رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حوارٌ لم يتم مع الرئيس أوباما «2 - 2»


تمنيتُ لقاءً شخصياً وحواراً مع الرئيس أوباما بعيداً عن لغة الدبلوماسية ومتاهاتها، وبالطبع فإن هذه الأمنية بعيدةُ المنال لأسبابٍ عدة، إلا أنى تخيلتُها تحققت بحديثٍ استلهمتُ مفرداتِه من مجريات الأحداث والتصريحات الأمريكية المتفرقة، وبدأتُ سرده فى الأسبوع الماضى واليوم نستكمله.
 «س» سيادة الرئيس.. من المعلوم يقيناً أن جماعة الإخوان
المتأسلمين رغم عدم شرعيتها فقد تعاونتم معها ولم ينقطع الاتصال بينكم حتى الآن، فماذا تشكل لكم تلك الجماعة الإرهابية.

«ج» نحن نتعامل مع الدول والمنظمات والجماعات وكل القوى الدولية وفقاً للمواثيق والقوانين الدولية وبما يتوافق مع مصالحنا الاستراتيجية وبما يحقق الأمن والسلم الدوليين، وهذه الجماعة لم تُصنّف لدينا كمنظمةٍ إرهابية وهى لا تشكل خطراً على المصالح الأمريكية بل تتوافق معها، كما نرى لها ثقلاً فى مصر وخارجها، وبالتالى فقد وجدناها أنسب القوى العربية للاضطلاع بدورٍ محورى فى النظام العالمى الجديد الذى تقوده الولايات المتحدة الأمريكية.

«س» مع التحفظ الشديد على رؤيتكم وتقديركم لتلك الجماعة، ألا يدعوكم سقوطها فى مصر إلى تغيير رؤيتكم وإعادة تقدير موقفكم.

«ج» دعنى أجيبك بصراحة، فإن تغيير رؤيتنا وموقفنا تجاه هذه الجماعة مرهونٌ بوجود البديل المناسب الذى يتوافق مع الاستراتيجية الأمريكية. «س» هل تعنى بذلك أن تظل مصر فى دائرة التبعية الأمريكية راضخةً تحت هيمنتها البغيضة حتى يصبح نظامُها الحاكم بديلاً مناسباً لنظام حكم الإخوان. «ج» نحن لا نسعى للهيمنة على أحد، ولكن لدينا استراتيجية واضحة لمواجهة الحاضر الذى يشهد صراعاً محموماً بين القوى الدولية، والتحسب للمستقبل الذى قد يشهد حرباً كبرى لحسم الصراع، وبالتالى فعلى الدول أن ترتب أوراقها وفقاً لرؤيتها ومصالحها فى الحاضر والمستقبل، وأعتقد أنه يمكن للإدارة الأمريكية والحكومة المصرية الاتفاق على رؤيةٍ جديدة تحقق المصالح المشتركة بينهما والأهداف الاستراتيجية لكليهما، دون نظرٍ لما كان سيقدمه نظام الإخوان.

«س» بمناسبة تصريحاتكم المتكررة عن دعم إرادة الشعوب ألا ترى أن عدم تأييدكم صراحةً حتى الآن لإرادة الشعب المصرى بثورته فى 30 يونيو، يؤكد زيف تصريحاتكم وما تتشدقون به من شعارات.

«ج» إخفاق الرئيس مرسى فى إدارة شئون البلاد كان كفيلاً بعدم استمراره، ولكننا لم نتوقع أن يتم الإطاحة به بهذه الطريقة، ولذلك فنحن مازلنا نرقب المشهد المصرى لتقييم مدى رغبة وإرادة الشعب فى التغيير الذى حدث. «س» سيادة الرئيس اسمح لى أولاً أن أصحح لك مفهوماً خاطئاً، فالشعب هب بثورته لإسقاط هذا النظام ليس لإخفاقه فى إدارة شئون البلاد ولكن لخيانته للوطن وتفريطه فى أمنه وسيادته. ثم أعود لسؤالى الأخير عن رؤيتكم للإرهاب ومكافحته فى الوقت الذى يتهمكم العالم بأنكم صانعوه وداعموه. «ج» لقد وُلدَ الفكر الإرهابى ونشأ وتجذر وأصبح حقيقةً واقعة ولا يمكن القضاءُ عليه، ولكننا نكافح نتاج هذا الفكر وهو الأعمال الإرهابية، وبالطبع فنحن حريصون على أن تظل فى موطنها ونحاربها فى بلادكم بدلاً من محاربتها فى بلادنا. وأما عن اتهامنا بدعم تلك الأعمال الإرهابية فهو اتهامٌ لم يقم عليه دليلٌ قاطع، ومع ذلك يجب تقدير أننا نخوض صراعاً دولياً يفرض علينا استغلال كل المتاح لمجابهته. كان هذا هو الحوار الذى تخيلته بينى وبين الرئيس أوباما، وأعتقد لو حدث بالفعل ما خرج عن هذا السياق، ومن ثَمَّ أستطيع الجزم بأن ثورة 30 يونيو المجيدة كانت طوق النجاة لمصر التى تسير الآن فى طريقها الصحيح، وأن أعداءَ الوطن بالداخل هم أدواتُ أعدائه بالخارج، ولا مناص من محاربتهم عسكرياً فى ساحة الإرهاب التى اختاروها، وسياسياً فى ساحة الدبلوماسية التى نجيدها ويمكن من خلالها - وبمؤازرةٍ اقليميةٍ - صياغةُ رؤيةٍ جديدةٍ لأمن واستقرار المنطقة وضمان مصالح الغير دون تفريطٍ فى الارض أو إهدارٍ للسيادة.. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل