رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أنقذوا الصناعة المصرية للغزل والنسيج «1»


لاشك أن المتابع لسياسات الحكومة المصرية عقب ثورة يناير 2011 واستكمالها فى 30 يونيو 2013 يجد أن الشعب المصرى وفى القلب منه العمال والفلاحون والشرائح المجتمعة الصغيرة مازالوا يعانون ويقاسون صعوبة المعيشة وارتفاع الأسعار وسوء الخدمات، ويرى أن الشعب المصرى الذى خرجت ملايينه تنشد العدالة الاجتماعية، وتحملت الكثير ودفعت الدم وربطت الأحزمة على بطونها فى الوقت الذى امتلأت فيه كروش وبطون كبار الفاسدين المحتكرين المستبدين من نظام المخلوع وحتى

... إن السياسات التى قامت ببيع ثلاثة أرباع القطاع العام هى نفسها سياسات تصفية الربع الباقى تمهيداً لبيعه. فالباقى من القطاع العام بعد البيع هو 146 شركة تتبع 9 شركات قابضة، وتقوم تلك الشركات القابضة بتنفيذ سياسات الخصخصة مع تلك الشركات عن طريق خنقها وتخسيرها وتقليل إنتاجها تمهيداً لبيعها.

رغم أن دستور 2014 الذى وافق عليه الشعب المصرى بالإجماع ينص فى فصله الثانى على حماية الملكية العامة والخاصة والتعاونية، وحماية الصناعة والزراعة، والعمل على تحقيق الرخاء من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، على أن تكون الضرائب تصاعدية متعددة الشرائح، وأن يكون للعاملين نصيب فى إدارة المشروعات وفى أرباحها، رغم كل ذلك تعالوا بنا نرى ما يحدث فى بر مصر. هيا بنا نرى ونسمع على الطبيعة.

نسمع صوت العمال عالياً فى كل المصانع والقطاعات: «نريد العمل والإنتاج والأجر العادل». تعالوا بنا نرى مين اللى مش عايز ينتج، ومين اللى عايز يخربها ويقعد على تلها. مين اللى عايز يسلمها تانى للمحتكرين الفاسدين على حساب العمال المنتجين وعلى حساب البعض من المنتجين الحقيقيين الوطنيين فى القطاع الخاص.

وها هى الأمثلة أمام عيوننا الشركة القابضة للغزل والنسيج التى تتبعها 32 شركة فى هذا القطاع منها شركة المحلة الكبرى للغزل والنسيج، وشركة سجاد غزل المحلة، وشركة وبريات سمنود. من منا يا سادة لم يلبس ويتباهى عبر الأزمان من غزل المحلة؟ من منا من الذين سافروا للخارج أيام كانت مصانعنا تنتج وتصدر وتنافس فوجد أن الأقطان المصرية ومنتجات شركات النسيج المصرية وعلى رأسها المحلة كانت هى الأولى فى دول العالم. ما الحال الآن؟

تناقص عمال غزل المحلة من 36 ألف عامل إلى 18.3 ألف عامل. المادة الخام «الغزل» لا يتم توفيرها من أجل تشغيل الماكينات. وعد رئيس الوزراء فى مفاوضاته بعد الإضراب الشهير فى الربع الأول من 2014 بضخ خمسين مليوناً للشركة القابضة من أجل توفير الغزل فى المصانع، ورغم هذا لم يتم التوريد غير مرة واحدة وتوقف ثانية والشركة تعمل بأقل من نصف طاقتها. مجلس إدارة الشركة ورئيس الشركة القابضة لا يقومون بعملهم، سواء بضخ أموال لشراء المادة الخام من أجل استمرار الإنتاج أو صيانة وتحديث الماكينات، أو تدريب العمال ورفع مهاراتهم رغم إلحاحهم على ذلك، أو توزيع المنتجات الراكدة فى مخازن الشركة على منافذ البيع مثل الجمعية التعاونية التابعة لنفس الشركة. ثم بعد ذلك يقولون: العمال لا تريد الإنتاج. «بالذمة دا كلام؟!» إن ما يحدث يا سادة هو تخسير الشركة عمداً ومع سبق الإصرار والترصد من قبل الإدارة والشركة القابضة بتوجيهات سياسات الدولة فى الخصخصة المستمرة حتى الآن.

وإذا انتقلنا إلى شركة سجاد غزل المحلة، والتى تم إنشاؤها عام 1960، وصدرت كل إنتاجها للخارج بأسعار عالية لأنها تنتج السجاد اليدوى، والذى تتراوح أسعاره بين عشرة آلاف إلى خمسين ألف جنيه، فى الوقت الذى تحتاج فيه السجادة إلى خامات لا تزيد على 1500 جنيه! ما الذى يحدث الآن؟ تخفيض عدد العمال وتشريدهم بقرارات فصل تعسفى، فانخفض العدد من 700 عامل إلى 400. الإدارات الفاسدة المتعاقبة أدت إلى توقف المصنع، فالعمال لا يأخذون رواتب منذ ثلاثة أشهر. لا توجد خامات لتشغيل المصنع. الأجور متدنية بالنسبة لما يمكن أن يجنيه المنتج من أرباح، فأعلى أجر فى الشركة 900 جنيه!!

يطالب العمال بإقالة الإدارات الفاسدة بضخ خامات لتشغيل المصنع بالرواتب المتأخرة والانضمام لشركة مصر للغزل والنسيج.

أما عن شركة وبريات سمنود فحدث ولا حرج. فجانب كل السياسات السابقة التى يتم من خلالها تعمد تخسير الشركات، يضاف إليها إجبار العمال على المعاش المبكر. وطبعاً من يتم إجباره يتقاضى معاشاً لا يكفيه ولا يكفى مصاريف أسرته، فالمعاش لا يزيد فى معظم الأحوال على 400 جنيه! كما بدأت الشركة فيما يسمى معاش القومسيون، أى إجبار العاملين الذين تعرضوا لإصابات عمل وأمراض المهنة فى الجهاز التنفسى، ولا يعملون بطاقتهم الكاملة، إجبارهم على المعاش الخروج للمعاش الطبى.

عمال وبريات سمنود يقولون إنه توجد بالشركة سيولة نقدية مقدارها 76.5 مليون جنيه، وهم يحتاجون إلى نصف هذا المبلغ فقط لضخ خامات لتشغيل الشركة بكامل طاقتها مما يزيد الإنتاج ويسمح بالأرباح ويسمح بعدم تشريد العمال، ويسمح باستمرار عملهم بأجر كامل بدلاً من إجبارهم على الخروج للمعاش بمختلف الحجج. يقول أحد العمال فى الشركة إن قيمة تعويضات المعاش المبكر تبلغ 30 مليون جنيه. فلماذا لا يوجه هذا المبلغ للإنتاج ويستمر العمال فى عملهم بمرتباتهم؟!

العمال يطالبون: إقالة رؤساء الشركات القابضة والشركات التابعة الذين يتعمدون التخسير ورجوع الشركات التى تم إلغاء بيعها بحكم قضائى نهائى، ورجوع العمال المفصولين إليها وتشغيلها وفتح المصانع المغلقة من القطاع الخاص والتى يزيد عددها على أربعة آلاف مصنع وتحديث وتطوير وصيانة الآلات.

تدريب العمال وتنمية مهاراتهم عدم التصرف فى أصول الشركات والتى هى من عمل وعرق العمال دون الرجوع لرأى الجمعية العمومية للعاملين بكل شركة حتى يتم استثمار الأصول بشكل صحيح بدلاً من الفساد المستشرى ببيعها بأبخس الأثمان.

هل تعرفون يا سادة ما معنى أن يجىء العامل والعاملة إلى المصنع يريد العمل فلا يجد؟ هل تعرفون معنى أن تجلس عاملات سجاد المحلة فى بيوتهن ومنهن المرأة المطلقة والأرملة المعيلات لأسرهن؟ هل تعرفون ما معنى أن يجىء موسم العيد والمدارس والعمال جيوبهم خاوية؟ يا سادة للصبر حدود