رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فى عيد الشرطة


نظرة واحدة إلى الخريطة السياسية لمواقف الثوار الآن سوف نجد أن الكثير منهم لم يتفهم حقيقة ثورة الشعب المصرى وفسر ثورته تفسيراً خاطئاً ولأن الثوار وقتها لم يكونوا أكثر من شباب متحمس.

الحمد لله فى عيد الشرطة عام 2015، قد عاد لمصر أمنها بعد فترة من الانفلات الأمنى. نعمة الأمن، من النعم التى من الله على الإنسان بها. فالأمن، مثل الصحة، نعمة لا نشعر بها إلا عندما نفقدها. وهى من النعم العيدية التى أنعم الله بها على البشرية، فلا تنام الكائنات إلا عندما تشعر بالأمن. تلك النعمة التى ورثناها عن أجدادنا، فقدناها بعد 25 يناير 2011، ورأينا الأهالى يشكلون لجاناً شعبية، ويسهرون أمام بيوتهم ومحلاتهم،لحمايتها، وكانت بعض تلك اللجان هى مصدر ارتياب للأهالى أنفسهم. مما لاشك فيه أن 25 يناير 2011، كان يوماً فارقاً فى تاريخ الشرطة، ومصر كلها.

وهو اليوم الذى اختاره الثوار للإجهاز على مصر كلها. من خلال إسقاط مؤسساتها، ولكنهم لم ينجحوا إلا فى إسقاط الشرطة فقط. ولكن بعد ثلاث سنوات من المعاناة وقفت الشرطة المصرية من جديد على قدميها. ولكنها لا تزال حائرة، هل تحتفل بعيدها الطبيعى الذى تحتفل به من أربعة وستين عاماً. أم أنها تنتظر يوماً جديد للاحتفال.ولم ننس، أننا كنا نجلس مشدوهين أمام الشاشات، نرقب بحزن وأسى، هؤلاء الصبية الذين يحملون المولوتوف ويلقونه على الجنود، من أجل إجبارهم على التراجع، وتمكينهم من اقتحام وزارة الداخلية.

كانوا يجرون ناحية وزارة الداخلية بثقة تامة، ودون خوف، مطمئنين، قابضين، وكان الإعلاميون وقتها يقولون إنهم الطرف الثالث وصدقنا أنهم الطرف الثالث أو اللهو الخفى ولكننا ولفرط سذاجتنا وجهلنا صدقنا، ولم نعرف أنها كانت خدعة كبرى، وخطة جهنمية محكمة للضغط على المجلس العسكرى لتنفيذ أجندة بدأت بالاستفتاء ثم البرلمان ثم انتخابات رئاسية ثم الدستور، وكانت النتيجة الكارثية التى رأيناها.

وكان ضغط الثوار الأعمى على المجلس العسكرى لأنهم كانوا مندفعين وليست لديهم الرؤية السياسية التى تمكنهم من النظر أمامهم لأبعد من يومين فى المستقبل، كما أن بعضهم تلقى وعوداً بمناصب وقد كان. نظرة واحدة إلى الخريطة السياسية لمواقف الثوار الآن سوف نجد أن الكثير منهم لم يتفهم حقيقة ثورة الشعب المصرى وفسر ثورته تفسيراً خاطئاً ولأن الثوار وقتها لم يكونوا أكثر من شباب متحمس، دون فكر أو روية، وباعوا القضية فى أقرب سوق، بعضهم باعها من أجل عضوية مجلس الشعب، وبعضهم باعها عندما قالوا إننا رشحناهم وزراء ورفضوا، وبعضهم باعها بمناصب شرفية فى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.

كانت تلك الضربة التى تم الإجهاز بها على الشرطة بفعل فاعل، وأسهمت فيها أجهزة إعلام دون أن تدرى وبعضها كان متعمداً، بسبق الإصرار والترصد. وتحدث بعض الإعلاميين بصلافة مع وزراء الداخلية، واستضافوا اللصوص والبلطجية لتقييم آداء رجال الأمن غير مدركين حقيقة ما حدث لهذا الجهاز العريق. بل وأسهم الإعلام أيضاً بزيادة جرعة الإرهاب لرجال الشرطة عن طريق استضافة بعض أهالى من قتلوا اثناء الثورة، وقاموا بتهديد بعض الضباط، وقيادات الداخلية فى مديريات الأمن تهديداً مباشراً على شاشات التليفزيون. وكانت البقية الباقية من الإجهاز على هذا الجهاز هى تحويل قادته ومسئوليه من القيادات العليا والمتوسطة إلى المحاكمات الهزلية.

كاتب