رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«هنية» ضيع القضية


منذ أن استقل «هنية» بغزة لإقامة إمارته الإسلامية، لم يكن لديه بعد نظر فترك الضفة الغربية لمصيرها المحتوم ولتلتهمها إسرائيل، وكما انقسمت الأراضى الفلسطينية إلى ضفة وغزة، أصبحت الساحة الفلسطنية تتقاسمها تيارات مختلفة وافتقدت للحوارالوطنى الموحد، وأصبح الشعب الفلسطينى يعانى اضطهاد الاحتلال الإسرائيلى فى الداخل، وألم الشتات فى الخارج، ولم يهتم هنية بوضع المسجد الأقصى ولا أعداد الفلسطينية بالضفة الغربية فهم أتباع «أبو مازن»، وقامت إسرائيل بدورها بعد أن مهد «هنية» لها الطريق لالتهام الضفة الغربية، فأسرعت بهدم بيوت الفلسطينيين لإقامة المستوطنات الإسرائيلية، كما أعماه هدفه الشخصى عن عودة الفلسطينيين من الشتات، وبدأ العد التنازلى منذ هذا الاستقلال الغزاوى فى تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما خططت له إسرائيل عندما دفست دولتها بجسم العالم العربى، وهذا يذكرنا بالقصة المعروفة للأعرابى والجمل الذى تمسكن فتمكن، وأصبحت اسرائيل ميكروباً سريع الانتشار، نتيجة اعتلال الجسم العربى والعوامل الخارجية المساعدة على هذا التوسع الميكروبى الإسرائيلى وبمساعدة حليفها العم «سام» نجحت إسرائيل فى تحقيق هدفها، وللأسف فلم يدرك أغلبية المتصدرين للقضية كيفية التعامل للقضاء على هذا الميكروب فى بدايته. ربما كانت المهمة أسهل، بل عمل بعضهم على ازدياد الانتشار الميكروبى، ومنهم «هنية» فهو أصلح شخص ينفذ سياسة إسرائيل تجاه مصر، و يعلم كما علمته إسرائيل أن مصر هى العقبة الوحيدة لتحقيق حلم الامتداد الإسرائيلى من النيل إلى الفرات، واذا كانت أمريكا تكفلت بامتداد إسرائيل للفرات، فوقع على هنية عبء امتداد إسرائيل للنيل، فأول خطوة هو توسع إمارة غزة على حساب شبه جزيرة سيناء المصرية، ونسى أن غزة كانت قطاعاً تابعاً لمصر منذ وقت قريب وما قدمته مصر له من مختلف التضحيات، وكانت مصر تتولى الإدارة الكاملة للقطاع فى جميع الشئون ومن أهمها الشئون التعليمية لجميع المراحل التعليمية،وفتحت الكليات الجامعية للفلسطينيين وتم معاملتهم معاملة الطلاب المصريين، والتاريخ شاهد على ذلك، ولن أبالغ إذا قلت إن أغلب النخب المتعلمة على الساحة الفلسطينية من خريجى الجامعات المصرية. والمثل الحى على ذلك هو الراحل «ياسر عرفات» خريج هندسة القاهرة. يدعى «هنية» أنه وأنصاره يتصدرون جبهة المقاومة، فما مظاهرالمقاومة هذه؟ وإذا كان صادقاً فى ذلك، فلماذا تركته إسرائيل يتمتع بالحياة الهنية فى غزة؟ ولماذا لم يتم تصفيته كبقية الزعماء الفلسطينيين الوطنيين؟ فالزعيم الحق هو الضمير الحى للأمة والذى يعمل دون كلل أو ملل وليل نهار من أجل تحرير كل الأراضى الفلسطينية، وبعد أن يتم هذا التحرير، يأتى دور توزيع الغنائم، وهذا ما أدى لنجاح جميع الحركات التحريرية على مدار التاريخ، وختاماً فلنذكر «هنية» والذكرى تنفع المؤمنين، أنه منذ عام 1948، ومصر تتحمل العبء الأكبر من ملفات هذه القضية، على جميع المستويات ومن أخطرها المستوى الحربى أو الدبلوماسى.

عضو اتحاد المؤرخين العرب