رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ملاحظات على عاصفة الحزم


من جهة أخرى لا بد من القول بأن استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، ثم استيلائهم على تعز، ثم تحركهم نحو عدن، والاستيلاء على قاعدة العند كان يهدد الدول العربية خاصة، أنهم يدعون إلى عودة الإمامة، كما يقبلون بالتبعية لإيران، وهو ما يهدد بانتشار هذه القيم ويعيدنا إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية.
بادئ ذى بدء لا بد من القول بأنى لست معارضًا أو مضادًا لعملية عاصفة الحزم التى شنتها، أو أطلقتها، المملكة العربية السعودية بالتحالف مع عشر دول كما ورد فى البيانات الصادرة، وقد كنت أرى أن العملية كانت تحتاج إلى إعداد وتحضير، لكن يبدو أنه كان هناك تحضير غير واضح وطبعًا غير معلن، يبدو هذا واضحًا من اشتراك قوات من دول أخرى بعضها من مجلس التعاون لدول الخليج العربية وبعضها من خارجه، وطبعًا كان لا بد من تحضير على الأقل انتقال طائرات من أراضى بلادها لتكون فى مكان مناسب للانطلاق منه، كما تسهل عمليات التنسيق وتخصيص المهام، المهم أنى كنت أتصور التحضيرات أقل من ذلك، ويحسب هذا لتحضير العملية، فالسرية ضرورة فى مثل هذه الحال. لكن هذا لا يمنع أن هناك أوجه كثيرة للنقد. من جهة أخرى لا بد من القول بأن استيلاء الحوثيين على العاصمة اليمنية صنعاء، ثم استيلائهم على تعز، ثم تحركهم نحو عدن، والاستيلاء على قاعدة العند كان يهدد الدول العربية خاصة، أنهم يدعون إلى عودة الإمامة، كما يقبلون بالتبعية لإيران، وهو ما يهدد بانتشار هذه القيم ويعيدنا إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية. وقد كان الخطر واضحًا، حيث بدا أن الحوثيين قد استطاعوا أن يشكلوا قاعدة شعبية مكنتهم من الانتشار فى العاصمة صنعاء والاستيلاء على قاعدة العند دون مقاومة تقريبًا، وهو أمر يجب العمل على علاجه. وهذا لا يمنع أن أتصور أن هناك قصورًا فى التحضير وإدارة العملية «عاصفة الحزم، على الأقل مع ما أعلن عنها، وقد يكون هناك نقص أو خطأ، والخطأ الأول يكمن فى تحديد الهدف من العملية، فالهدف الاستراتيجى كما أعلن عنه هو حماية حكومة الرئيس «المنتخب لدى البعض، والمستقيل بالنسبة لآخرين»، والمؤكد أن الضربات التى اشتملت عليها العملية لا تكفى لحماية أو الدفاع عن الحكومة إلا إذا كان المقصود بالحكومة هى شخص الرئيس اليمنى عبدربه منصور هادى، فقد كان الطبيعى أن تكون المهمة المباشرة للعملية هى إيقاف هجوم وتقدم الحوثيين وحلفائهم إلى باقى الأراضى اليمنية ومنعهم من السيطرة على أماكن جديدة، وهو هدف لا يمكن تحقيقه من غير قوات برية، ولما كان من الواضح أن القوات البرية اليمنية التى كانت متيسرة لدى الرئيس عبد ربه منصور هادى لم تكن كافية، ولذلك فقد كان من الضرورى توفير قوات برية تستطيع أن تمنع الحوثيين من استمرار التقدم فى عدن وباقى مدن الجنوب، فالحقيقة أنه صحيح أن الضربات الجوية أصابت أهدافًا للحوثيين، وبذلك أضعفته، ولكن هذا لا يوقف الانتشار فى باقى الأراضى اليمنية، وبعد النجاح فى منع التقدم، يمكن لقوات العملية العمل على استعادة باقى الأراضى سواء بالعودة إلى المفاوضات والحوار، أو بتنظيم هجوم مضاد عام ينهى الانتشار والسيطرة، ويعيد النظام. ألاحظ أيضا أننا لمرة جديدة نجد أنفسنا مضطرين لمحاربة جيش عربي، هو الجيش اليمني، حيث إن الرئيس السابق على عبد الله صالح استطاع أن يضم الجيش اليمنى إلى الحوثيين، وبالتالى وجدنا أنفسنا بدلاً من أن نبنى جيوشًا عربية نحارب نحن جيشًا عربيًا، ويذكرنا ذلك بحروب الجيل الرابع المزعومة، فقد سبق لنا أن حاربنا الجيش العراقى، ثم الجيش الليبى، وربما نكون ندمر الجيش العربى السوري، ولا نسأل أنفسنا كيف حدث أو يحدث هذا، إن ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربى المشترك الذين اعتمدت عليه فى تبرير عملية «عاصفة الحزم» لم يكن مقصودًا به مواجهة جيوش عربية، وإنما كان المقصود به مواجهة العدوان الخارجى فتركنا العدوان الخارجى وحاربنا بعضنا، إن هذا يشير إلى فشل القيادات العربية فى معالجة الأزمات، وتحقيق المصالحة، كما يشير إلى فشل جامعة الدول العربية فى تسوية النزاعات بين الدول العربية قبل تأزمها، هنا لا بد من تذكر أن الجيوش العربية كانت قد سبق وتعاونت فى مجهود مشترك، ربما كان أهمها الحرب عام 1973، حيث لم تتخلف دولة عربية تقريبًا عن المساهمة بالقوات أو بالمال. أخيرًا لا بد من أن نذكر أنه فى عام 1991 وبعد حرب تحرير الكويت صدر ما سمى حينئذ بإعلان دمشق، والذى قيل فيه إن وجود القوات المصرية والسورية فى الخليج تنفيذ لمعاهدة الدفاع العربى المشترك. ملحوظة أخيرة، لست خائفًا من سيطرة الحوثيين أو الإيرانيين على مضيق باب المندب امتداد قناة السويس فالمضيق مضيق دولى والعالم سيدافع عن تجارته، وهناك قاعدة أجنبية قريب منه جدًا، وإيران لم تمنع الملاحة فى مضيق هرمز رغم إشرافها عليه