رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هذا المحتوى بأقلام قراء جريدة وموقع الدستور

المدرسة و الجيل الرابع من الحروب

جريدة الدستور

إن عالمنا العربي اليوم يعاني كل المعاناة من هجمة شرسة يشنها أعداء الأمة العربية من خلال مرتزقة يسعون في الأرض فسادا و هم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، إن هذه الحرب تسمى في المصطلح العسكري بالجيل الرابع من الحروب ، هي حرب تسعى إلى أن يدمر الشعب العربي نفسه بنفسه دون تدخل عسكري على الأرض ، و بالطبع يخضع الشعب المستهدف إلى كل أنواع الدراسات النفسية و الاجتماعية بحيث يسهل إدارة عقول الشباب و توجيههم عن بعد لتدمير أوطانهم في الزمان و المكان المستهدف .
و هذا النوع من الحروب لا يمكن التعاطي معه عسكريا أو سياسيا ، لأنه في الأساس يستهدف تفكيك أركان الدولة الأساسية و هي القضاء و الشرطة و المؤسسة العسكرية لذلك من المستحسن أن لا تدخل هذه المؤسسات في صراع مباشر مع الفئات التي يتم توجيهها ، بل يجب أن تقوم مؤسسات أخرى بواجب التصدي لهذه الحرب و أقصد هنا مؤسسة التربية و التعليم و الإعلام ، فالمعلم هنا هو الجندي الرئيسي الذي يجب أن يثبت في المعركة لكي يعيد الوعي و ينشر الفكر المضاد الذي يقي عقول شبابنا من الأفكار السلبية الهدامة .
إن مناهجنا التقليدية لم تعد تلبي حاجات المجتمع العربي بل يجب أن تعاد صياغة هذه المناهج بشكل عصري يواكب التطور النوعي في وسائل التواصل الاجتماعي ، هل يوجد في مناهجنا ما يقدم للطلاب عن أداب التعامل مع الانترنت ؟ هل يعرف طلابنا الفرق الحوار و المناظرة و الحديث المباشر الموجه و الحديث الغير مباشر ؟ هل يدرك طلابنا الفرق بين الخبر و المعلومة و الإشاعة ؟ هل يصدق طلابنا كل ما يقال في الإعلانات وبرامج التوك شو ؟ هل عقول طلابنا مستعدة لتفنيد الآراء و تحليل الرؤى و استنباط الرسائل المبطنة بين السطور ؟
إن الغرب كعادته سبقنا في تدريس هذه الأمور من الصف الأول الابتدائي و تجد الطالب يدرس أن لا يصدق كل ما يقال في الإعلانات التجارية لأن ما فيها هو ترويج لكي تشتري البضاعة التي يتم تسويقها ، ثم في الصف الثاني يبدأ يفهم الفرق بين الخبر و الرأي و الحقيقة ، ثم في الصف الثالث يعطوه المنهج العلمي لتفنيد وجهات النظر و البحث عن البراهين و الأدلة و محاجاة الرأي الأخر ، بالإضافة إلى أداب الاختلاف في الرأي و خطوات حل النزاعات مع الأصدقاء . كل هذه الأمور تقي الأمم و الشعوب من الجهل الذي يستغله أعداء الأمه في الجيل الرابع من الحروب . لذلك أطالب بسرعة تغيير المناهج من الصف الأول حتى الجامعة لكي نستطيع أن نجابه ما يحاك لنا من مكائد ، اللهم أنصر أمتنا العربية ووحد صفوفنا .