رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أردوغان وداعش"..."ميكس كل حاجة والعكس"

جريدة الدستور

لم يعرف له موقف صريح وواضح، منذ توليه رئاسة تركيا أو قبل ذلك أيضًا، الطرق والتصريحات كلها تؤدي إلى رفض التنظيم الإرهابي داعش، والترحيب به في نفس الوقت، والتلاعب بتعاليم الإسلام، ومزجه بما ليس فيه كان ملجأوه في كل مرة؛ لتبرير تلك التناقضات، التي لم تحسم حتى تلك اللحظات، فداوم الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" على التلاعب بالألفاظ بشأن تنظيم داعش، أدى إلى تناقض موقفه مع التنظيم حتى تلك اللحظات.
كانت بداية الأمر مع إعلان الولايات المتحدة الأمريكية نيتها، في عقد تحالف مع قوى الشرق الغرب تقف جميعها ضد تنظيم داعش، فكانت الخطة، التي أعلنت أنها الولايات المتحدة الأمريكية هدفت إلى اجتثاث تنظـــيم "الدولة الإسلامية" في كلٍ من: "العراق، وسوريا"، الأمر الذي أيدته عشر دول عربية على رأسها "السعودية، ومصر، والأردن"، التحرك لإنهاء هذا التنظيم.
ليخرج أردوغان بعدها ويصرح: إن التحالف ضد القوى الإسلامية مرفوض ولا يعد إرهابًا، وتقوم قواته بضرب معاقل الأكراد في ظل الحرب، التي يخوضها وحدات حماية الشعب الكردية في سوريا ضد تنظيم "داعش" الإرهابي، الأمر الذي أتضح منه دعم أردوغان للتنظيم الإرهابي.
الأمر الذي أدى بالتنظيم إلى إعادة المختطفين الأتراك في أكتوبر الماضي دون أن يمسهم سوء، والإفراج عن العشرات منهم بلا فدية أو مقابل، ولم يعلم أحد حتى الآن تفاصيل الصفقة، التي أدت إلى هذا الإفراج، رغم المعروف عن التنظيم الإرهابي، أنه يرتكب مجازر عديدة في حق الشعوب العربية، إلا أنها توقفت عند الأتراك التابعين للرئيس التركي الداعم لداعش.
"حادثة قتل 21 مصريًا" كشفت دعم أردوغان للتنظيم الإرهابي، فبمجرد أن بث التنظيم ذلك الفيديو، الذي يُظهر عملية قتل رهائن مصريين في ليبيا، حتى تواردت ردود الأفعال المصرية، الإسلامية، والقبطية، وكافة الأحزاب والقوى السياسية، والشخصيات العامة والفنية والرياضية، والمنظمات الحقوقية، والمجتمع المدني، وردود أفعال عالمية تدين الحادث.
المذبحة البشعة، أوجدت حالة من الغضب حول العالم، واستنكار عربي ودولي لهذا الفعل الهمجي والوحشي، وتوالت ردود الأفعال السريعة والعاجلة، حتى من داخل ليبيا نفسها، سواء البرلمان أو الخارجية أو الرد العسكري للجيش الليبي، وكان الصمت هو سيد الموقف في الجانب التركي.
وإزاء ذلك الدعم المنقطع النظير، خرج الرئيس التركي أمس يهاجم داعش بقوله: "إن التنظيم يحاول تدمير حضارتنا وثقافتنا الإسلامية، وأن إحراق التنظيم أكثر من 8 آلاف كتاب ومخطوطة من مكتبة الموصل، كما حدث سابقًا في مدينة "تمبكتو" في مالي، يعد فعلًا همجيًا لا ينتمي للإسلام".
وهاجم أردوغان خلال افتتاح معرض الفنون التقليدية تحت عنوان "من الكلام إلى القلم"، في إسطنبول، تنظيم داعش، وأنه يقوم بنفس أسلوب المغول في سوريا، والعراق، ويحاول تدمير الحضارة والثقافة.
الأمر الذي عكس موقف أردغان من الترحيب إلى الهجوم، كما ذكرت تقارير صحفية تركية: إن الولايات المتحدة، وتركيا، أوشكتا على إبرام اتفاق يتيح للقوات الأمريكية، والقوات المتحالفة معها استخدام قواعد جوية تركية في إطار التحالف الأمريكي ضد داعش، والذي رفضته الحكومة التركية من قبل.
هذه التعاونيات جاءت بعد زيارة "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي لتركيا في نهاية العام الماضي، تحت زعم تضييق نطاق الخلافات في شأن محاربة عناصر داعش والتوحد؛ لمهاجمته في كل البلدان العربية.
ولم تقف تناقضته عند حد تنظيم داعش فقط، بل امتدت لتطول القضية الفلسطينية، ففي أغسطس الماضي كشفت صحيفة كشفت صحيفة "أيدينلك" التركية المعارضة عن أن أنقرة أمدت إسرائيل بـ124 طنًا من وقود الطائرات، وهو ما يعنى استخدامها في المقاتلات الإسرائيلية التى تقصف غزة.
يذكرنا ذلك بموقف الرئيس التركي المفتعل حين هاجم "شيمون بيريز" رئيس إسرائيل السابق في مؤتمر دافوس، وترك القاعة وخرج بأداء تمثيلي، فهجومه لم يكن متسقًا مع الأفعال، التي يقوم بها في الخفاء أو مع جملة المواقف التركية القريبة من إسرائيل، والتي أضرت بالقضية الفلسطينية.
كما أن تركيا رفضت منذ سنوات طويلة عضوية إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وتراجعت تركيا عن هذا الاعتراض في 11 مايو 2010، ومهدت الطريق لإسرائيل لكي تصبح عضوًا في هذه المنظمة.
مواقف الرئيس التركي المتناقضة طالت مصر أيضًا، فمنذ عزل الرئيس محمد مرسي عقب ثورة 30 يونيو، وشن الرئيس التركي هجومًا حادًا على مصر.. واصفًا حكومتها بالانقلاب، واتهامات باطلة لم يكف عنها في كل خطاباته، ومع ذلك ظهر تناقضه واضحًا جليًا، بعد أن طلب وزير خارجيته موعدًا للقاء وزير خارجية مصر قبل أشهر قليلة.