رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الاعتذار... للثورة ودماء المصريين


قال الفلاسفة فى الماضى «إن الثورة يقوم بها الشجعان ويستولى عليها الجبناء».. اثبتت الأيام الحقيقة أن «الثورة يقوم بها شجعان.. ولكن سرعان ما استولى عليها الفساد»!! إن ما يحدث الآن لم يكن متوقعاً .. حتى فى الخيال .. بعد ثورتين سالت دماء المصريين أنهاراً .. كان الجميع يعتقد أننا سنخرج مما نحن فيه إلى ما نحلم به.

 انهالت علينا الصفعات من الفساد المنتقم. الذى أتى لينتقم منا على ما ارتكبناه نحوه فى ميدان التحرير وكل ميادين مصر!!

أتى الفساد المنتقم ليخفى معالم جريمة العصر مع المجرمين الذين نهبوا ثروات البلاد وأودعوها فى خزائن العالم .. ولم نسمع موقفاً واحداً أو رداً عن هذه الأموال.. نقول إذا كان هناك من يهمه الأمر .. ماذا فعلتم مع بنوك سويسرا وأموال مبارك الذى يرتدى الملابس الزرقاء بعد الحكم بإدانته؟

ماذا فعلتم مع «حسين سالم» الصديق الشخصى لمبارك نفسه الذى استولى بالقوة على الغاز والأرض والنيل.. وعرض إعادة نصف أملاكه وأمواله بشرط المصالحة كان هذا فى زمن حكم الإخوان.. وبعد الثورة اختفى عرض «حسين سالم» وأملاكه وملياراته ولم نسمع عن شىء بعد ذلك!! وأخرج لنا الفساد المنتقم «لسانه»!!

المئات مثل هذا ماذا فعلنا معهم؟! اسألوا الموازنة العامة والحسابات الختامية ماذا فعل مبارك ونظامه بثروات البلاد الغاز + البترول + إيرادات قناة السويس + مئات المناجم خلال السنوات العشر الماضية ستجدون ثروات الشعب المصرى فى خزائن أوروبا وسويسرا ماذا فعلنا.. إن الفساد المنتقم يضحك علينا الآن!!

إن الشباب صاحب الدماء التى سالت أصبح الآن يكره كلمة ثورة بعد أن تحطمت أحلامه فى حياة كريمة..

دفع «الناس اللى تحت» كل فاتورة «الناس اللى فوق» وانخفضت كل الأجور والمعاشات أكثر من 40% بسبب التضخم.. يعنى رفع الأسعار.. بعد كل هذا نسمى الثورة.. ثورة إلى الأمان أم أنها أصبحت غير ذلك؟

أثناء الحرب والعدوان علينا ومع اشتداد المعارك . سألنى أحد الضباط «يعنى إيه الوطن»؟ قلت له بالفطرة : إن الوطن هوالشركة التى أعمل بها والبيت والمدرسة والمستشفى .. وقلت له: إننى أدافع عن هذا ..

عندما يفقد المواطن كل معانى الوطن عن أى وطن نحدثه؟!

عندما نادى «طلعت حرب» أثناء الاحتلال الإنجليزى «مصر للمصريين» كان يقصد استعادة ثروات البلاد إلى أصحابها المصريين .. علينا الآن أن نقول «مصر لكل المصريين» وليست لحفنة منهم!!

لقد حدث لنا شرخ مادى ومعنوى فى جدار الحياة.. فما يحدث حولنا ليس هو ما اتفقنا عليه .. لقد اتفقنا على الحرية والعدالة الاجتماعية .. وفقدنا الاثنين معاً وحصل الفساد عليهما وأيضاً معاً!! إننا لا نجد من نشكو إليه وتزداد الآلام لنا يومياً .. وكلما انتصر الفساد فى موقعه تزداد الجروح فى جسدنا ..

إن الارهاب الأسود لم يعد وحيداً فى مصر بل يشاركه الفساد المنتقم الاثنان معا هما أعداء الوطن والشعب لكن الحكومة تعلن دائماً.. إنه الإرهاب إنه الإرهاب وتتعمد إحداث أى مواجهة مع الفساد مع أن الأخير هوالذى يرضع الإرهاب ويثير احتقان الملايين بل الفساد المنتقم أصبح يحرض الشعب ويهدد الوطن بالخطر ..!

صعب علينا أن نقول هذه الكلمات . لكن للأسف إنها الحقيقة ..ستقول لنا الحكومة أين الفساد؟ وأين المستندات التى تؤكد ذلك؟إنها نفس كلمات نظام مبارك .. كان الفساد يضرب الوطن كله.. كانوا يقولون لنا أين هو.. إننا نريده متلبساً ويده فى جيب الشعب؟

إننا نعلن التوبة نهائياً من الثورة وأى ثورة بعد كل ما تجرعناه من آلام مجروحة تأتى لنا من ثورة كانت تعلن شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية!!ونوجه اعتذارنا لكل مواطن تحمل من الألم ما لم يكن يتوقعه .. وفقدانه الطريق للحياة الكريمة.. بل نعتذر لكل الدماء الطاهرة التى سالت على ضفاف النيل والميادين فى كل ربوع الوطن .. لقد سقط الشهداء من أجل أن يعيش الأحياء حياة أفضل ..لكن الحقيقة المؤكدة أننا أصبحنا جميعاً داخل المقابر أوخارجها نحسب من الماضى أن كل ما نطالب به أن يصبح لنا حق المواطنة فعلاً وبالواقع وليس بالدستور فقط فهل ما نقوله مستحيل؟ حقا إنها ثورة قام بها الشجعان.. والآن يستمتع بها الفساد المنتقم .. وأيضاً حقاً نعتذر للثورة ولكل دماء المصريين التى سالت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية !!

كلمة أخيرة.. لقد ارتكبت جماعة الإخوان المجرمين أكبر جريمة شهدها الوطن عبر تاريخه عندما سرقت ثورة الشعب واستبدلت الفساد بالقتل والإرهاب ..نحن الآن ندفع ثمن جرائم الإخوان المستمرة.. إن الفساد المنتقم كان لا يمكن أن يعود بعد أن رأى مقبرته فى ميدان التحرير لكن جماعة المجرمين تسببوا فيما نحن فيه الآن .. هم الآن فى زنازين صغيرة ونحن نعيش حياة ندفع فيها الثمن لجريمة ارتكبوها فى معركة كان الصراع فيها بين أغنيائهم وأغنياء نظام مبارك وأصبحنا الضحية ندفع ثمن جريمة ارتكبها كل المجرمين من هذا وذاك!!

■ رئيس اتحاد أصحاب المعاشات