رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تنفرد بآخر حوار مع "الخال" عبد الرحمن الأبنودي

جريدة الدستور

تنبأت بثورة يناير قبل حدوثها بـ ٣٠ عاما
حاربت إسرائيل ومعى أمل دنقل بقصائد الشعر
فى السجن.. تظهر حقيقتك.. إما رجل أو جبان
حرب الاستنزاف.. الحرب المظلومة ولولاها ما كانت أكتوبر
"الأبنودى": صحتى "باظت" زى مصر فى عهد الإخوان

شاعر العامية الراحل يعترف:
"المعيز" أكلت أول كراسى دونت به أشعارى ووالدى مزق قصائدى ووصفها بـ "قلة الأدب"؛ لأنها ليست بالفصحى
بناتى فى منطقة فزعى وخايف لأموت وأسيبهم
وهربت من ضوضاء وتلوث القاهرة إلى بيتى فى الإسماعيلية
تنبأت بثورة ٢٥ يناير واحتشاد الثوار بالميادين فى قصيدتى "أحزان عادية" منذ ٣٠ عاماً
"جوابات حراجى القط" قصائد محببة إلى قلبى واستلهمت المواويل من أمى فاطمة قنديل وجدتى ست أبوها


"أكلت المعيز أول كراسى دونت فيه أشعارى وصحتى باظت زى مصر لكن الوطن يتعافى ووالدى أول من حاربنى ومزق أشعارى لأنى كتبتها بالعامية وحاربت إسرائيل بالشعر وكان معى أمل دنقل أثناء حرب الاستنزاف وكتبت الشعر بالعامية حتى لا أتعالى على الناس واستمديت التراث والمواويل من أمى وجدتى ويصفونى فى الخرطوم بالشاعر السودانى الذى ضل طريقه إلى مصر ولم أكتب شعراً لابنتى آية ونور لأنهما فى منطقة فزعى من الحياة وخوفى عليهم والشعر ينبع من الوجدان واخترت العزلة بعيداً عن ضجيج القاهرة وتلوثها لأمتلك صحتى".. كانت هذه بعض تصريحات "الخال" عبد الرحمن الأبنودى شاعر مصر الكبير، الذى رحل عن دنيانا تاركاً أشعاره ومواويله ليتغنى بها جيل بعد جيل وذلك فى حوار ينشر لأول مرة بجريدة "الدستور".. كنا قد التقيناه وسألناه:

> يهمنا فى البداية أن نطمأن على صحة "الخال" ونقول له بالصعيدى "كيف صحتك"؟
ــ صحتى زى مصر باظت، أحياناً تنتكس ٥ دقائق وأحياناً ٥٠ يوماً لكننى واثق أن الوطن سيتعافى مما هو فيه ويخرج من كبوة حكم الإخوان وما دمت قادراً على القراءة والكتابة ومتابعة الصحف وأحوال أحبابى فى مصر والدول العربية ومادام لسانى يتكلم، فأنا بخير.

> لماذا أطلقوا على بيتك بالإسماعيلية مسمى "المشفى" و"محراب الإبداع"؟
ــ سمي هذا المكان المشفى لأننى بعدت فيه عن تلوث القاهرة فلو قضيت ساعات فى العاصمة فسوف أموت لكن المكان هنا صحى حيث أتناول خبزاً ريفياً يصنعه جيرانى المحترمين، أما عن مسمى المنفى لأنه مكان بعيد عن الضجيج وله خصوصية وتعبير "محراب الإبداع" جاء لأننى أشرفت على بناء المكان وقمت بالإشراف على كل ركن فيه حتى يناسبنى تماماً فقد اشتريت الأرض منذ ٢٥ عاماً فى نفس سنة زواجى من نهال كمال وكانت معترضة فى البداية ولكن رأيها تغير بعد سنوات فقد كانت الأرض عبارة عن بركة غير صالحة للزراعة أو أى شيء وظن جيرانى أننى أفندى جاى من مصر فهم لا يعلمون أننى أمتلك الخبرة منذ أن عشت فى مسقط رأسى أبنود بصعيد مصر واستصلحت الأرض وبنيت عليها هذا المنزل.

> ما الحروب والمواجهات التى خضتها بسبب شعر العامية؟
ــ الطريف أن أول من أشعل الحرب ضدى كان والدى -رحمة الله عليه- لأنه كان يحفظ القرآن وله تلاميذ شعراء فصحى كبار وكان يغار على اللغة العربية ولا يعترف بشعر إلا ما يكتب متبعاً علم العروض ولذلك عندما قرأ ما أكتبه من شعر العامية قام بتمزيقه ونهرنى ووبخنى بشدة أما الشخص الثانى الذى اتخذ ضدى موقفاً بسبب شعر العامية فقد كان أخى الأكبر الشيخ جلال، الذى حرق كل ما جمعته من أغانٍ واعتبرها مسيئة نظراً لخروجها عن إطار اللغة العربية الرصينة وعندما انتقلت من الصعيد إلى القاهرة اشتعلت الحرب ضدى أكثر لكننى كنت قد تسلحت بأدوات دفاع كما أن كثيرين كانوا مقتنعين بدور شعر العامية فى خدمة المجتمع والتعبير عن أفراحه وأتراحه وعندما خضت التجربة استطعت أن أثبت أن شعر العامية يستطيع أن يعبر عن المجتمع بل يخوض الحروب من أجل قضايا الوطن مثل الأغانى التى أثارت حماس الجنود فى حرب الاستنزاف ونصر أكتوبر العظيم وهى نفس قصائدى العامية التى أقرأها فى الدول العربية ونجد استحساناً وفى السودان يصفونى بالشاعر السودانى الذى ضل طريقه إلى مصر.

> لماذا لم تكتب شعراً فى ابنتيك عكس والدتك مثلاً؟
ــ فى أبريل المقبل أكمل ٧٥ عاماً "وقت إجراء الحوار" والمسافة العمرية بينى وبينهما أشبه بصحراء ممتدة فآية ابنتى عمرها اقترب من الـ ٢٥ عاماً ونور أقل منها بحوالى ٦ سنوات فلا تطالبنى أن يكونا فى شعرى لأنهما فى منطقة فزعى من الحياة وأنا أغادرها قبل أن أطمأن عليهما فاعتبرها جريمة فى حقهما فهما أبعد الناس عن شعرى لأنهما فى منطقة العقل والشعر يأتى من الوجدان.

> ما أول قصيدة كتبتها فى حياتك وفى أى موقف؟
ــ فى عام ١٩٥٦ ذهبت أنا وأمل دنقل للتطوع فى الحرب وتدربنا على فنون القتال واستخدام البندقية وتأهلنا للذهاب إلى الجبهة ولكنهم قالوا لنا إن الجبهة مغلقة ولن تستطيعوا الذهاب إلى هناك وفى مساء نفس اليوم كان فى جيب كل منا قصيدة للدفاع عن مصر بالشعر وقد قرأنا القصيدتين فى اجتماع شعبى خاص بالدفاع عن الوطن والتعبئة للحرب ونالت استحسان الجميع وبذلك فقد استبدلنا البندقية بالشعر.

> كيف كنت تحفظ وتدون أشعارك فى بداية حياتك؟
ــ لقد أهدرت كل قصائدى الأولى وتعرضت للضياع وأذكر أننى كنت أجلس على الطبلية عند جدتى "ست أبوها" لأحول رواية "الأرض" للكاتب الكبير عبد الرحمن الشرقاوى إلى شعر فقد كنت معجباً بالرواية ولم أكن أتخيل أن يكتب أحد عن الفلاح المصرى غيرى وقتها وبالفعل حولت "الأرض" إلى ديوان شعر وتركت "الكراسى" الذى دونت فيه الشعر عند جدتى وعندما حضرت فى أحد الأيام اكتشفت أن المعيز أكلت الكراسى وكانت أول صدمة لى كما أن والدى الشيخ الأبنودى مزق كتاباتى لأنه اعتبرها تعدياً على الشعر العربى المنظوم وهو يقول "إيه قلة الأدب دى" وكانت صدمة أخرى فى ضياع كتاباتى وذلك بسبب عدم وجود وسيلة متقدمة لحفظ الأوراق والكتابات وقتها.

> وما السبب الأساسى فى كتابتك الشعر بالعامية؟
ــ عندما كتبت قصائدى بالفصحى وذهبت بها إلى أصدقائى بالقرية ممن كنت أرعى معهم الغنم أو نعمل سوياً فى جنى القطن أو فى الزراعة فوجدتهم غير متقبلين هذا النوع من الشعر وشعرت أننى أهنتهم وأهنت نفسى فقد تعاليت عليهم لذلك لجأت إلى العامية من أجلهم وقال لى أمل دنقل إننى أصبته بالدهشة لأننى وجدت طريقاً متفرداً وكنت أمتلك تراثاً كبيراً من المواويل ساعدتنى ودعمتنى فى كتابة الشعر.

> ما الأسباب التى جعلت "الأبنودى" يتغنى بالمرأة الصعيدية ويصنع منها أسطورة فى أشعاره؟
ــ المرأة بطبيعتها رقيقة ولكن فى الصعيد تعمل بدأب وترعى الحيوانات وتعمل فى الحقل وأقول دائماً إن أبناء الصعيد هم تربية أمهاتهم وليسوا تربية آبائهم؛ حيث إن الآباء كانوا يعملون طوال اليوم خارج المنزل ولا نراهم إلا فى الليل فأبي كان منشغلاً بمناصبه العلمية ودراسته فنسى المرأة الأمية البسيطة فربتنى أمى وجدتى "ست أبوها" وهما امرأتان أدين لهما بكل شيء وكنت أحلم دوماً أن أمتلك ليس فقط مفردات كلمات "فاطمة قنديل" أمى بل فلسفتها ورؤيتها لله والحياة والوجود فقد كانت تعيش حياة أسطورية غير التى نعيشها فعندما كانت تمر جنازة أمام باب منزلنا كانت تخرج أمى وجدتى ويرشان المياه خلف الجنازة وعندما سألتها بتعملوا كده ليه قالتلى إن الميت ذاهب إلى موكب عظيم مهيب حيث ترجع الروح لتتعلق بأعتاب بيوت أحبابها فنرش المياه حتى تنزلق الروح وتروح لمثواها الأخير وكانت فاطمة قنديل، رحمة الله عليها، وجدتى هما أهم وأول مصادر لى لاكتشاف التراث وكان لديهما مخزون من الأقاصيص والأغانى ففى الأفراج نجدهما لا تكفان عن الغناء طوال الليل والنهار وكذلك الولد الذى فى أوقات الحزن كما كنت أقضى اليوم فى الحقل والكل يغنى أثناء جمع المحصول وكذلك الذى "يسوق النورج" ومن شعر العروس ليلة حنتها قولهما:
شبهت رقبتها
بنخلة فى الصعيد
إذا هبهبت الرياح
زانها الجريد
شبهت رقبتها
بنخلة فى العقب
إذا هبهبت الرياح
بيزينها الرطب
وقد استعنت ببعض الشعر الذى كانتا ترددانه فقد طلب منى أغنية لفيلم "عرق البلح" يمتزج فيها التراث، تقول فيها كل شيء ولا تقول شيء فكانت أغنية "بيبة".
فكان الغناء مخلوقاً لهؤلاء ويشاركهم الحياة ظهور قبل الراديو والتليفزيون فأصبحتا أدوات تسلية أفسدت على الناس إبداعهم فى ابتكار ألوان من الفنون الشعبية والتراث الذى اندثر لعدم وجود أدوات لندوِّن هذا التراث الجميل الممتع المشبع بإحساس الإنسان البسيط الذى كان يملك موهبة تدرس فى الجامعات وهو لا يجيد القراة ولا الكتابة.

> من هو رفيق دربك؟
ــ رفيق دربى هو الشاعر العظيم الذى رحل وتركنى أمل دنقل، عليه رحمة الله، فهو رفيق التعليم والحياة والشعر وكنا على درب واحد فى كتابة الشعر وكنا نكتب بالفصحى حتى تحولنا إلى الكتابة بالعامية.

> ماذا تكتب الآن من ألوان الشعر؟
ــ معظم شعرى الأخير عن مصر وما تمر به وهذا ليس باختيارى فحالى من حالها؛ فكانت هناك قصيدة الميدان وكتبتها وأنا هنا لم أتحرك من مكانى فهذه الثورة هى نتيجة لمعاناة أجيال من الظلم والقهر والنوم على البرش فى السجون.

> قديماً الشاعر كان هو لسان قبيلته فأين الشاعر الآن؟
ــ الشاعر قديماً كان هو لسان القبيلة والمتحدث بلسان عائلته لكن اليوم الشاعر دوره أعم وأشمل من القبيلة أو العائلة فهو يتحدث بلسان أمته وهى أشمل وأعم بل يتناول قضايا مجتمعه فدور الشاعر الآن فى اعتقادى أهم من دوره فى الماضى.

> ما علاقتك بالمغنيين العرب؟
ــ علاقتى بهم طيبة، لكن منهم من التقيته مثل حسين الجسمى أنا أحبه ولا أنسى فى حفل له فى الإسكندرية أنه نزل من المسرح وقبلنى وقال لى "إنت بتعنا" وأنا أجد فى الجسمى توافق هواء لو اجتمعنا فى عمل سيكون مميزاً فصعيديتى وخليجيته ستفجر طاقات هائلة.
وهناك عمل كان لفيروز ألحان الأستاذ كمال الطويل رحمة الله عليه ولم يظهر هذا العمل للنور ولسوء الحظ بسبب وفاة عاصى الرحبانى مما أدى إلى توقف الأغنية.
وكلماتها هى:
ولا كل من ضحكت عنيع عاشق
ولا كل من مد الإيدين مشتاق
ولا كل من قال الكلام صادق
ولا كل من يبكى من العشاق
حبيبى يالى لا قبلك
ولا بعدك حبايب
وانت غايب كل شى فى الدنيا غايب
بلاش عذاب وسمعنى
بلاش تضيعنى
دانا لما حبيتك الحزن ودعنى
وكل ما بمشى صوتك بيتبعنى
وكفاية كفاية كفاية
خلى للحزن نهاية

من المغنين العرب "مروان خورى" وأغنية دواير وكانت له قصة أشبه بتحدٍ مع ابنتى آية فقد سمعته وأعجبت به ولكن ابنتى قالت لى إنه يلحن ويؤلف ويغنى فليس هناك مجال لما تفكر فيه وتركتها ولم أعلق وما هى إلا أسبوعين مضيا من حديثها معى إلا وطلب منى أغنية لفيلم "أوقات فراغ" فطلبت أن يغنيها مروان خورى وكانت من أجمل الأغانى وكلماتها هى:
بنلف دواير.. والدنيا تلف بينا
دايما ننتهى.. لمطرح ما ابتدينا
طيور الفجر تايهة.. فى عتمة المدينة بتدور
ما بنكتبش الرسائل.. ما بننتظرش رد
لا حد فى يوم سمعنا.. ولا بنسمع حد
طيور العمر تايهة.. فى عتمة المدينة بتدور
طفرة جينية مصرية
ساكنين فى عالم يعشق الخطر.. فيه الطيور تهرب من الشجر
وتهرب النجوم من القمر.. وتهرب الوجوه من الصور
بنلف فى دواير بندور على الأمان.. ونلاقينا رجعنا تانى لنفس المكان
ندور.. ندور.. ندور
يلا عرب لكل العرب
نحلم ونحلم بالحياة المفرحة.. وأتارى أحلامنا بلا أجنحة بلا أجنحة
ندور ندور ندور.. بجناح حزين مكسور
ساعات نشوف فى العتمة.. وساعات نتوه فى النور
ساعات عيوننا بالأسى تفرح.. وساعات فى ساعة الفرح منوحة
ندور.. ندور.. ندور

> من هو مثلك الأعلى؟
ــ مثلى الأعلى هو الرجل الفلاح الكبير فى السن الذى يسكن قريتنا ويستمع إلى قصائدى ويعجب بها فأنا أرى فيه المبدع وصاحب التراث فإن أعجب بشعرى فهذا أعظم وسام على صدرى وأفضل من الأوسمة التى حصلت عليها من تونس من الطبقة الأولى ومن مصر جائزة النيل وهى أكبر جائزة مصرية فأفضل تقدير هو أن يبارك نجاحك هذا الرجل البسيط.

> ما أهم تجربة شعرية فى حياتك؟
ــ تتمثل التجارب الشعرية فى حياتى فى ثلاث تجارب فقط؛ أولها تجربة بناء السد العالى ودونتها فى جوابات "حراجى القط"، والتجربة الثانية هى مرحلة السجن وهى من أهم المراحل فى حياتى فالسجن يظهر حقيقتك أمام نفسك إن كنت رجلاً أم جباناً وخائفاً فالمهم مقدارك أمام نفسك، والثالثة كانت فى حرب الاستنزاف هذه الحرب المظلومة التى كانت ما بين النكسة وبين أكتوبر ولولاها لما كان النصر وكانت أوقع تجارب عشتها فى حياتى وفى كل تجربة تخرج إبداعاً عظيماً لمعايشة التجربة.

> ماذا عن تجربتك فى السينما؟
ــ تجربتى فى السينما كانت بالمصادفة، أول فيلم شاركت فيه هو "شيء من الخوف" بطولة محمود مرسى وشادية عام 1969 مع المخرج حسين كمال.

وتلتها تجربة أخرى لعمل مأخوذ عن كتاب "مسرح المجتمع" لتوفيق الحكيم وكان عنوانه "أغنية الموت" ومدته 50 دقيقة ولعبت بطولته فاتن حمامة وأخرجه سعيد مرزوق، وتمت إذاعته مرة واحدة فقط وبعد توقف دام أكثر من 25 عاماً كتبت حوار مسلسل "وادى الملوك" الذى عرض فى رمضان العام الماضى.

> ما أجمل قصيدة محببة إلى قلبك؟
ــ كل قصيدة عند كتابتها تكون أغلاهم محببة لقلبى لكن هناك قصائد غالية علىَّ مثل جوابات حراجى القط عن تجربة بناء السد العالى وقصيدة يامنة وهناك قصيدة "أحزان عادية" وهى عن تجربة السجن وبها نبوءة بثورة 25 يناير وهى منذ أكثر من 30 سنة فمشهد الميدان وضرب النار واحتشاد الثوار كلها مشاهد ذكرتها منذ سنين وقلت فى القصيدة:
وفجأة
هبطت على الميدان
من كل جهات المدن الخرسا
ألوف شبان
زاحفين يسألوا عن موت الفجر
استنوا الفجر ورا الفجر
إن القتل يكف
إن القبضة تخف
ولذلك خرجوا يطالبوا
بالقبض على القبضة
وتقديم الكف
الدم
قلب الميدان وعدل
وكأنه دن نحاس مصهور
أنا عندى فكرة عن المدن
اللى يكرهها النور
والقبر اللى يبات مش مسرور
وعندى فكرة عن العار
وميلاد النار
والسجن فى قلبى مش على رسمه سور
وقصيدة الخواجة لمبو العجوز مات فى إسبانيا
ودة كان من النوادر وديوان الفصول وده عن تجربة النكسة

> كيف كانت علاقتك برؤساء مصر السابقين والحالى؟
ــ لم تكن لى علاقة بأحدهم ولم أتقرب لأحد منهم لمصلحة أو انتفاع ولكن ما يطلق علىّ أننى ناصرى وأنا سعيد أننى عشت فى زمن عبد الناصر وكان له جزيل الشكر فى أننى كنت من الكتاب الذين سجنوا فى عصره وكانت مرحلة وتجربة لها أبلغ الأثر فى حياتى ورغم هذا فإن عبد الناصر هو الوحيد الفائز بقصيدة لأنى كنت أحبه فهو حقاً زعيم للأمة.

فقد كتبت مواويل وتناتيش لذكرى جمال عبدالناصر منها:
ويا مصْر وإن خيّرونى ما أسكن الَّاكى
ولاجْل تتبسِّمى.. يا ما بابات باكى
تسقينى كاس المرار.. وبرضُه بهواكى
بلدى ومالى الّا إنتى ولو ظلمتينى..
مقبولة منِّك جراح قلبى ودموع عينى
الجرح يشْفَى إذا بإيدك لمستينى..
كلّك حلاوَة.. وكلمة "مصر".. أحلاكى!!

وقلت عن الزعيم الراحل ناصر:
من يمدحُه يطلع خاسر
ويشبَّروله.. أيامه
يعيش جمال عبد الناصر
يعيش بصوته وأحلامه فى قلوب... شعوب عبد الناصر
مش ناصرى ولا كنت ف يوم
بالذات فى زمنه وف حينه
لكن العفن وفساد القوم
نسّانى حتى زنازينه... فى سجون عبد الناصر

> فى رحلة العلاج التى مررت بها هل تلقيت علاجاً على نفقة الدولة؟
ــ لم أعالج على نفقة الدولة ولكن تكفل بعلاجى الأمير عبد الرحمن بن مساعد، الشاعر المعروف، فبيننا صداقة حميمة فقد سمع عن مشاكلى الصحية وأرسل لى طائرة خاصة ذهبت بى إلى باريس.

وكان من أهم ما نصحنى به الأطباء أن أبتعد عن القاهرة لعلمهم ما فيها من تلوث فهم يعرفون القاهرة لأنهم يأتون إلى مصر ليجروا عمليات مجانية بمعهد ناصر ومستشفى أبو الريش وأنا الآن أقضى أجمل أيام عمرى مع زوجتى وبناتى فى هذا المكان.

> كيف يبدأ يوم الخال عبد الرحمن فى هذا المكان؟
ــ أنا حر وليس لى أى ارتباطات ولست مقيداً بجدول ليومى وبالأخص بعدما قدمت زوجتى نهال كمال استقالتها من التليفزيون المصرى فنحن نقضى فى هذا السن أجمل أيام حياتنا أما بالنسبة للقراءة والكتابة ففى أى وقت أكتب وأقرأ.