رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف ندافع عن ديننا و نبينا ؟

جريدة الدستور

حينما نطرح السؤال "من هم يا ترى أشد أعداء الإسلام ؟" أو "من هم أكثر الناس إساءة للدين ؟"، أدمغتنا تذهب أوتوماتيكيا إتجاه الغرب أو بنو إسرائيل. لكن ! إن فتحنا القرآن الكريم و بحثنا عن الإجابة فيه، فسنجد أن أشد أعداء الإسلام و أكثر الناس إساءة للدين هم العرب و ليس الغرب أو بنو إسرائيل. الله سبحانه و تعالى يقول في ذكره الحكيم : "الأعراب أشد كفرا و نفاقا و أجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله و الله عليم حكيم" الآية 97 من سورة التوبة.

و إن تمعنا جيدا في تاريخنا الإسلامي، فسنجد أن أعظم الإساءات التي تعرض لها الإسلام كان أبطالها العرب و ليس الغرب أو بنو إسرائيل... فالعرب هم من إنقلبوا على حكم الإسلام و وضعوا حدا لزمن الخلافة الراشدة. هم من ألغوا نظام الشورى و أحلوا محله نظاما ملكيا يتوارثه الأب عن الجد. هم من أسسوا لفقه لا يحمل من الإسلام إلا الإسم، شوه الصورة الجميلة للدين بتحاريفه الدينية و قوانينه الحيوانية المستبيحة لأسوء العادات و أبشع الجرائم ضد الإنسانية.

الإسلام ألغى العبودية، و العرب إستحلوها من جديد. الإسلام ينهى عن محاربة الشعوب الكافرة التي لا تحارب المسلمين، و العرب إستحلوا مهاجمتهم، إحتلوا أراضيهم، نهبوا خيراتهم، قتلوا رجالهم و إستعبدوا نساءهم و صبيانهم. الإسلام جاء ليكرم المرأة و ليمنحها حريتها و حقوقها، و العرب أنتجوا فقها لا يحمل من الإسلام إلا الإسم أهان النساء بتحاريفه الدينية و حرمهن من حريتهن و حقوقهن مرة ثانية.

الله جل و علا يقول في قرآنه الكريم : "إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" الآية 27 من سورة الإسراء. و الحكام العرب الذين يدعون بأنهم "أمراء المؤمنين" يبذرون ما لا يبذره حكام الغرب أو حكام بنو إسرائيل. يغتنون بتفقير و تجويع شعوبهم. يبنون القصور و يشترون السيارات و المراكب البحرية و المروحيات و يتركون شعوبهم بدون مأوى و لا مدارس و لا مستشفيات... يتسببون بتبذيرهم في خلق أزمات إقتصادية و إجتماعية تجبر العديد من مواطنيهم على إمتهان الدعارة أو الإتجار في المخدرات لإنقاذ أنفسهم و أهاليهم من التشرد و الهلاك.

إن ثار مواطن في وجههم و ندد بظلمهم و جورهم أو شكك في إسلامية فكرهم و سياساتهم، إعتقلوه و أذاقوه أشد العذاب لكي لا يفكر في الثورة عليهم مرة ثانية. و إن رفض الخضوع لجبروتهم و أصر على إنتقادهم، فقد يصل بهم الحد إلى حد إتهامه بالردة أو بالمساس بالمقدسات ليحلوا تصفيته و يخمدوا صوته بصفة نهائية.

كل هذا يمارسونه بإسم الإسلام. كل هذا الظلم و كل هذا الفساد يتم إستحلاله بإسم الدين. و هذا ما يجعل الآخر ينظر لهاته الفظائع و كأنها جزء لا يتجزأ من الإسلام. هذا ما يجعل الآخر ينفر من هذا الدين... و عوض أن يحبه و يدافع عنه، يكرهه و يحاربه بكتاباته أو رسوماته و بقية أعماله الفنية. هذا أيضا ما يؤدي إلى إرتداد العديد من أبناء المسلمين عن دين آباءهم و أجدادهم.

الإعتقاد بأن كل من يحاربون الإسلام و كل من إرتدوا عنه، يحاربونه أو إرتدوا عنه بسبب رغبتهم في شرب الخمر و التعاطي للمخدرات و ممارسة الجنس خارج إطار الزواج و لعب القمار، إلى آخره، أمر خاطئ. فالعديد ممن إرتدوا عن الإسلام و العديد ممن يحاربونه اليوم، لا علاقة لهم بممارسة هاته المحرمات. ردتهم و معاداتهم للإسلام لها علاقة بالخلط الحاصل بين الإسلام الحقيقي و إسلام الدولة. إعتقادهم بأن ما يقوم به أمراء المؤمنين و بقية الإسلاميون من ظلم و إجرام هو الدين الإسلامي، هو سبب محاربتهم للإسلام و إرتداد العديد عن هذا الدين و إعتناقهم لأديان أو معتقدات أخرى.

فأي إله هذا يأمر بقتل المرتد و حرق المثليين و إخضاع الشعوب الغير مسلمة بالقوة و إحتلال أراضيهم، سلب ممتلكاتهم، قتل رجالهم و إستعباد نساءهم و أطفالهم ؟! و أي دين هذا يأمر بالجبن و الرضا بالذل و الظلم ؟! أي دين هذا يأمر معتنقيه بتقبل الديكتاتورية و الصمت أمام جرائمها ضد الإنسانية و عدم معارضة حكامها ؟! أي دين هذا يتعامل بسياسة "عفا الله عما سلف" مع كبار المجرمين و يعاقب ضحاياهم ؟!

هذا الدين، يستحيل أن يكون نتاج إله. واضح جدا أنه نتاج لوبيات الإجرام التي إستغلت الدين و حرفت معانيه لخداع البشرية و الإستيلاء على خيرات العالم. هذ المسخ، يجب أن يحارب، يجب أن يتم إقباره لكي يبزغ نور الدين و يظهر الإسلام في أبهى صورة له.

إن حاربنا هذا المسخ و برأنا الإسلام منه و من جرائمه و عاداته الجاهلية فسنكون قد قدمنا أعظم الخدمات لديننا. إن صرخنا بأعلى صوتنا بأن نبينا لم يتزوج يوما فتاة عمرها ست سنوات و لم يأمر يوما بقتل المرتد و إكراه الكافر على الإسلام كما أنه لم يأمر بعقاب من أهانوه و ضربوه بل سامحهم و دعا لهم بالمغفرة، و إن إمتنعنا عن الدعاية لأئمة التخلف و الإرهاب و توقفنا عن الإستشهاد بهم و نشر أعمالهم على صفحات الأنترنت، فسنكون قد قدمنا أنجع دفاع عن رسولنا (صلى الله عليه و سلم)... أما إذا تخاذلنا في لعب دورنا، صمتنا عن هذا المسخ أو دافعنا عنه فنكون قد أسئنا لديننا و لنبينا و ساهمنا في إضلال الشعوب الكافرة بتكريس نظرتهم الخاطئة عن إسلامنا و مقدساتنا.

كمال ازنيدر
مؤلف كتاب : الإسلام، أجمل ديانة في العالم