رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير لـ"الدستور": البورصة تحترق.. و"الضرائب" ضربت سوق المال "في مقتل"

جريدة الدستور

*خبير اقتصادي للدستور: الحكومة تجاهلت البورصة خلال مؤتمر شرم الشيخ.. ورئيسي البورصة والهيئة فشلو في الترويج لها.
* انخفاض أحجام التداولات لأكثر من 50% حول المشهد إلى "الضبابية".
* حصيلة فرض الضرائب على البورصة لن تحقق أكثر من 5% من توقعات وزارة المالية.

قال محمد رضا، مدير إدارة البحوث المالية والاقتصادية والاستثمارية في كبرى المؤسسات المالية العاملة في أسواق المال: إن "مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" الذي عقد في شرم الشيخ، حقق نجاح فاق التوقعات و نتائج جيدة للاقتصاد المصري كان من المفترض أن تتفاعل البورصة المصرية معها بشكل إيجابي، لكن في النهاية نجح المؤتمر الاقتصادي واحترقت البورصة".

وأضاف: إن "الأمر لم يتوقف عند عدم تجاوب البورصة مع نجاح المؤتمر، وأنما تعرضت لنزيف من الخسائر وانخفاض أحجام التداول بمجرد الإعلان عن انتهاء المؤتمر"!، متسائلًا: "لماذا يحدث هذا؟".

وأضاف: إن "الحكومة قدمت كافة التسهيلات والمحفزات الاستثمارية الممكنة للمستثمرين؛ لتشجيعهم على الاستثمار المباشر، حيث قامت قبل انطلاق فاعليات المؤتمر الاقتصادي "مصر المستقبل" بتعديل قانون الاستثمار، وقدمت من خلاله حزمة استثنائية من التسهيلات متضمنة تطبيق الشباك الواحد وغيرها الكثير، كما قامت بتقديم المحفزات الضريبية للمستثمرين من خلال تخفيض سعر الضريبة إلى 22.5%، وألغت الضريبة بواقع 5% على الدخل الأكثر من المليون جنيه، كما قامت بتخفيض الضرائب على السلع الرأسمالية من 10% إلى 5%".
وأضاف: إن "الحكومة نجحت خلال المؤتمر في عرض رؤيتها للإصلاح الاقتصادي، وجذب الاستثمارات في قطاعات الاقتصاد المصري كافة من خلال جلسات عرض واستماع، بالإضافة لورش عمل استهدفت كافة القطاعات الاستثمارية للاقتصاد، وفي المقابل نجد أنها لم تقدم قبل أو خلال المؤتمر أية محفزات استثمارية للاستثمار غير المباشر في البورصة المصرية".
وأوضح أن الحكومة تجاهلت البورصة ودورها، وأكدت أنها ستبقى على ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة كما هي و لن تعيد النظر بها، بالإضافة لعدم قيام إدارة البورصة المصرية بدورها خلال المؤتمر للترويج للبورصة المصرية في هذا التجمع الاقتصادي العملاق، واكتفت بجلسة استماع حضرها رئيس البورصة ورئيس الهيئة العامة للرقابة المالية؛ لتغيب البورصة عن المؤتمر الاقتصادي.
وقال: إنه "كان من المنتظر أن تخصص للبورصة ورش عمل باعتبارها السوق التمويلي الأهم للمشروعات من خلال الاستثمار، وكان أيضًا من المنتظر أن يتم الترويج لدور البورصة في دعم الاقتصاد المصري في هذه المرحلة المهمة من تاريخه، وطرح أفكار مثل مشاركة البورصة بتمويل نسبة 10% إلى 15% من كافة المشروعات التي تم الترويج والاتفاق عليها من خلال المؤتمر لكن هذا لم يحدث؛ لينتهي المؤتمر الاقتصادي دون تحقيق أمال وطموحات المستثمرين في البورصة المصرية محدثًا حالة من الإحباط الشديدة لدى المستثمرين والعاملين في قطاع سوق المال المصري.

وأكد أن تلك العوامل تسببت في مزيد من انخفاض أحجام التداول واستمرار نزيف مؤشرات البورصة المصرية، هذا بالإضافة إلى المخاطر الأقليمية التي تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، التي تداخلت بها مصر بدءًا بالضربات الجوية للقوات المسلحة في ليبيا، ومخاوف مشاركة مصر في حرب اليمن ضد الحوثيين التي تحققت ببدء الحرب ومشاركة مصر جويًا وبحريًا مع احتمالية دخول قوات برية، وذلك ضمن تحالف يضم عشرة دول لمحاربة الحوثيين في اليمن.

وكشف أن البورصة تعاني من مجموعة مشكلات هيكلية التي تمثل عائق جوهري أمام تطورها وزيادة ريادتها وتنافسيتها بالمقارنة بالبورصات المماثلة في منطقة الشرق الأوسط مرورًا بطول زمن تسوية التعاملات وقواعد الشطب وقواعد الشراء الإجباري، بالإضافة إلى المعوقات والقيود التي تواجه تحويلات العملات الأجنبية، في الوقت الذي عانت فيه البورصة المصرية بشكل حاد خلال الثلاثة سنوات السابقة، وخرجت منهكة من ثورتين وانحصر تواجد المستثمرين والمؤسسات الأجنبية فيها، وحققت الغالبية العظمى من المستثمرين خسائر كبيرة وانخفضت المؤشرات وأحجام التداولات بشكل حاد، وتخارجت كبرى الشركات المقيدة من البورصة المصرية.

وتابع بدلاً من أن تقوم الحكومة بالعمل على تطوير البورصة المصرية من خلال وضع وتطوير، التي تمكن من زيادة حجم السيولة وجذب الأستثمارات الاجنبية وزيادة قاعدة المستثمرين؛ لتمارس البورصة دورها الأساسي في تمويل القطاعات الاستثمارية في الاقتصاد القومي من خلال الاستثمار، تم فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة التوزيعات الذين تسببوا في مزيد من الانخفاض لأحجام التداول، وعدم استقرار السوق وبدون دراسة ما مدى العائد الذي ستحققه فرض هذه الضرائب؟، مقارنة بالأضرار الذي ستسببها للبورصة المصرية بمزيد من الضغوط الطاردة للاستثمار من سوق الأوراق المالية.
وأكد أن انخفاض أحجام التداولات بالبورصة المصرية بشكل حاد لأكثر من 50%، بالمقارنة بما قبل فرض الضرائب؛ ليتحول المشهد إلى ضبابية وتضارب وعدم وضوح الرؤية في ظل عدم صدور اللائحة التنفيذية لهذه الضرائب حتى الآن، رغم صدور القانون وتطبيقه بالفعل منذ يونيو 2014؛ ليؤدي لتخارج معظم المستثمرين من السوق وخاصة المؤسسات الأجنبية.
وأوضح أن حصيلة فرض الضرائب على البورصة لن تحقق أكثر من 5% من توقعات وزارة المالية، وهي حصيلة ضعيفة جداً مقارنة بالأضرار الكبيرة التي تكبدتها البورصة المصرية وبعيدة جدًا عن التوقعات التي أعلنت أن الحصيلة من فرض الضرائب ستتخطى 10 مليارات جنيه للسنة المالية 2014/2015، والاعتراض لاينصب هنا بشكل كبير على مبدأ فرض الضريبة، لكن الاعتراض وبشكل محدد على توقيت فرضها على سوق بالفعل في مرحلة كساد متأثرًا بمجموعة من المشكلات الهيكلية وسنوات من الاضطرابات السياسية، ويحاول الخروج منها فكان الأولى الانتظار والعمل على تطوير البورصة المصرية حتى يدخل السوق في مرحلة الانتعاش؛ لتحقيق عائد للدولة مضاعف عم ينتظر الآن.

فس سياق ذي شأن أوضح "رضا"، أن فرض ضريبة الأرباح الرأسمالية مع ضريبة توزيعات الأرباح وفي وقت واحد تضرب جاذبية سوق الأوراق المالية المصرية في مقتل، وتؤثر بشكل سلبي على حركة الاستثمار بسوق المال، ويخلق مزيد من العوامل الطاردة وغير الجاذبة للاستثمار الأجنبي.

وأشار إلى أنه بدراسة الاسواق الناشئة الكبري في العالم نجد أنه لا تفرض كلا الضريبتين مجتمعتين (ضريبة الأرباح الرأسمالية وضريبة توزيعات الأرباح)، مؤكدًا أن الدور الحقيقي للبورصة هو أنها أحد أهم مصادر التمويل للمشروعات من خلال الاستثمار، وتعتبر في الدول المتقدمة اقتصاديًا المرآة التي تعكس الأداء الاقتصادي للدولة لكل من الاقتصاد الكلي والجزئي، ولكن في مصر يتم التعامل مع البورصة على أنها سوق للمضاربات ليس أكثر.

ولفت إلى أن هذا الأمر لا يخلق قيمة مضافة للاقتصاد وهذه نظرة خاطئة جدًا للبورصة المصرية، فلا تجد البورصة الدعم سواء من الحكومة أو من المستثمرين للوصول إلى الهدف الحقيقي منها، فلا يوجد اقتصاد قوي بدون بورصة قوية فعالة توفر مقياس يومي لأداء الدولة الاقتصادي والسياسي.

وأخيرًا طالب الخبير الاقتصادي بضرورة إعادة النظر للبورصة المصرية على أنها السوق الأهم لتمويل المشروعات والتي تدعم القطاعات الاستثمارية للاقتصاد المصري، من خلال الاستثمار ويجب أن نعي أنه لاوجود لاقتصاد قوي بدون وجود بورصة قوية تكون بمثابة مؤشر يومي للأداء الاقتصادي؛ لذلك يجب إعادة النظر في التوجه الضريبي لتعاملات المستثمرين في البورصة وإلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية مع الإلتزام مستقبلاً بمبدأ وضوح الرؤية للتوجه الضريبي، وعدم التضارب والاستقرار والثبات، واختيار التوقيت المناسب لفرض الضرائب، وكذلك التوجه لتطوير آليات عمل البورصة المصرية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر تطبيق آلية التسوية اللحظية للمعاملات بديلاً عن التسوية خلال يومين، وإعادة صياغة قواعد القيد في البورصة المصرية لتشجيع وتحفيز الشركات على قيد أسهمها في البورصة المصرية.

مشددًا على ضرورة تنظيم ضوابط الشطب الاختيارى والتوجه لتنظيم عمليات الاستحواذ بديلاً عن الشراء الإجباري، بالإضافة إلى إزالة المعوقات والقيود التي تواجه تحويلات العملات الأجنبية، وتطوير آليات الأفصاح والشفافية للشركات المقيدة بالبورصة المصرية، والرقابة على التداول بنموذج متكامل للحوكمة يدعم تحول المستثمرين بالبورصة؛ للاعتماد على التحليل الأساسي في اتخاذ قراراتهم الاستثمارية؛ مما يقلص من سوق المضاربات للتحول إلى سوق أوراق مالية فعال وقوي وتنافسي جاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية يعبر عن الأداء الاقتصادي الكلي والجزئي، ويكون بمثابة السوق الرئيسي لتمويل المشروعات بقطاعات الاقتصاد المصري كافة.