رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ماسبيرو» مؤسسة خدمية أم اقتصادية؟!


نشرت إحدى الصحف مقتطفات ما أسمته «مشروع قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون الجديد»، وأتمنى أن يراجع المعنيون هذا المشروع قبل إعلانه رسمياً لأن ما نشر يحمل العديد من المتناقضات التى تجعل من الصعب تطبيقه على أرض الواقع!!.فقد نص القانون «على أن «ماسبيرو» هيئة مستقلة بالكامل، تدير مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة بشكل اقتصادى رشيد، حيث يضمن القانون أن يكون ماسبيرو مؤسسة خدمة عامة للشعب لا تتبع وزيراً أو رئيس وزراء، ويتبع ماسبيرو مجلس النواب بشكل كامل».والسؤال كيف تكون هيئة مستقلة لا علاقة لها بالحكومة وفى الوقت نفسه تمنحها الدولة إدارة مؤسسات إعلامية مملوكة للحكومة؟

أليس هذا تناقضاً بين فكرة الاستقلالية بمعنى عدم التبعية الحكومية وفكرة إعلام الخدمة العامة؟. وشدد القانون «أن ماسبيرو ليس هيئة اقتصادية ربحية، لكنه يمتلك أذرع استثمارية من خلال مجموعة الشركات التابعة له» كيف يمكن تفسير هذا الكلام اقتصادياً؟ ففى اللحظة التى يقول القانون إن الهيئة الجديدة الممثلة فى ماسبيرو سوف تدير مؤسسات الإعلام المملوكة للدولة بشكل اقتصادى رشيد، إذن ماسبيرو بهذا المعنى هى مؤسسة اقتصادية فكيف يستوى القول بأنها مؤسسة، غير اقتصادية لا تهدف إلى الربح كما يلزم القانون الدولة بتمويل ماسبيرو لتغطية مستحقات العاملين ومصروفات التشغيل مرة أخرى أين الاستقلالية؟ طالما هذه الهيئة مازالت تحتاج مساندة الحكومة لها، بعبارة أخرى هل عائدات موارد ماسبيرو ستذهب لخزانة الاتحاد أم ستذهب إلى الخزانة العامة؟ ويبدو التناقض أكثر وضوحاً بالقول.

«ويضع القانون الجديد مواد ولوائح إدارية جديدة تمنح «ماسبيرو» الحق فى الاستثمار وإدارة الشركات التابعة للإعلام الرسمي، مع السيطرة على الترددات والإعلام الرقمى». هذا يعنى أن «ماسبيرو» مؤسسة اقتصادية كاملة الأهلية، ومن حقها أن تعمل من أجل تعظيم مواردها لسد مستحقات العاملين بها وتوفير موارد مالية لتغطية احتياجات التشغيل والاستديوهات والإذاعات الخارجية، ومن حقها أن تنشأ وتدير سوقاً لترويج منتجاتها وتستعيد ريادتها فى سوق الإعلانات.

ننتقل إلى نقطة أخرى هل هناك ضمانات لفصل ملكية أصول الاتحاد عن السياسة الإعلامية؟ خاصة أن تبعية البرلمان لا ترتب أن يكون هو المالك الجديد لأصول الاتحاد المالية حتى وإن كان هذا صحيحاً وهو تبعية البرلمان أو مجلس النواب فإن ذلك يعنى أن ماسبيرو يسير على غرار هيئة الإذاعة البريطانية «البى بى سى» لكن فى بريطانيا تمويل «البى بى سى» يتم من دافعى الضرائب بدفع رسوم سنوية لكل منزل يمتلك جهازاً للتلفاز، وأتصور أن يكون هناك نظام مماثل يكفل عملية تمويل ماسبيرو وفى هذه الحالة لا يصبح هيئة اقتصادية لكنه هيئة تقدم إعلام الخدمة العامة ويمتلكها الشعب ومن ثم نعفى اتحاد الإذاعة والتليفزيون من تدبير موارده ذاتياً وكذلك نعفى الحكومة من تمويل احتياجات ماسبيرو. كما نص القانون على «تشكيل جمعية عمومية تحاسب المجلس التنفيذى على أدائه المالى والإدارى، ولديها الصلاحية فى سحب الثقة من المجلس التنفيذى وعزله ومنح القانون «ماسبيرو» الحرية المطلقة، مع إلغاء التبعية للمجلس الوطنى للصحافة والإعلام أو أى من مؤسسات الدولة التنفيذية، حيث تعود التبعية الكاملة للسلطة التشريعية وهى مجلس النواب فقط وهو المسئول عن محاسبة مجلس الأمناء».واستشعر من هذا النص رغم منطقيته تعارضاً مع ما نص عليه دستور 2014 الذى جعل المجلس الوطنى للإعلام المرئى والمسموع شريكاً يعمل تحت ظل المجلس الأعلى للصحافة والإعلام، وكم كنت أتمنى أن يذكر القانون أهمية وجود ميثاق للشرف الإعلامى يكون ماسبيرو سباقاً للتوقيع علية والالتزام الأخلاقى والمهنى به.وكم كنت أتمنى النص على ضرورة أن تخرج نقابة الإعلاميين إلى النور، حيث يضم ماسبيرو أكبر عدد من الإعلاميين فى مصر ومن حقه أن يكون سباقاً أيضاً للدعوة إلى وجود نقابة مهنية للإعلاميين!!

■ إعلامى وكاتب مستقل