رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى القلب المتسامح... أبى


«الطريق إلى جهنم ملىء بالنوايا الحسنة»، «إذا وضعت النقود تحت قدميك ترفعك إلى أعلى وإذا وضعتها فوق رأسك نزلت بك إلى أعماق الأرض». «أحبى الخير للناس».. «سامحى».. هذه كلمات أبى التى تربيت عليها... فقد تربيت على يد قلب فى شوق للقائى.. قلب أحبنى قبل مولدى، لأنه كان فى انتظار طفلة تحمل اسم والدته التى عشقها وتوفيت وهى فى الثلاثينيات ولا يزال قلبه حزيناً لفراقها حتى هذه اللحظات، ويردد لى دائمًا مدللاً «أنت أمى».. تربيت على يد قلب متسامح إلى عنان السماء، يحب الخير للناس ويسعد لفرحهم، يعطى دون أن ينتظر المقابل... فقد تبرع بالعديد من الأراضى لإقامة كثير من المبانى لخدمة بلدته «غزالة عبدون» مركز فاقوس محافظة الشرقية.. كما تبرع بمركز للشباب ودار للمناسبات ولم يفكر لحظة حتى أن يكتب اسمه عليها طوال سنوات طويلة...

تربيت فى بيت الجود والكرم، بيت ينشر من حوله المحبة... بيت يملأه الدفء لأنه يأخذ حرارته من حب أهل البيت للخير... تربيت فى بيت يملأه الإيمان... لأن يقين أبى بالله سبحانه وتعالى يقينا صادقاً بأنه يقف بجانبه، يحيطه، مؤمناً إن ربه القدير قد منحه الكثير وله جملة معروفة «ربى مدلعنى بكثير من النعم»...

أبى.. يحفزنى دائماً على الدعاء بثقة ويقين منى باستجابة الدعاء، فكبرت وأنا أردد «أن مع اليسر يسراً» «ولسوف يعطيك ربك فترضى».. مشدداً علىّ دائماً بأن «الله سبحانه وحده هو المدبر»، فتوكلت على ربى فى أمورى كلها..

تربيت فى بيت التواضع فيه هو عنوانه... فلا أنسى كلماته عندما تضايقت مرة وأنا صغيرة من طفلة مغرورة فقلت له «أريد أن أتعلم أن أصبح مغرورة مثلها لأتعامل معها بأسلوبها «فقال لى بهدوء» أتريدين أن تتخلى عن نعمة أنعمها الله سبحانه وتعالى بها عليك، فالتواضع وحبك للناس نعمة من الله حافظى عليها»... جعلتنى تلك الكلمات أحافظ طوال حياتى على تلك النعمة...

علمنى أبى... تذوق الشعر، جمال اللغة العربية، عبقرية صوت أم كلثوم، فلا أزال أتذكر أسئلته لى وأنا طفلة ونحن نسمع قصائد أم كلثوم «ما معنى أيكه»؟ كيف يسبق الإنسان ظله؟. أبى.. كلما أستمع إلى هذه القصائد، أتذكرك وأتذكر مناقشاتنا حول جمال اللغة العربية.

عائلتى هى الوطن.... تربيت على بذور الخير، أشجارالثقة بالنفس، زهور العطاء والتسامح سنابل قوة العزيمة والإصرار... الرجولة فى التعامل... الأمومة فى العطاء، أحترام الكبير والمسن والمريض والضعف الإنسانى... وإن خير الناس هم أعذرهم للناس.. هكذا تربيت وهكذا أربى ابنتى.. يارب.. أتوجه إليك بنبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - أن ترفع درجة والدى فى الجنة وأن تكرمهم بيتاً فى الجنة، وحرم عليهم نار جهنم يا كريم... يارب.. أسقهم شربة هنيئة من يد حبيبك المصطفى... يارب... أنظر إليهم بوجهك الكريم فإن من تنظر إليه بوجهك الكريم لا تعذبه أبداً.. يارب.. اللهم ارزقهم بالصحة والستر ولا تذق قلوبهم إلا السعادة وراحة البال.. أمين.. موعدنا الأحد المقبل إن شاء الله