رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتوح الشاذلى يكتب.. الخطايا الأربع

جريدة الدستور

كان قدر الملك سلمان أن يتحمل خطايا وأوزار سابقيه.. تلك الخطايا التي أضاعت اليمن، وكادت تعصف بالمنطقة.. لم يكن أمام الملك الجديد إلا الحسم والحزم ..لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
تحمل الملك الجديد مسئولياته وواجه الموقف بكل حزم.. تلك الصفة التي بدأ يشتهر بها حتي إن محمد بن زايد قال في زيارته الأخيرة للمملكة إن حسم وحزم الملك سلمان هو بوصلة عملنا - يقصد دول الخليج - ويبدو أن إطلاق اسم عاصفة الحزم علي الضربة العسكرية للحوثيين كان يعني أشياء كثيرة.

وظني أن الحسم والحزم لا يجب أن يقتصر علي العاصفة والضربة العسكرية.. لأن القادم يحتاج إلي ما هو أكثر من ذلك لأن الأمر لم يعد يحتمل خطايا أخري.. فما فعله الملك السابق ورجاله تركنا في حيرة شديدة، وخلف وراءه أسئلة حائرة ما زالت تبحث عن إجابات غائبة.
وحتي يعود اليمن لابد من تصحيح الخطايا الأربعة التي ارتكبها الملك السابق وأركان حكمه بندر والتويجري.. تلك الخطايا التي أضاعت اليمن وأوصلتنا إلي ما نحن فيه الآن.. خطايا جعلت من بلد عربي مسلم شوكة في ظهر المملكة والخليج.
خطايا أربعة كانت وراء كل ما حدث - ومازال يحدث - .. أولي هذه الخطايا هي دعم الملك السابق للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح والتغاضي عن جرائمه التي ارتكبها طوال 30 عاما في حق شعبه وبلده وعدم التفكير في بديل له.. لم يدرك الملك السابق وأركان حكمه بندر والتويجري أن دعم رئيس مثل علي عبدالله طوال هذه المدة سيحوله الي وحش كاسر، ولم يدركوا أن هذه النوعية من الحكام تمثل خطراً علي شعوبهم وعلي كل من يدعمهم، وأنها تفعل أي شيء من أجل السلطة التي لا يتصور نفسه بدونها ولو يوماً واحداً.
تغاضي الملك السابق عن ممارسات رئيس فاسد.. جمع المليارات طوال 30 عاما بقهر ونفوذ السلطة.. واستولي علي أموال الشعب لينفقها الآن علي حرب لن يجني من ورائها إلا السراب.. بأموال الشعب يقتل الشعب .. بمليارات جمعها من الحرام يدمر ويحرق الأخضر واليابس.. أذل الرجل شعبه.. وترك الفقر واجهل والمرض تدمر بلداً صاحب حضارة قديمة .. لم يجد الرجل من يردعه.. ولم يفكر الداعمون والراعون له في إعداد البديل إلا بعد فوات الأوان.
وثانية الخطايا حماية علي عبدالله بعد الثورة التي قام بها الشعب، وكانت ثورة علي الظلم والقهر والاستبداد والفساد.. ثورة أسقطت ديكتاتوراً فاسداً وكادت أن تحرقه لولا الملك السابق الذي آواه وعالجه وسانده وحماه هو ونجليه من انتقام الشعب الذي كان يطلب القصاص.
أما الخطيئة الثالثة والأبرز فكانت تخلي المملكة عن حزب الاصلاح وتركهم لقمة سائغة للحوثيين.. ووقوف الملك السابق وأركان حكمه بندر والتويجري موقف المتفرج من اجتياح الحوثيين لليمن وسقوط صنعاء في سبتمبر الأسود.. والاكثر من ذلك مباركتهم لاتفاق السلم والشراكة الذي بمقتضاه تسلم الحوثيون اليمن في مشهد عبثي مأساوي لم نجد له تفسيراً حتي الآن .
أما رابعة الخطايا فتلك السقطة التي أبعدت اليمن عن هويته برفض ضمه لمجلس التعاون الخليجي.. فهو المظلة الشرعية الوحيدة القادرة علي حماية اليمن من أي اختطاف.
تلك هي الخطايا الأربع .. وحتي يعود اليمن.. لابد من تصحيح المسار.. وعلاج آثار هذه الخطايا.. وإعادة الثقة.. وتلك مهمة الملك سلمان.. وهذا قدره.. ولتكن عاصفة الحزم هي البداية.