رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المصاعب وكيفية التغلب عليها فى حرب أكتوبر«2-2»


استكمالا لمقالنا تحت العنوان نفسه الأسبوع الماضى، نتطرق إلى محور التغلب على سرعة التيار فى قناة السويس حيث تبلغ سرعة التيار فى قناة السويس من0,8 – 1متر/ ثانية وهذه سرعة عالية جدا فى الموانع المائية، وقد تؤدى هذه السرعة إلى صعوبة المحافظة على الاتجاه لوصول القوارب المحملة بالأبطال إلى النقاط المحددة لها. وكذا ضمان عمل المعديات ومركبات العبور الحاملة للأسلحة والمعدات فى الوصول والعودة إلى نقاطها الأساسية. وبما يضمن عدم تكديس أى وسائل فى نقطة أخرى للمحافظة على عامل الوقت المحسوب بكل دقة فى خطة العبور. وقد تقرر أنه لابد من تثبيت أحبال متينة على الضفة الغربية وضرورة تثبيتها على الضفة الشرقية من القناة حتى تساعد وسائل العبور على المحافظة على الاتجاه، ولقد تحدد الوقت المناسب لتنفيذ ذلك أثناء القصفة الثانية للمدفعية والذهاب والعودة سباحة، وقد حقق الأبطال مهامهم بنجاح ودون أن يشعر العدو بذلك، وهكذا تغلب الفكر والشجاعة على عوامل طبيعية وصناعية غير عادية.

أما التغلب على حمولات الأوزان الإضافية التى يفرضها التخطيط على مقاتل المشاة: فإنه كان على جندى المشاة أن يقاتل كجندى مشاة ثم يقاتل ضد دبابات العدو بعد تزويده بالأسلحة المضادة للدبابات ثم يعود كفرد هندسى لزراعة الألغام.. وحيث إنه لا إمداد بالسلاح أو الذخيرة قبل انتهاء اليوم الأول للقتال، فقد كان من الضرورى أن يتحمل جندى المشاة عبء الأوزان الإضافية اللازمة لتحقيق المهمة بنجاح. وبالتدريب المتواصل بعد تحميله بهذه الأوزان وتسلقه الساتر الترابى أو المواقع الحصينة فى خط «بارليف« وجد أن معدل سرعة تسلقه ستكون بطيئة وقد يستغرق ذلك أكثر من 10 دقائق. ولما كانت الاحتياطيات القريبة من المدرعات المعادية والمكلفة باحتلال مواقعها على مصاطب الدبابات السابق تجهيزها مقررا لها أن تحتل هذه المواقع خلال 15 دقيقة، وبالتالى فلن يتوفر لمقاتل المشاة الوقت الكافى لسبق العدو فى السيطرة على الساتر الترابى وتدمير دبابات العدو وهى تقترب لاحتلال مواقعها... وكان لابد من حل.

واستطاع الفكر العسكرى المصرى، أن يتوصل إلى أسلوب يحقق عبء الوزن على المقاتل المصرى وسرعة تسلقه واقتحام الساتر الترابى وخط بارليف فى الوقت المحدد الذى يجب ألا يزيد على خمس دقائق ليكون جاهزا لمقابلة دروع العدو «دباباته» وكان هذا الأسلوب هو اللجوء إلى عربات الجر، أى عربات صغيرة بعجل ذات ضغط معين يسهل عملية السير على سطح هذا الساتر وأن يتولى جرها فردان أحدهما فى المقدمة والآخر يقوم بالدفع من الخلف، على أن تحمل هذه العربات بباقى خط الذخيرة المخصصة للأسلحة المضادة للدبابات، وكذلك بعدد من الألغام، وتتميز هذه العربات بخفة الوزن والقدرة على تسلق الساتر الترابى بنفس معدل سرعة تقدم المشاة وكان لهذا الفكر العسكرى المصرى دور كبير فى انجاح مهام الموجات الأولى من الاقتحام فى أحرج المواقف التكتيكية، ولقد نجح أبطال المشاة والقوات الخاصة فى مقابلة وتدمير دبابات العدو ومن هؤلاء الأبطال المقاتل «محمد المصرى» الذى استطاع بمفرده تدمير 27 دبابة للعدو وأصبح المقاتل يواجه الدبابة بصدره وبصاروخه مما أحدث المفاجأة التكتيكية التى لم يتوقعها العدو الإسرائيلى حينئذ.

هذه بعض الأمثلة من المصاعب التى واجهت مجموعة التخطيط لهذه الحرب العظيمة واحتاجت إلى جهد كامل ودراسات علمية حديثة، وتم ذلك بفضل الفكر المصرى، والعلماء المصريين -مدنيين وعسكريين- الذين وصلوا إلى أرقى مستوى من الفكر والإبداع.

مستشار كلية القادة والأركان