رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجرف الصامد".. إسرائيل تخسر معركتها في 2014

جريدة الدستور

"الجرف الصامد" هي إحدى عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي نفذها باستخدام القوات البرية والبحرية والجوية على قطاع غزة، بزعم مواجهة الإرهاب داخل القطاع.
علت وتيرة الأحداث التي سبقت عملية الجرف الصامد، على خليفة المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، للإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، والتي تضم 26 من قدامى الأسرى، مقابل عدم توجه الفلسطينيين إلى المؤسسات الدولية، للمطالبة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، غير أن إسرائيل طالبت بتمديد المفاوضات إلى ما بعد 29 إبريل 2014، وهو الأمر الذي رفضه الفلسطينيون، ما جعل إسرائيل تماطل في تنفيذ الإفراج عن الدفعة الرابعة.
وفي تطور مستمر للأحداث، قامت السلطة الفلسطينية في مطلع شهر إبريل بالتوقيع على طلب الانضمام إلى 15 منظمة ومعاهدة دولية بالأمم المتحدة رداً على عدم وفاء إسرائيل بعهدها، حيث أبرمت اتفاق مصالحة مع حماس توصل الجانبين خلالها إلى تشكيل حكومة وفاق وطني.
وجاء إدعاء تل أبيب بخطف حماس لثلاثة طلاب من إحدى المدارس اليهودية بالـ 13 من يونيو في الضفة الغربية، بداية جديدة في الأزمة، وخاصة بعد العثور على جثثهم بإحدى المناطق الحدودية قرب قطاع غزة، الأمر الذي قابلته خطوة انتقامية من قبل مجموعة من الإسرائيليين في الـ 2 من يوليو عندما قاموا بخطف الطفل الفلسطيني، محمد أبو خضير، في الـ 16 من عمره وحرقه وقتله، ليعلن جيش الاحتلال حملة اعتقالات موسعة استهدفت العشرات من محرري صفقة جلعات شاليط الضابط الإسرائيلي.
وتلي تلك الأحداث احتجاجات واسعة بجميع أنحاء القدس والضفة الغربية، واشتدت وتيرتها بعد أن دهس إسرائيلي اثنين من العمال العرب قرب حيفا، وتخلل التصعيد قصف متبادل بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.

بداية عملية الجرف الصامد والحرب على قطاع غزة

كانت بداية عملية "الجرف الصامد" العسكرية في الـ 8 من يوليو، واستمرت قرابة الـ 29 يوم، بعد أن استدعى المجلس الوزراي الإسرائيلي المصغر والمعروف باسم "الكابينت" ما يقرب من 40 ألف جندي احتياط وشن أولى عمليات الحرب على قطاع غزة بالهجوم على عدد من المناطق بمدينة خان يونس، استشهد خلالها ما يقرب من 11 فلسطيني، الأمر الذي قابلته حركة حماس والمقاومة الفلسطينية بإطلاق ما يقرب من 60 صاروخ متطور تجاه المستوطنات الإسرائيلية، استطاعت أن تصل إلى عمق الأراضي المحتلة وهددت أمن إسرائيل على الرغم من امتلاك الاحتلال الصهيوني لمنظومة "القبة الحديدية" التي كلفتها مليارات الدولارات لحماية سماء إسرائيل ومواطنيها.
وبدأت إسرائيل في شن هجوم بري موسع على الأراضي الفلسطينية داخل قطاع غزة وردت حماس باقتحام عناصر من الكوماندوز التابع لكتائب عز الدين القسام الجناح العسكري للحركة، قاعدة زيكيم البحرية بإسرائيل، وقتلت جندي إسرائيلي وأصابت إحدى الدبابات داخل القاعدة، وتسببت عملية إطلاق الصواريخ المستمرة إلى اضطرار السلطات الإسرائيلية إلى فتح الملاجئ، وإعلان حالة الطوارئ في البلاد.
وتدخلت مصر بعد مرور 8 أيام من العملية بمبادرة لوقف إطلاق النار بين الفصائل في غزة وإسرائيل، حيث وافقت تل أبيب على المبادة المصرية وذكرت أنها ستوقف إطلاق النار صباح اليوم التالي، ولكن حركة حماس قالت إنها لم تتسلم أي مبادرات رسمية من أية جهة، وأعلنت فصائل المقاومة بعد ظهر الثلاثاء رفضها للمبادرة المصرية، واستمرت عملية إطلاق الصواريخ من غزة وشن غارات جوية من جيش الاحتلال على القطاع.
ونجحت مصر في نهاية المطاف في فرض مبادرة لوقف إطلاق النار بين الجانبين تستمر لمدة شهر، يناقش خلالها الجانبين شروط كلاً منهما المطروحة على طاولة المباحثات، الأمر الذي لقي ترحيب واسع من الجانبين.

حصيلة عملية الجرف الصامد من الهجمات والقتلى:

كانت عملية الجرف الصامد هي الأكبر على الإطلاق، حسبما تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية، حيث شهدت أكبر عدد من الضحايا بالنسبة للجانبين مقارنة بسابقيها، حيث تم إطلاق 3356 صاروخا من قطاع غزة خلال فترة العملية، اعترض نظام القبة الحديدية 578 صاروخا، وسقط 2532 بمناطق مفتوحة، و116 بأماكن مبنية، و119 صاروخا فشل وسقط داخل قطاع غزة، فيما شن الجيش الإسرائيلي هجوما متواصلا ضد قطاع غزة دون توقف، استهدف خلاله 4762 موقعًا، ودمر 32 نفقا، وفقد جيش الاحتلال 64 جنديا، بالإضافة إلى 3 مواطنين، بينما استشهد في قطاع غزة وفقا لتقارير جيش الاحتلال 1768 فلسطينيا، وأصيب 9300 آخرين، وخلفت الحرب 485 لاجئ فلسطيني، بينما أشارت تقديرات الفلسطينيين إلى استشهاد 1865 فلسطينيا، وإصابة 9563 أخرين.