رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعليمنا والتجربة اليابانية «٤»


أستكمل مقالاتى التى بدأتها عن مشكلة التعليم فى مصر، والتى أعتقد أنها فى حاجة إلى دراسة وافية تقدم لمن يهمه أمر التعليم فى مصر، لقد قدمت وجهة نظرى انطلاقاً من حوادث تقع من المدرسين، فوجدت أن المسألة ليست فقط فى كون هذه الحوادث ينبغى أن تشدد عقوبتها، وأن الإخوان يقومون بتخريب العقول عمداً، وأن حوادث الاعتداءات لابد أنها ممنهجة، وإنما وجدت أيضاً أنه لابد من تغيير منظومة التعليم بدءاً من المناهج أيضاً، هذا إذا ما أردنا الإصلاح والتقدم وتنقية المناهج مما يتم وضعه ويبث سموماً تخرب العقول، وهنا لابد بعد أن تحدثنا فى الاثنين الماضى عن المدرسين، فإنه لابد من تغيير النظام نفسه والذى يعتمد على الحفظ والتلقين ولا يحث على التفكير أو الإبداع، وأنا لا أكتب إلا بهدف الإصلاح، أى أننى لا أقصد النقد للنقد، وإنما أتمنى أن تحرك كتاباتى المياه الراكدة، وأن يتنبه المسئولون إلى أهمية تغيير النظام الحالى الذى ثبت عقمه وفشله، ويمكن أن نلجأ لاختيار نظام بعينه مثل النظام اليابانى الذى أثبت نجاحه... فالتجربة اليابانية فى التعليم قد أبهرت العالم بما فيها الولايات المتحدة، حيث نقلت التجربة فى كتاب تمت ترجمته إلى العربية، وأن الاهتمام بالتجربة اليابانية قد جعلها تسمى بالظاهرة اليابانية.

إن نظام التعليم اليابانى الذى أتمنى أن نأخذ منه أو نستلهم منه منطلقاته وأهدافه والتى أدت لنتائج مبهرة فى بناء الأفراد بها، لأن هذه الدولة التى تتمتع بالتقدم والازدهار إذا نظرنا إلى نظام التعليم بها سنجد أنه يعتمد على اجتهاد الطالب والمثابرة والجد أهم من الذكاء والموهبة وعلى علاقة الآباء بالمدرسة لإنجاح النظام ووضوح الأهداف والغايات التى تسعى المدرسة إلى تحقيقها لدى الآباء والتلاميذ، كما ترتكز على أن المدرس المتمكن المخلص هو أساس المدرسة الناجحة مما يتطلب تدريب المدرسين المتميزين، وهم يتمتعون بمكانة اجتماعية مرموقة، ويحصلون على رواتب كبيرة مما يضمن سلامة العملية التعليمية، وهناك تدريب مستمر أثناء الخدمة لجميع المعلمين مما يعكس الالتزام الحضارى نحو التقدم الذاتى، كما يركز النظام التعليمى اليابانى على تنمية الشعور بالجماعة والمسئولية لدى التلاميذ والطلاب تجاه المجتمع، وتعتمد اليابان على نظام التقييم المستمر للطالب بدلاً من الامتحانات، كما تقوم المدرسة بدورها فى نقل التراث الموروث والمشترك للأجيال القادمة مما يدعم وينمى الشخصية الواعية والقيم الثابتة والسلوك الأخلاقى، ويدار التعليم فى اليابان من قبل الحكومة الوطنية ولكنها جميعها تخضع للإشراف العام لوزارة التربية والعلوم والثقافة اليابانية، وهى تمد جميع الأطفال فى اليابان بنوعية عالية ومتوازنة من التعليم الأساسى فى مجال القراءة والكتابة والحساب والعلوم والموسيقى والفنون والأخلاق، وذلك خلال ٩ سنوات من التعليم الإلزامى، وأن التعليم فى اليابان قد جعل متوسط التحصيل لدى الطالب اليابانى أعلى المتوسطات بالمعايير العالمية المعروفة... وللحديث بقية.