رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شعريار.. فى مطاعمنا!


يقولون: إن الفارق بين الطمع والطموح وبين الثقة والغرور مجرد «شعرة»! وحصيفُ من يستطيع ألا يتجاوز تلك «الشعرة» المعنوية ليحتفظ بشخصيته سويَّة ولا يتخطى هذا الحاجز الوهمى فى سلوكياته وتصرفاته. ولكن.. ما بالك إذا وجدت تلك «الشعرة» فى صحن طعامك وأنت تجلس لتناول وجبة فى أحد المطاعم الشهيرة التى تنعم بشهرة «زى الطبل» كما يقولون.

وما هو رد الفعل الطبيعى الذى يجتاح مشاعرك وبين أسنانك طعامك المفضل وتلتف حوله «شعرة» آدمية لاتعرف من أى «رأس» جاءت ودفنت نفسها بين ثنايا «لقمتك» التى تريد الاستمتاع بها؟ أرجوك.. لاتستهن بهذا الأمر، فحياة أمَّة بأسرها معلقة بتلك «الشعرة» التى قد تكون حاملة لكل فيروسات الدنيا لتنقله بدورها عن طريق سيادتك إلى جسد المجتمع بأسره. وكان الله فى عون «معدة» المصريين التى كانت ــ أقول كانت ــ تهضم الزلط كما يفعل الأصدقاء الخلصاء فيما بينهم لو ظهرت فى الأفق بوادر احتدام أو معاتبة. وأصبحت معدة المصريين اليوم نهبًا لكل أمراض الدنيا القادمة بدءًا من «المبيدات المسرطنة» المستوردة إلى آخر ماتجود به رأس أصغر «شيف» فى مطاعمنا التى تحمل لافتاتها أشهر الأسماء؛ لأنه يضمن ضمانًا تامًا أنه لن يفاجأ بمندوب وزارة الصحة «!!» خلف ظهره ليقوم بالتفتيش على كيفية إعداد وتجهيز ونظافة المواد التى بين يديه ويصنع منها وجباته التى سيقدمها للزبائن وصلاحية المكان الذى يمارس فيه مهنته التى يجب أن يكون من أولى صفاتها الأمانة والضمير الحى، وحتى إذا جاء هذا المفتش الذى نسمع عنه فى ليالى ألف ليلة وليلة وبالذات فى حواديت «شعـريار!!»؛ فنحن بالتأكيد نعرف أنه سيكتب تقريره على أفخم «منضدة» فى المكان ولن يكلف خاطره تفقد أماكن إعداد الوجبات ومدى مطابقتها للشروط الصحية الآدمية المتعارف عليها فى كل بلاد العالم، وبالتأكيد أقصد بلاد العالم الواقعة على الخريطة خارج ما يسمى قهرًا بلاد العالم «الثالث»!! ولكن هل صحة إنسان العالم الثالث رخيصة إلى هذا الحد، حتى نضن عليه حتى بقيام مندوبى ما يسمى «وزارة الصحة والسكان !» للتفتيش على نظافة وسلامة مايتناوله البشر فى هذه المطاعم المنتشرة على طول البلاد وعرضها؟ ألا يكفى انسحاقه تحت تجارب المبيدات المسرطنة المستوردة التى أودعت فى خلايا جسده «Virus C» الكبدى الوبائى والفشل الكلوى وكل أمراض الأوعية الدموية واللا دموية؟ والغريب والمضحك حتى التشنج؛ أن السادة المسئولين عن صحة المواطن المصرى يتباهون بكل العنجهية والفخر بأن لدينا فى مصر أكبر مستشفيات العالم لعلاج السرطان والكبد الوبائى والسموم، بدلاً من أن يتواروا خجلاً من وجود هذه المستشفيات أصلاً، ويقوموا بواجبهم الأساسى نحو حماية صحة وأرواح البشر على أرض الوطن، والقضاء على أهرامات القمامة التى يسكنها جيوش الذباب والناموس والهاموش وكل حشرات الدنيا التى تهاجمنا بلا رحمة ولا شفقة، وقد تأتى الأمراض اللعينة لأجسادنا مع هذه «الشعرة» القادمة من رأس مريض بأى من هذه العلل. وفى مصر.. تتردد النكتة الشهيرة التى نضحك منها وعليها، وتلك النكتة المبهرة تقول: إن المصريين يضعون ــ لامؤاخذة ــ «الأحذية» فى الفترينات ومغلفة بالسيلوفان، ويتركون «الرغيف» عاريًا على الرصيف ليمتص كل عوادم السيارات والغبار! ألم يحن الوقت بعد لتصحيح هذه المعادلة المقلوبة؟

أستاذ الدراسات اللغوية ـ أكاديمية الفنون