بالقسم الذي أقصده ،قلت له جميعنا معارف يكفيني حسن ضيافتك، هاتف معارفه قائلا لدى صديق عزيز في حاجة وسؤال رجاء التوصية ومتابعة أمره وهو ذاهب إليكم الآن،وكان ردي إليه حسن الوصف،انه يكرم عابر السبيل ويطعم المسكين ويقضي حاجة السائل الفقير، وما أن قصدت المراد إلا ونلت الغرض بطيب المساعدة والنصائح من العاملون بالقسم،وبعد عدة أيام جاءني اتصال من رقم غير معلم وعند الرد قال سائل أنت صاحب السيارة ماركة كذا،قلت له أهلا انتظر مكالمتك كيف حالك؟ تخبط بالرد ثم قال نريد سبعة آلاف جنية قلت كيف لشاب في مقتبل العمر أن يدخر مبلغ كهذا وكثيرا منا يعمل في ضغط12ساعة في مقابل ألف جنية فقط لا يكفي به سد حاجة فرد ،قال لا دخل لي في ذلك قمت بشراء السيارة من سارقها وأنت تدفع ثمن شراء سيارتك من جديد،قلت له أشكرك على حسن تقديرك وسؤالك بمالكها ،وأود أن أوضح لك أمرا سعر هذه السيارة في إي دول الجوار لا يتعدى الآلف وما تعدى سعرها إلا بإضافة الجمارك للترخيص،الله وحدة يعلم كيف منا عليا بها ولم يكن لنا حسبان فيها أو تفكير،فلك آجرا عند الله لأمانتك لها وسؤالك عنى، ولك عندي آجرة لا أختلف معك فيها سوى بمقدارها وهو ألف جنية كل ما أقدر عليه لأعطيه لك ،لا ضرر ولا ضرار ولك من الوقت حرية التدبر ،ولم يمر على هذا العرض يومين وإذا يعاود الاتصال مرارا وتكرارا يلح على الزيادة ويطلب المزيد،مبررا فعل الخير بتوزيع المبلغ على رفقته ولايريد مني شيء ،وافقته زيادة المبلغ بشرط طيلة من الوقت لأدبره وكان ألف وخمسمائة جنية ، وذكرته بأن المال ليس بالوسيلة أو الغاية أمام كل مجتهد ولا يوجد أغلى من الإنسان بين الخلق وخالقه،قال أعطني وقت لأستعد ولا تبوح لأحد موعدنا ولا تقول شيء عنا فلمبلغ ليس بالكثير حتى نتكلم عنه، عزمت على الله وتوكلت إلي اللقاء في المعاد المتفق وهو يهاتفني بين خطوة ومقدار يرشدني على مكانه بقدر، في خروجي بمحطة القطار لاحظت شاب أسمر البشرة في العقد الثاني من العمر يحمل هاتف مميز ترمح عيناه مضطربتا يمينا ويسار،وعند إصابة نظراته لي استقرت لحظات ،أدركته بنظرة ثاقبة جعلته يستدير إلى الخلف فعلمت بأنني مرصود،هاتفت المتصل لأعرف مكانه قال عليك الذهاب إلي المكان الفلاني ،وعند سؤال سائق عن المكان المذكور قال منطقة يقطن أهلها على مياه الصرف والنفايات وغير تابعة لشرطة أو خدمات ويكثرها السطو المسلح لأنها ملاذ أمن للهاربين محترفي الإجرام، في ذاك اللحظة هاتفني صديق قريب عرضت عليه الأمر فأمنع حماسي الزائد بالتصعيد والترهيب ، وطلب مني الانسحاب قلت له المواقف تكسبك حقيقة نفسك ومعرفة الآخرين ،وان أردت مرافقتي ليكن من بعيد أود معايشة الواقع و صممت الذهاب لعل الأمر خيرا، انتقلت بمحض أرادتي إلي الموقع المذكور أتابع الأمر هاتفيا مع طالبي الحضور،طلب مني النزول على الطريق أمشي منفردا على اليمين لأتجاوز نقطتين أمن لأصل لسلم يؤدي إلى نفق أسفل الطريق،وعند الارتكاز لاحظت على بعد أمتار شخص في العقد الرابع من العمر يحمل نفس الهاتف الذي كان يحمله الآخر المنتظر بمحطة القطار،وعند اقترابي منه على بعد مسافة حامت نظراته لي بالصعود والهبوط ترصد كل ما يخصني من ملامح ولباس وطباع،وبدئ عليه الشك مما أنا عليه من لباس متواضع بسيط و ما أطلع عليه سابقا من معلومات صورت له التمكن والجسور، ثم هاتفنى الشخص اللحيح وطلب منى النزول على السلم لأصل إلى النفق أضع النقود بسيارة تركد هناك، رديت عليه طلبه بمشاهدة سيارتي أولا عين الجوار وإحضار من بالأسفل لأخذ النقود مني وعيني لاتزال تتابع الشخص الأمامي من بعيد وهو يسمع حواري ونظراته علي لاتغيب ، حتى أقلقه التعامل معي لما بدئ له من ثقة عاليه بالنفس ،فأراد إشهار سلاح ناري بحوزته تجاهي ليكسر به عزيمتي ،فما زاد مني إلا إسرارا وجرأة جعلته يهاتف من معه يطلب مزيد من الأنفار بجواره، بلحظات أجتمع له ثلاث أشخاص وجوههم قاحطة الأمل والوعيد، في سيارة كان يقودها فتى القطار ومعه شخصان، واحدا بدين الجسد وآخر رفيع البدن يحفزا بعضهم الآخر،الآن أنكشف أمامي من كانوا في انتظاري بالأسفل وشاهدتهم رأى العين،فجأة مرت من أمامي فتاة قاصدة النزول على السلم فرافقتها إلى أسفل أنتظرهم للمواجهة ، فلم يأتي ألي أحد فانتقلت للبحث عن السيارة الراكدة بالأسفل فلم أجدا شيء ، ثم جائنى اتصال من صديقي القريب يسألني عن موقعي فأجبته بأنني في النفق أبحث عن السيارة فوبخني قائلا لا يوجد شيئ نحن معك الآن عليك بالصعود مسرعا، فلما صعدت وجدتهم أصدقاء كرام جاءوني العتاب على حسن ظني بالجميع ،ثم هاتفني الشخص الغريب وهو في رعب شديد يقول أنت لا تستأمنني كيف أتو معك كل هؤلاء الرجال وأنا أنتظرك منفردا، سيارتك لا تلزمني وسأرميها لك على الطريق ،قلت له السيارة لست بحوزتك ولا تقدر على سرقة دراجة ،أشهد لك بالذكاء والتدبير ولكن تفكيرك هذا في غير موضعه وناتجة أما السجن أو القتل وان سترك الله يوما خازلك أمرك ولن يناصرك فيه قريب يومها أو معين ،فضلا عما يصنعه عملك من جرحى أو مفقودين أتقى الله يا عبد الله وأسلك طريق الصواب تجد منه المعين فلم يستطيع الرد وغلق الهاتف ،قال لي أصدقائي هؤلاء اللصوص أرادوا تغفيلك والنيل منك ولا يعني لهم آذ تركوك جريحا أو مقتولا في مقابل المبلغ الذي معك ، ،وسبحان الله ما كانت تلك المقامرة إلا صدمة ودرس أضاف لشخصي الكثير وما كان لدي من قوة وعزيمة وصبر إلا إيماني بالقدر والرضي بالقضاء والحمد لله رب العالمين ونسأل الله أن يهدي الجميع ويرد ضالة الفقيد.