رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التحالفات الحزبية فى الانتخابات البرلمانية


الكل بات يترقب الاستحقاق الثالث فى خارطة المستقبل التى رسمها الشعب بثورة 30 يونيو المجيدة وهو انتخاب المجلس النيابى الذى سيمثل ضمير الأمة وقلبَها النابض بكل آلامها وأتراحها وكل أحلامها وطموحاته.
وعليه ينعقد الأمل لمؤازرة رئيس الدولة فى الحفاظ على دعائم الثورة التى أذهلت العالم وأوقفت أخطر مخطط لتدمير المنطقة، ثم استكمال تحقيق أهدافها الوطنية المنشودة.

إن المتابع للحوار والسجال بين مختلف القوى السياسية عبر وسائل الإعلام، يستطيع أن يلمس حرص الأحزاب وسعيها إلى أمرين اثنين، الأول ضمان تمثيلها بنسبة مؤثرة فى البرلمان، والثانى استبعاد عناصر الفاشية الدينية أو ما يمكن تسميته بالتيار السياسى المتأسلم من دخول البرلمان. وأعتقد أن كلا الأمرين جائزٌ ومقبول، فالأول هو أملٌ مشروع لأىِ حزبٍ سياسى، والثانى هو مطلبٌ وطنى عليه إجماعٌ شعبى يحتاجُ إلى تعضيد.إننى رغم تقديرى لحرص الأحزاب الوطنية على هذين الأمرين إلا أننى أتحفظ كثيراً على رؤيتها ومنهجها السياسى للوصول إليهما، وهو ما نوردُهُ ونُعقب عليه فى النقاط التالية: [1] أن الأحزاب تسعى للتحالف فيما بينها بشأن القوائم الانتخابية فقط، وهذا نهجُ أراه خاطئاً لأن القوائم الأربعة فى مجملها لا تمثل إلا نسبةً ضئيلةً فى البرلمان، وبالتالى فإن الأهم فى حالة التحالف أن يكون بالتوافق على المقاعد الفردية قبل كل شىء، وبالقدرات والتعهدات التى تتناسب وتتلائم مع كل حزب. [2] إصرار الأحزاب على إشراك أكبر عدد من عناصرها فى القائمة كشرطٍ لإنضمامها للتحالف. وهذا أراه قصوراً فى الرؤية السياسية، لأن التحالف الحزبى فى هذه المرحلة وفى ظل نظام القائمة المطلقة، يكاد يكون الوسيلة الوحيدة للأحزاب للعبور إلى البرلمان، ومن ثَمَّ فخيرٌ لتلك الأحزاب أن يمثلها نائبٌ واحد بالبرلمان من أن يجرفها تيار العند بعيداً عن ساحة الحياة السياسية إلى الأبد. كما يجب الانتباه إلى أن أعضاء القائمة الفائزة سيعبّرون دون تمييز عن توجهات كل الأحزاب المشاركة فى التحالف بغض النظر عن عدد عناصرها المشاركين فى القائمة، وتلك من أدبيات الممارسة السياسية المستقرة.

[3] مازال البعض يردد المطالبة أو التمنى بإجراءاتٍ لإقصاء أو عزل فصائل أو أحزابٍ بعينها، وهى نغمةٌ باليةً وأعرض عنها المصريون، وهى أيضاً تقلل من شأن المتحدث بها وتعطى انطباعاً لدى المتلقى بضعف وهشاشة القاعدة الحزبية التى ينتمى إليها. [4] ظهور أسماء غريبة للتحالفات الجارى تأسيسها وهو ما يؤدى إلى التباس الفهم لدى المواطنين واضطرابهم فى الاختيار، وأرى تسمية القائمة باسم حزبٍ بذاته إذا كان التحالف حزبياً، ولا ضير من إقران التسمية بكلمة ائتلاف.خلاصة القول وإضافةً إلى ما سبق، فإننى أتمنى من كل الأحزاب العريقة أن تبادر أولاً باحتواء كل الحركات والأطياف الوطنية المخلصة تحت لوائها وأن تنتشلها من حالة التشرذم التى تعيشها تحت مسمياتٍ غير مرحبٍ بها. وثانياً أن تسارع بالتوافق فيما بينها على مقاعد القوائم والفردى، وأعتقد أن أربعةً فقط من تلك الأحزاب قادرةٌ على ذلك، ويُمكن لكل حزب منها إعداد قائمةٍ من القوائم الأربعة وتُطرح تحت اسمه وبمساندة باقى أحزاب التحالف، ويُمكن التوافق على المقاعد الفردية بنفس المنهجية. وثالثاً أن تحرص الأحزاب المتحالفة على عدم ترشيح رموزها الشعبية المعروفة ضمن القوائم الانتخابية، فالأفضل أن يتم ترشحها على مقاعد الفردى. ورابعاً أن يكون اهتمام وإخلاص وعطاء الأحزاب لاجتياز هذه المرحلة التاريخية الفارقة وليس لأى اعتبار آخر، والتاريخ دائماً يسجل مواقف الرجال ويرسم المستقبل على قدرها. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ لواء بالمعاش