رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

قطر .. ومنهج الصيد مع الكلاب..!! "2"


تشير الشواهد الخفية أن أمريكا لم تعد اللاعب الوحيد فى المنطقة العربية ولا المسئول الأوحد عن تفكيك الكيان العربي إلى كانتونات صغيرة يسهل إداراتها والتحكم فيها ، فهناك لاعبون جدد، يعيدون أنتاج أنفسهم فى أثواب جديدة. تقوم على غزو العقل العربى، كبديل لأفكارهم الامبريالية البالية. ومن ثم فقد أقحموا أنفسهم عن عمدٍ فى الصراع العربي الأسرائيلى، والذى تحول بشكل مدروس إلى صراع محتدم بين الشعوب العربية وأنظمتها الحاكمة..!!

وكان من الصعب بل من المستحيل على طرف خارجى أن يدخل هذه اللعبة إلا من خلال إسرائيل، باعتبارها الطرف الأساسي فى اللعبة والتى أوهمت العالم على مدار سنوات طويلة بأنها "الابن الشرعي" لأمريكا. فى ذات الوقت الذى كانت تفتش فيه عن "أبٍ" جديد.!! فبعدما تأكد لإسرائيل أن سوء الإدارة الأمريكية هو ما سمح بوجود " إيران الذرية" والتى قد يكون لها تداعيات كارثية على التمدد الصهيونى؛ فقد حدث انتقال ناعم لـ"التبنى " من أمريكا إلى بريطانيا ؛الأمر الذى دفع الصحف الأمريكية إلى التوقع بأن خطاب "نتنياهو" المرتقب أمام الكونجرس سوف يكون الأهم؛ لما يحمله من تهديد صريح للعلاقات الأمريكية والإسرائيلية .. خاصة وأن الإسرائيليين المؤيدين لنتنياهو يصفونه بأنه التلميذ النجيب لـ"تشرشل" رئيس وزراء بريطانيا الأسبق .. وأن لهجة نتنياهو المهددة بقطع العلاقات الأمريكية؛ ربما تكون سببا لفوزه فى الانتخابات للمرة الرابعة .. الأمر الذى يجعلنا نتنبأ بأن تكون بريطانيا هى القبلة القادمة لإسرائيل ..!!

ولعل هذا هو ما أغضب أمريكا ودفعها  لأن تكشف عن تقاريرها الاستخباراتية التى تضع "لندن" فى مقدمة الدول الداعمة بل والمصدرة للإرهاب فى الشرق الأوسط. وأنها  قد أرسلت عشرات الشباب للقتال فى الصومال وسوريا.. وأنها سمحت بتدريب شباب  مع تنظيم القاعدة فى شرق أفريقيا. بل وصل الأمر إلى اعتراف صريح من " ادورد سنودن" الموظف بوكالة الأمن القومى الأمريكى بأن الوكالة شاركت فى تنفيذ خطة بريطانية قديمة لحماية إسرائيل تسمى بـ"عش الدبابير" تقضي بإنشاء تنظيم إرهابى قادر على استقطاب المتطرفين من جميع أنحاء العالم في مكان واحد ، شعاراته إسلامية ويتكون من مجموعة من الأحكام المتطرفة. حيث ارتأت المخابرات البريطانية أن الحل الوحيد لحماية إسرائيل يكمن في خلق عدو قريب من حدودها، لكن سلاحه موجه نحو الدول الإسلامية الرافضة لوجوده. الأمر الذى يتطلب وجود دولة عربية موالية لاسرائيل وبريطانيا . ومن هنا جاء لقاء مدريد عام 1996 لنشأة وتوثيق العلاقات القطرية مع إسرائيل..!والتى أسفرت عن  افتتاح المكتب التجاري لإسرائيل فى الدوحة، وإنشاء بورصة الغاز القطري فى تل أبيب. كما أن قطر كانت الداعم الأول لعمليات المصالحة الخليجية مع إسرائيل وإنهاء فترة المقاطعة غير المباشرة المفروضة على الشركات العاملة فى إسرائيل !!

وربما تكشف لنا هذه السيناريوهات عن اللهو الخفى فى كل ما يجرى فى المنطقة. كما أنها تجعلنا لا  نستغرب أن حجم التبادلات الاقتصادية بين قطر ولندن سنويا تجاوز الخمسين مليار جنيه استرلينى، وأن قطر تعد " السوق الرئيسية" للأسلحة البريطانية. كما أنها تجعلنا نتسأل: لماذا تنفق قطر سنويا قرابة ثلاثة ملايين جنيه استرلينى لشراء أسلحة من بريطانيا ؟ وفيما تستخدمها ولمن تبيعها..؟ ولعل الإجابة على هذه التساؤلات تساعدنا فى معرفة الأسباب الخفية لاحتضان كل من بريطانيا وقطر للعناصر الهاربة من جماعة الإخوان المسلمين. وكذلك تفسر لنا أسباب عدم دعم بريطانيا لثورة 30 يونيو وخارطة الطريق. ولماذا لم تبادر بريطانيا بدعوة السيسى لزياراتها..؟ ولماذا لم يفكر الرئيس السيسى فى زيارة بريطانيا ..؟ وربما تكشف لنا بوضوح عن مصادر الأسلحة المتطورة التى تستخدمها "داعش".. وربما تفسر لنا أيضا الضغوط التى يمارسها البرلمان البريطانى على "كاميرون" لمطالبة قطر بالتوقف عن دعم الإرهاب. وأن تكف عن" الجري مع الأرانب .. والصيد مع الكلاب"!!

[email protected]