رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أمريكا ومجلس الأمن وازدواجية المعايير


انعقد الأربعاء الماضى، مجلس الأمن الدولى بطلب من فرنسا، لبحث العنف بين إسرائيل وحزب الله اللبنانى. جميل أن يهتم المجلس بهذه السرعة. أعتقد أن فرنسا هى التى طلبت ذلك على وجه السرعة، مجاملة للكيان الصهيونى المحتل لفلسطين ومزارع شبعا فى جنوب لبنان والجولان السورية، حتى تتفادى دعوة نتنياهو ليهود فرنسا بالخروج إلى وطنهم «إسرائيل».. أمريكا مؤيدة لإسرائيل على طول الخط، وبينهما اتفاقات استراتيجية.

وندد مجلس الأمن بمقتل الجندى الإسبانى فى قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام بجنوب لبنان «اليونيفيل» البالغ من العمر 36 عاماً، والذى قضى خلال تبادل لإطلاق النار بين جنود إسرائيليين ومقاتلين من حزب الله.

أما السفير الإسبانى لدى الأمم المتحدة رومان أويارزون فقد صرح بأنه «من الواضح أن موت الجندى الإسبانى حصل بسبب التصعيد فى أعمال العنف، وأنه قتل برصاص إسرائيلى».. هل يفهم مجلس الأمن هذه الرسالة؟

اعتادت إسرائيل أن تقصف العديد من القرى فى جنوب لبنان، حيث توجد مواقع لقوة الأمم المتحدة فى لبنان والجيش اللبنانى، كما اعتادت تدمير غزة وغيرها.

أما المتحدثة باسم الخارجية جنيفر بساكى، فتصرح كما هو متوقع - بأن أمريكا «ندعم الحق المشروع لإسرائيل فى الدفاع عن النفس، ونواصل حث جميع الأطراف على احترام الخط الأزرق بين إسرائيل ولبنان».. لا يهم أمريكا أن تحتل إسرائيل بلادنا وتعتدى علينا، أما أن نحاول أن نحرر بلادنا فإننا إرهابيون.

الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون دعا فى بيان إلى «ضبط النفس والهدوء» حاضاً جميع الأطراف على «العمل بشكل مسئول من أجل الحؤول دون حصول تصعيد فى مناخ إقليمى أصلاً متوتر». وهذا هو المتوقع من مجلس خاضع للهيمنة الغربية.. مجلس الأمن يجتمع لمقتل إسرائيلى محتل أو أكثر، فى صراع بين حزب الله المقاتل وهو الجهة الوحيدة التى تستطيع أن ترد على العدوان الصهيونى على لبنان، ويجب على الحزب نيابة عن لبنان أن يسعى إلى تحرير مزارع شبعا.. ألا يدرك الغرب خصوصاً أمريكا ضرورة تحرير الأراضى المحتلة سواء فى لبنان أو فلسطين حتى يكون السلام عادلاً ومقبولاً؟.

انتشرت قوات الأمم المتحدة فى هذه المنطقة بعد احتلال الكيان الصهيونى أجزاء واسعة من جنوب لبنان سنة 1978، وهى قوة لا يستهان بها حوالى عشرة آلاف جندى من 36 دولة. أقول بوضوح كامل، إن حزب الله له الحق بل عليه واجب تحرير الأراضى المحتلة، وهو بهذا يقوم بالواجب الذى كان منوطاً بالجامعة العربية وبجميع الدول العربية، التى شكلت يوماً ما اتفاقية الدفاع العربى المشترك، ثم ضاعت، كما ضاع غيرها من اتفاقيات استراتيجية بسبب الانصياع للهيمنة الغربية، والوهن الذى أصاب الأمة، والصراع الداخلى حتى قبلت العرب القواعد العسكرية الأمريكية والفرنسية، فى جزء عزيز من الأمة، وبفتاوى شاذة من بعض العلماء الذين يظنون أن الفتاوى فى الشئون السياسية مثل فتاوى الطهارة والوضوء أو التيمم.

أشد على يد حزب الله ورؤيته الاستراتيجية لتحرير، ولو لبنان وحدها، ولعله يظل بعيداً عن أى إسهام فى الصراع الدائر أو دعم حكام أو أنظمة مجاورة لا عقل لها. دعم الأوطان من التفتت خصوصاً المجاورة للكيان المحتل ضرورة واستراتيجية حتى لا تزداد تلك الأوطان ضعفاً.. ولكن حكامنا، يجب أن يكونوا على قدر من المسئولية فى الإدارة والحكم، حتى ترى الشعوب منهم، عدلاً ومساواة وحريات حفاظاً على الكرامة، ونرى منهم تقدما خروجاً من التخلف، عن ئذٍ نستطيع تحرير الأوطان المحتلة، وفى مقدمتها فلسطين وجنوب لبنان، والجولان السورية من الاحتلال الصهيونى، ونحرر بلادنا من الهيمنة الغربية بشكل كامل. ماذا تفعل أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا، لو أن دولة أخرى أو عصابات احتلت جزءاً من أرضها؟ هل ستضع جنود الأمم المتحدة هناك. وتفصل بين القوتين؟ وانتهى الأمر بكل بساطة؟ ثانياً: إذا كان الهجوم اللبنانى رداً على على الغارات الإسرائيلية، فلماذا لم يجتمع نفس المجلس لتحذير إسرائيل بعد تلك الغارات؟أرى بكل تأكيد، ازدواجية فى المعايير الغربية، إذ لا يمكن أن تخطئ العقلية الغربية التى وقفت وراء الحضارة المعاصرة العظيمة أو التقدم العلمى الرائع، لا يمكن أن تخطئ العدل فى مواجهة الاحتلال الصهيونى، أو لا تدرك حق الدول الآخرى ومنها إيران- غير الكيان الصهيونى- أن تسعى لامتلاك أسلحة نووية للاستخدام السلمى.. كان الله فى العون.. والله الموفق