رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تأميم الحرية... إقصاء للشعب


تتعرض كل حكومات العالم «للنقد» الدائم حتى يتم تطهيرها من تسلل الفساد إليها وتصحيح طريقها حتى تضمن الشعوب خدمة الحكومات لها.. وفى مصر كان «النقد» الدائم يلاحق كل الحكومات من المملكة حتى الجمهوريات.. ولم تنج حكومة واحدة من «النقد» لها.. وقد حصنت الدساتير كلها النقد حتى يتاح كشف أى اعوجاج تسير فيه الحكومة على غير إرادة الشعب.
ولكن الآن نعيش أياماً غريبة لم نكن نتوقعها.. فقد تم تأميم الحرية وأصبحت لأول مرة فى التاريخ الحكومة «مقدسة». لا يجوز نقدها مهما فعلت وارتكبت من مخلفات حتى الوزراء أصبح من المحظور توجيه أى نقد لهما.. وفى بعض الأحيان لا يستطيع المراقب العام للحرية منع صوت يتسلل من هنا أو من هناك.. فى بعض الأحيان وفى مساحة أقل من ثقب الإبرة تخرج كلمة غير مسموح بها أو مخطط لها لتنطلق دون فرملة.. وهذا يزعج بعض مراقبى الحرية!! إن هذا الطريق خاطئ تماماً.. بل يشكل حماية دائمة للفساد المتوحش الذى أصبح يلتهم كل الطبقات الشعبية.. وتشعر غالبية الجماهير بالآلام المبرحة نتيجة حتمية لغياب الحرية.. إن الحكومة تقوم الآن فى غياب الشعب باستدعاء جميع القوانين سيئة السمعة والتى عجز نظام مبارك على تطبيقها، حيث رفضها الشعب بكل قوة بإعادة صياغتها وتطبيقها علينا بالقوة..

ولغياب الحرية.. طالعتنا الحكومة بمشروعات قوانين تعنى الاعتداء على الأغلبية العظمى من الشعب وهى تعتبر ذلك إنجازاً لها!! من يصدق أن شروط صندوق النقد والتى عجز عن تطبيقها فى السنوات الماضية أصبحت الأن «أغانى حكومية»!! هل الاعتداء على ملايين المصريين الذين يعملون الآن فى كل مؤسسات الدولة العامة والخاصة إنجاز؟؟ فقد استمر كل مواطن يدفع التأمينات لنظام حسابى معين وهو الحصول على المعاش وفق راتب أو أجر أى مواطن خلال العامين الأخيرين.. ولكن الحكومة ستجعل. بل جعلت الحساب على الخمس سنوات الأخيرة وهذا يعنى خفض معاشات العاملين الموجودين بالخدمة 25% من المعاش و30% من مكافأة نهاية الخدمة!! الجديد تعلن الحكومة الآن عن قانون اسمه «الوظيفة العامة» وهو نفس القانون الذى سبق وأن قدمه نظام مبارك للإطاحة باستقرار العاملين وهو يعنى أن فترة العمل تصبح معدودة وليست دائمة!! وهذا أيضاً أحد شروط صندوق النقد لتخفيض عدد العاملين.. كما لو كانوا عبئاً عليها.. وليس مواطنين لهم حق المواطنة!! وهناك العشرات من هذه القوانين المفخخة والتى تتضمن الاعتداء على المواطنين الآمنين.. بل والغدر بهم.. أى «الحرية مؤممة» ولن نستطيع المقاومة.. إن الشعب المصرى هو صاحب هذا الوطن وكل ثرواته مملوكة له وليس لغيره.. هل بعد كل ماحدث من دماء سالت أنهاراً وحياة مؤلمة دفع فيها الشعب تضحيات لم تقدم من قبل.. هل كان هذا هو ثمار تضحياته؟؟ إننا نصرخ.. أن الحرية.. هى الطريق الوحيد لحماية هذا الوطن ضد أعداء متربصين به فى الداخل والخارج.. بالحرية نستطيع تمزيق الفساد المنتصر الآن.. بل وهزيمته.. والأهم نستطيع تحطيم أوكار الإرهاب فى الداخل والخارج.. إن إقصاء الشعب وإبعاده عن التصدى لأعدائه.. نتائجه وخيمة.. فلم نسمع عن شعب هزم من قبل!! إن الشعب المصرى قادر على أن يلحق بالهزيمة كل أعدائه.. ولكن كيف وهو «مقيد الحرية»؟! إن الحرية لا تعنى الفوضى.. بل هى درع المقاومة.. إننا لن نطالب بحريتنا فهى مولودة معنا ولن يستطيع أحد إخمادها..

لكن يصعب علينا أن نعيش أيام كانت من صنع الشعب وتجور علينا ونصبح دافعين الثمن ويحصل غيرنا على الثمار!! إن الشباب أصبح الآن.. وكما كان دائماً هو الذى يملك شعلة الحرية.. كما قال الشاعر ناظم حكمت «إذا لم أحترق أنا.. إذا لم تحترق أنت.. من إذا سيضئ لنا الطريق» ؟؟

رئيس اتحاد أصحاب المعاشات