رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعرّف على "بك السينما المصرية" في 10 نقاط

العظيم سليمان نجيب
العظيم سليمان نجيب

"آه لو كنت خدت الوصل" ذَكِّر أحداً بالعظيم سليمان نجيب، يذكُر لك في الغالب هذه الجملة، التي جاءت على لسان شخصية حسونة التي لعبها في فيلم الآنسة حنفي إنتاج عام 1954.

مناسبة الجملة في الفيلم أن حسونة دفع ثمن الحصول على لقب بك، لكنه نسي أن يأخذ وصلاً بالمبلغ فظل أفندي، وخارج الفيلم جُرّد أيضاً سليمان بك نجيب من لقبه بقرار مجلس قيادة الثورة الشهير الصادر في الرابع من سبتمبر عام 1952 بإلغاء الألقاب المدنية والعسكرية.

لكن ظل الجميع ممن يعرفون هذا الإنسان النبيل يُصرون على مناداته بسليمان بك، فهيا بنا نتعرّف على بك السينما المصرية في 10 نقاط:

1- ولد في 21 يونيو 1892 لأسرة أرستقراطية، والده الأديب مصطفى نجيب، والدته شخصية محافظة، فهي أخت أحمد زيوار باشا رئيس وزراء مصر.

2- من المعلومات غير المتداولة عن والد سليمان نجيب، أنه هو من قام بتربية زكي رستم، وهذا يفسر صداقة العمر القوية جداً التي جمعت بين سليمان نجيب وزكي رستم.

3- شغف سليمان نجيب الوحيد في حياته هو التمثيل “التمثيل وبس”، عُرف عنه هذا منذ كان طالباً في المدرسة الابتدائية بدرب الجماميز في حي السيدة زينب، هذا الشغف أغناه حتى عن الزواج كما أغنى رفيق روحه زكي رستم أيضاً، وكلاهما كان ذو موهبة لا تتمتع نفسك بمثيلاتها إلا مرات محدودة في العمر.

سليمان نجيب ممثل سابق للأزمان ونظريات وتقنيات التمثيل الحديثة بعفوية وبساطة وتواضع، كأنه يشرب الماء أو يأكل سلطانية زبادي على العشاء حتى ينام خفيفاً.

4- من أسباب عدم زواجه، رأيه السلبي في فكرة الزواج في حد ذاتها وحتمية فشل العلاقة السري أو المعلن في صورة طلاق، وخوفه من إنجاب أبناء لا يستطيع تربيتهم ورعايتهم كما ينبغي، أو يعانون الفقر أثناء حياته أو من بعده.

5- بعد تخرجه من كلية الحقوق انضم إلى جمعية أنصار التمثيل، لكنه بعد فترة خلع روب المحامي وانضم إلى فرقة عبد الرحمن رشدي وفرقة الشيخ سلامة حجازي، لم تتحمل أمه ذلك، وتحت ضغط حبه لها ترك التمثيل وعمل في وظائف مرموقة في وزراتي الأوقاف والعدل، صار سكرتير وزارة العدل، وبعدها قنصل مصر في سفارتها بعاصمة تركيا إسطنبول، ولم يعد للتمثيل مرة أخرى حتى توفيت والدته احتراماً منه لعهده معها. ومثل هذا الفنان الفذ على المسرح 40 مسرحية، وللسينما 54 فيلماً.

6- كان سليمان نجيب متعدد المواهب، إذ شارك إلى جانب التمثيل، في كتابة 8 أفلام منها: البيت الكبير والوردة البيضاء، وأخرج فيلماً واحداً اسمه جمال مدكور عام 1942، لم أجد عنه أي معلومات، كما أنتج الفيلم القصير الجميل استديو مصر، أما معلومة أنه عمل ضمن طاقم التصوير في فيلم كلمة الحق فهي غير صحيحة ويمكن الرجوع لـ تتر الفيلم.

7- سليمان نجيب هو أول مدير مصري لدار الأوبرا المصرية تحديداً عام 1938، وتنقل الصفحة الرسمية للملك فاروق على فيس بوك هذين الموقفين:

كان الملك فاروق الأول جالساً ليلة عرض أوبرا لاترافياتا، وفي صدر مقصورته بالأوبرا التي شيّدها جده الخديوي إسماعيل، فإذا به عن بعد يلمح شيئاً ما في الصالة من أسفل. فتناول الملك منظاره المكبر ليتأكد مما تراه عيناه، فنظر فرصد فغضب، فأرسل في استدعاء سليمان بك نجيب مدير دار الأوبرا وقتئذ، مناولاً إياه المنظار مشيراً إلى المقعد الخامس من الصف الثالث في الصالة، حيث خلع صاحبه الجاكت ووضعه على ساقية مكتفياً بالقميص الأبيض المضيء وسط ملابس السهرة السوداء، ضارباً بذلك قواعد البروتوكول عرض الحائط، قال الملك في غضب:

“سليمان إنت شايف اللي أنا شايفه؟”. ولم يكن المليك في حاجة لأي استرسال ليهرول سليمان بك للمتفرج المتهور الذي أتى أمراً إداً وذنباً لا يغتفر وخروجاً عن القانون الأوبرالي، ليهمس محذراً مؤنباً لائماً راجياً مهدداً: “يا ابني الْبس الجاكت الله يرضى عليك و علينا”.

لم يكن الملك فاروق الأول وحده هو من يراعي صرامة بروتوكول حضور عروض الأوبرا، وإنما جميع أفراد الأسرة المالكة كانوا يفعلون، وكمثال كانت الأميرة فائزة شقيقة الملك فاروق الأول، تحجز دائماً أحد البناوير في أيام معينة من الأسبوع وتدفع ثمن اشتراك الموسم كله وتحرص علي الحضور في المواعيد المخصصة، وفي إحدى الليالي قالوا لسليمان بك نجيب إن صاحبة السمو الملكي تجلس الآن في بنوارها فوقع في مأزق حرج؛ لأن أصحاب البنوار في تلك الليلة لابد حاضرون، فتوجه إليها يستأذنها بالانتقال إلى بنوار آخر، فأدركت الأميرة خطأها لتهب واقفة في خجل قائلة ببساطة لزوجها محمد علي رؤوف:

“لقد أخطأنا وجئنا في يوم غير يومنا”، واعتذرا لسليمان بك نجيب بشدة، ثم أكملت الأميرة قائلة: “لابد وأن نعاقب أنفسنا بقضاء سهرتنا في البيت”.

8- كان سليمان نجيب أيضاً صديقاً مقرباً من مصطفى كامل، وممن وقفوا بشدة إلى جانب العظيمة تحية كاريوكا في بداياتها الفنية، وفي كثير من الأزمات والمشاكل التي مرت بها.

9- قبل عمله كممثل كان يكتب في مجلة الكشكول الأدبية مجموعة من المقالات بعنوان: مذكرات عربجي.

10- توفي سليمان بك نجيب في 18 يناير 1955، كان دائماً يقول: “أنا يادوب هعدي الستين”، وهذا بالفعل ما حدث. أوصى بكل ماله لصالح دار الأوبرا وأنشطتها.