رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القيمة الروحية والأثرية لدير وادى الريان


فى عام 1949 نشر عميد الأ ثريين د. أحمد فخرى «1905 – 1973» بحثاً بعنوان «وادى الريان» بحوليات مصلحة الآثار المصرية بالمجلد رقم 46 صفحات «1 – 19» ومزّود بالعديد من الصور والرسومات التخطيطية. حيث ذكر أن اسم «الريان» كلمة عربية معناها «المُشّبع بالماء» لأن أرضها مليئة بالمياه والتى يمكن الحصول عليها على عمق أقل من مترين، ولكن المخطوطات القبطية القديمة ذكرت الاسم القديم للوادى. فقد ورد فى رواية القديس الأنبا صموئيل المُعترف بالقلمون أنه أعتاد أن يذهب من وقت لآخر للعبادة والتوحد فى هذا الوادى، وأطلقت عليه المصادر القبطية اسم «بيليهو» Pilihew، ولكن أبو صالح الأرمنى ذكر اسم «الريان» والمخطوطات المصرية القديمة التى وردت فى بردية «هاريس» ذكرت اسم «ربانا» Rabana. كما كتب د. أحمد فخرى عن الكنيسة الحجرية التى بُنيت على قمة صغيرة والتى من عندها يمكن رؤية منظر الأرض المنزرعة من الناحية الجنوبية. وقد بُنيت الكنيسة من الحجر الجيرى المتوافر بالمنطقة، وذلك بغرض العبادة للمتوحدين.

ثم فى عام 2013 صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب كتاب بعنوان «وادى الريان المُشّبع بالماء» للباحث محمد التداوى، ذكر فيه: «إحدى المناطق السُكنية الدائمة منذ ستينيات القرن العشرين وهى منطقة دير الأنبا مكاريوس السكندرى «306 – 404م»، الدير يقع إلى الجنوب الغربى من منطقة الشلالات وفى الطريق إلى محمية وادى الحيتان. الدير كان مهجوراً حتى ستينيات القرن العشرين إلى أن حصل الآب متى المسكين على التصاريح اللازمة لتعمير الدير المهجور وقتها، ثم سمحت السلطات المختصة للرهبان بالحياة فى الدير بعد ذلك، وهو ما قد كان وكبر الدير وزاد عدد الرهبان الملتحقين به، الذين أرادوا السير على نهج رائدهم القديس مكاريوس السكندرى بالتخلى عن مُتع الحياة الدُنيا والانعزال عن العالم من أجل الصلاة، والآن بعد نصف قرن تقريباً أصبح الدير علامة بارزة فى منطقة المحمية وأنشأوا بعض المنشآت التى استخدموها فى الإقامة، ثم أقاموا حديقة صغيرة للدير واستغلوا بعض مياه عيون الريان لرى هذه الحديقة». ثم يضيف الأستاذ محمد التداوى قائلاً: «لماذا لا تشارك إدارة المحمية رهبان هذا الدير فى رعاية وتحسين أحوال المحمية؟ حيث إنهم مقيمون بصفة دائمة ويرصدون أفضل من غيرهم المخاطر والتغيرات التى قد تطرأ على المكان، وبهذا يشكلون نقطة من نقاط الرصد التى حتماً ستفيد».

أعود وأقول، إنه فى عام 1961 عندما توجه الأب متى المسكين ومجموعة رهبانه – على إثر مشكلة مع الكنيسة – اختار أن يقيم فى تلك المنطقة. لماذا؟ الأب متى المسكين – منذ شبابه المبكر مُلم بتاريخ الكنيسة - وعند بداية رهبنته ترهبن على يد القمص مينا البراموسى المتوحد «فيما بعد البابا كيرلس السادس البطريرك 116» بدير الأنبا صموئيل المُعترف بالقلمون، وكان يعلم أن القديس صموئيل المُعترف كان يتردد كل فترة على منطقة وادى الريان للعبادة والتوحد. فأراد الأب متى المسكين أن يحذو طريق مُعلمه، فتوجه وأقام بتلك المنطقة حتى 10 مايو 1969 حينما استدعاه البابا كيرلس وطلب منه ومجموعة رهبانه أن يتوجهوا لتعمير دير أنبا مقار بوادى النطرون. وبذلك أحيا الأب متى المسكين الحياة الرهبانية فى وادى الريان ثم جاء تلميذه الوفى الأب اليشع المقارى واستكمل مسيرة مُعلمه.

أستاذ بكلية الهندسة - جامعة الإسكندرية