رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلى يكتب... جراح ملك

فتوح الشاذلى
فتوح الشاذلى

بالقرارات الأخيرة التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز يكون قد أكمل القرارات التي بدأها في الساعات الأولى لتوليه حكم المملكة، وطبقا للأوامر الملكية الأخيرة -والسابقة عليها- يكون الملك سلمان هو آخر حكام المملكة من أبناء الملك المؤسس عبد العزيز، ويكون أيضا هو المؤسس الجديد الذي أسس في 100 يوم مستقبل المملكة لـ100 عام.
سمعنا عن الملك سلمان أنه حكيم الأسرة المالكة، وأنه أمين سر العائلة ورئيس مجلسها، وهو الذي يحكم بينهم ولا معقب لحكمه في خلافات الأمراء.

وقالوا عن الرجل إنه يحب الحق والخير معا، وعنده وازع ديني مختلف عن بقية أفراد الأسرة المالكة، وربما كان لتخرجه في مدرسة الشيخ عبد الله الخياط إمام وخطيب المسجد الحرام وإتمامه حفظ القرآن وعمره 10 سنوات أثر في ذلك، وتوقفت وسائل الإعلام الغربية عند هذا المحور، وقالت إن الدين سيكون له دور أكبر في السعودية في عهد الملك سلمان.
أما دور الرجل في العمل العام والمعترك السياسي فقد بدأ عام 54 عندما تولي إمارة منطقة الرياض، وكان مقربا من الملك فهد رحمه الله وساعد على هذا القرب كون فهد وسلمان ينتميان للجناح السديري في المملكة وهو الجناح الذي يضم سبعة أشقاء من أم واحدة وهي الأميرة حصة بنت أحمد السديري التي لقبت «بأم المساكين».
وكان سلمان يشارك بالرأي في مختلف القضايا السياسية في عهد شقيقه الراحل الملك فهد طيب الله ثراه، وساهمت تلك الفترة في تكوين خبرات الملك الجديد.. وفي لمسة وفاء للملك فهد قال الملك سلمان في خطاب له منذ أسابيع لقد تربيت منذ صغري تحت مظلة ورعاية أبي الثاني الملك فهد.
وعندما ظل الملك سلمان أميرا للرياض سنوات طويلة..  كانت بصماته واضحة وجعل منها مدينة من أجمل مدن العالم حتي أطلقوا عليه وقتها أنه «الملك في الظل»، وكانت الرياض بالنسبة له الوطن والتاريخ..  الماضي والحاضر..  المستقبل والأمل.
وسمعنا عن سلمان، أنه كان مثالا للوفاء..  فقد كان وفيا للإنسان والأرض..  فعن الأرض قال عن الرياض التي  عشقها «عندما أغيب عنها أظل أتخيلها.. شوارها..  حدائقها..  كل شئونها..  أشعر بأنني موجود في كل زاوية من زواياها»..
أما الوفاء للإنسان فقد تجسد في ملازمته لإخوته الملك عبد الله والملك خالد والملك سلطان والأمير نايف في مرضهم..  فكان أنيسا لهم في وحشة المرض، جليسا على راحتهم حتى لحظات الوداع.
هذا ما سمعناه وعرفناه عن الرجل في الماضي.. أما في الحاضر  وتحديدا في الآونة الأخيرة فما وصل إلى مسامعنا كان شيئا آخر مختلفا لا يتطابق أبدا مع ما عرفناه وعهدناه في الماضي..  سمعنا عن الرجل أنه مريض وتم ترديد هذا الكلام كثيرا من قبل بعض وسائل الإعلام بطريقة ممنهجة ومغرضة.. صحيح أن التناول كان على استحياء لكنه حدث.
أجروا تغييرات واسعة ورتبوا لأوضاع مستقبلية بعيدا عنه.
التزم الرجل الصمت وهو يعلم أن هذا الصمت ربما يغري ضعاف النفوس في التمادي وهو ما حدث بالفعل.. كتم الرجل أحزانه ولملم جراحه، وترك الألسنة تلوكه دون أن يخرسها .. ربما لأنه كان لا يريد أن يعجل بالصدام مع المتآمرين عليه، خاصة أنه يعرفهم جيدا ويعرف ماذا يريدون وإلى أي شيء يخططون.. وكانت تلك أولى خطوات سلمان في التأسيس لحقبة جديدة من عمر المملكة.