رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الدستور" تنفرد بالوثائق والصور الخاصة:

مفاعلات الضبعة تتعرض لمؤامرة "صهيو- أمريكية".. و6 مطالب لـ"السيسي" لإنقاذ البرنامج

جريدة الدستور

"توجد طاقة نووية واحدة لا اثنتين.. كل الوسائل مقبولة لحرمان الدول العربية من القدرات النووية".
كانت تلك أحد أهم عباراتين اعتمد عليها مستشار هيئة المحطات النووية الدكتور إبراهيم العسيري، كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق، في أحدث تقاريره الموثقة والمصورة التي يرصد فيها حجم المؤامرة التي تتعرض لها مفاعلات الضبعة النووية، أطلق أولها "دافيد إرنست برجمان" مدير لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية ومؤسس البرنامج الإسرائيلي لتطوير الأسلحة النووية، في حين أطلق الثانية رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق "آمون شاحاك".
أكد العسيري في تصريحات خاصة لـ"الدستور" ان التقرير الذي أعده وفقًا لبيانات وأرقام الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهيئات الطاقة الجديدة والمتجددة ومنظمات البيئة العالمية تؤكد على أن بعض "مزدوجي الجنسية" بدأوا بالتوافد على مصر للقيام بحرب تشويه بالوكالة ضد البرنامج النووي ومفاعلات الضبعة، مبينًا أنهم نصبوا أنفسهم خبراءً ومتخصصين في الطاقة وبدأوا في الانتشار في وسائل الإعلام والمؤتمرات لنشر معلومات مغلوطة عن البرنامج النووي المصري.
وأوضح العسيري أنه رغم مشاركة مصر في أول مؤتمر للطاقة الذرية عام 1958 إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية وإسرائيل لا يريدون أن تمتلك مصر التكنولوجيا النووية، حتى وإن كانت تكنولوجيا سلمية لإنتاج الطاقة، مشيرًا إلى أنه في عهد الرئيس جمال عبد الناصر تم الاتفاق على بناء محطة نووية في برج العرب عام 1964 ولكن قيام حرب 1967 جاء لينهي الحلم.
وقال العسيري إن أزمة الطاقة التي تعانيها مصر منذ سنوات جعلت من أي شخص غير خبير أو غير متخصص يدلو بدلوه في كيفية الخروج منها، مؤكدًا في الوقت نفسه إلى أن بعضهم اعتلى مشهد الصدارة واستطاع أن يصبع عضوًا في مجالس صانعي القرار ويقوم بتقديم معلومات مغلوطة عن خطورة البرنامج النووي وقدره الطاقة الشمسية على حل الأزمة في وقت قصير.
وألمح الدكتور العسيري إلى حديث الدكتور أحمد زويل، الذي قال إن مصر لن تحقق التنمية إلا إذا أصبحت تنتج 90% من طاقتها من الطاقة الشمسية، بالإضافة إىي تقرير الدكتور هاني النقراشي الذي قال إن تكاليف إنشاء محطات شمسية أقل بكثير من تكاليف المفاعلات الذرية، كما أن عملية تكهين المفاعلات تتم بعد أربع سنوات بتكلفة تصل إلى سبعة أضعاف إنشاءها، وان تشغيل اي مفاعل بالضبعة مخاطرة كبيرة.
وأكد مستشار هيئة المحطات ان مثل تلك المعلومات المغلوطة يمكن لها ان تقضي علي المحاولة الرابعة للبرنامج النووي، متسائلا عن الهدف الحقيقي من اشاعة اخبار كاذبة لدي اهالي مطروح تقول ان اسرائيل هي التي قامت باختيار موقع الضبعة وانها تريد ان تنشء مفاعل شبيه بمفاعل تشيرنوبل وفوكوشيما، رغم ان النوع الذي اختارته مصر يختلف عن الأول ذو النوع "الجرافيت" والثاني ذو النوع "الماء المغلي"، وقامت باختيار مفاعلات "الماء الغادي المضغوط" الاكثر أمانا ولم يشهد اي حادث للتسريب منذ دخولة الخدمة عام 1954.
وقال العسيري ان علماء وخبراء الطاقة النووية لا يرفضون أي شكل من اشكال الطاقة إذا كانت شمسية أو رياح أو حتى فحم إذا توافرت معايير الأمان البيئي والصحي، مبينا أن الأزمة في مصر لن تنتهي ألا بالاعتماد على ما يسمي بـ"كوكتيل الطاقات"، بالاعتماد على الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء مدعومة بمحطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وجميع مصادر الطاقة المتجددة الأخرى.
وأوضح كبير مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبق أن خبير الطاقة الشمسية العالمي لم يوضح للقيادة السياسية ان المحطات الشمسية لا يمكن لها ان تصلح للتنمية الصناعية، فالطاقة الشمسية وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة تصبح مفيدة لتغطية الإحتياجات الكهربية للمناطق النائية وغير المأهولة بالسكان أو أعمدة الإنارة العامة أو تغطية الإحتياجات الكهربية المنزلية أو للنوادي ومراكز الشباب والمباني العامة وذلك عن طريق تجهيز أسطح هذه المباني بالمرايا الشمسية وإنتاج الكهرباء مباشرة بالطريقة المعروفة بإسم الطريقة الفوتوفولتية.

وقال العسيري ان الجميع تجاهل عدد كبير من المعلومات ولم يقدمها لصانعي القرار، اهم تلك المعلومات مسالة الاسعار، فتكلفة انشاء وتشغيل محطات الطاقة الشمسية تساوي 11 ضعف تكلفة انشاء وتشغيل المفاعلات لكل كيلو وات ساعة، في حين ترتفع الي 16 ضعفا عند حساب تكلفة التوليد، مشيرا الي انهم لم يتحدثوا عن مخاطر التلوث البيئي، حيث اظهرت جميع الدراسات البيئة ان محطات الطاقة الشمسية تؤدي الي تلوث جوي يفوق الملوثات التي تخرج من المفاعلات باكثر من ثلاثة اضعاف وتصل في بعض الاحيان الي سبع اضعاف.

الكارثة التي اكدها تقرير مستشار هيئة المحطات ان الجميع يتجاهل عدد الوفيات سنويا بسبب انتاج الطاقة من مصادر متعددة، حيث بلغ متوسط الوفيات لكل تيراوات ساعة من طاقة الفحم 161 شخص في العام طبقا لاحصاءات منظمة الصحة العالمية، في حين بلغ عدد وفيات البترول 36 شخص سنويا، والغاز الطبيعي 4 اشخاص، والمساقط المائية 1.4 شخص سنويا، والطاقة الشمسية 0.44 شخص سنويا، والطاقة النووية 0.04 شخص كل عام، اي ان عدد وفيات الطاقة الشمسية يفوق 11 ضعفا عدد وفيات الطاقة النووية.

وكشف الدكتور العسيري عن 50 مادة كيميائية سامة مختلفة مسببة للسرطان مرتبطة بصناعة المرايا الشمسية، اخطرها علي الاطلاق الكادميوم والزنك والزرنيخ والسيليكون وفلوريد الكبريت، بل ويستمر ضرر هذه المواد عند تكهين المرايا الشمسية وتخزينها وخاصة مع إحتمالات تسرب هذه المواد السامة إلى الجو الذي نتنفسه أو الماء الذي نشربه أو أنواع الطعام التي نأكلها.

وقد أشارت منظمة الصحة العالمية في يونيو عام 2006 أن حوالي ربع الأمراض السرطانية التي يصاب بها الإنسان تنتج بطريقة مباشرة من المواد السامة، وصناعات الطاقة الشمسية هي أحد مصادر هذه المواد السامة، حيث اشارت جمعية "سموم وادي السيليكون" أن تصنيع المرايا الشمسية ينتج عنها مواد سامة مشابهه لتلك الناتجة عن صناعة أشباه الموصلات ومنها تيترا كلوريد السيليكون، وغازات سادس فلوريد الكبريت، وكلاهما يسببان فقدان صلاحية الأرض لإنتاج المحاصيل وخاصة إن كل طن إنتاج من البولي سيليكون المستخدم في المرايا الشمسية ينتج عنه 4 طن من تيترا كلوريد السيليكون.

أما عن درجة الامان فأكد العسيري علي انه لا محل لتخوف البعض من أي تسريبات إشعاعية من المحطة النووية، وادعائهم بأن الرياح ستنشر هذه التسريبات الإشعاعية لتغطي الدلتا والقاهرة وتعرض جميع سكانها للإخطار الإشعاعية والأمرض السرطانية، مبينا ان العالم به 437 مفاعلا لانتاج الطاقة، 94.5% منهم في الدول المتقدمة، فهناك 100 مفاعل في أمريكا و58 مفاعل في فرنسا، و48 مفاعل في اليابان، و33 مفاعل في روسيا، و23 مفاعل في كوريا الجنوبية، و22 مفاعل في الصين، و21 مفاعل في الهند، و19 مفاعل في كندا.

وقال تقرير العسيري ان نوع المفاعل الذي اختارتة مصر وهو "الماء العادي المضغوط" يعد من أأمن المفاعلات في العالم، ويوجد منه 275 مفاعلات في العالم، اي ما يعادل 62.9% من عدد المفاعلات، ويقدم قدرات انتاجية تصل الي 255 الف و110 ميجاوات، اي ما يعادل 68.1% من كل القيمة الانتاجية التي تنتجها المفاعلات، في حين هناك 81 مفاعل من النوع الماء المغلي الشبية بمفاعلات فوكوشيما اليابانية، و49 من مفاعلات الماء الثقيل، و15 لكلا من المفاعلات المبردة بالغاز ومفاعلات الجرافيت المبردة بالماء شبية بمفاعل تشرنوبل.
أما عن النفايات فاوضح التقرير ان هيئة المحطات النووية لن تقوم بدفن نفايات مفاعلات موقع الضبعة في اي موقع علي ارض مصر، وان الاستشاري النووي ممثلا في وارلي بارسونز قام باعداد دراسة موسعة لانشاء غرفة خرسانية مؤمنة بنفس قياسات المفاعل نفسه لوضع اسطوانات النفايات الصلبة عالية التركيز ومتوسطة التركيز فيه، دون الحاجة الي مدافن للنفايات، مشيرا الي ان اغلب الدول المتقدمة تقوم بتلك العملية ويتم الكشف الدوري عليها.
وفي نهاية التقرير طالب الدكتور ابراهيم العسيري مستشار الهيئة للشئون النووية رئيس الجمهورية بسته مطالب لانقاذ البرنامج النووي من مؤامرة الاجهاض الرابع، اولها سرعة إتخاذ القرار بالبدء في تنفيذ مفاعلات الضبعة الثمانية، خاصة وان جميع الدراسات تم الانتهاء منها والمناقصة تنتظر القرار السياسي، وثانيها محاسبة غير المتخصصين في الطاقة النووية علي مايروجونه من إشاعات ومعلومات مغلوطة في الصحف والمجلات والإعلام المرئي والمسموع، وسرعة النظر في طلبات أهالي الضبعة وصرف التعويضات المناسبة لهم بلا إفراط أو تفريط توفيرا لحسن الجوار ولضمان تعاونهم الكامل مع هيئة المحطات النووية في إقامة المشروع النووي.
كما طالب التقرير بالاستمرار في حملات رفع مستوى التفهم الجماهيري لأهمية استخدام الطاقة النووية في مصر لإنتاج الكهرباء وتحلية مياه البحر لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وتخصيص مساحات وقت كافية بالقنوات الإعلامية المختلفة، من صحافة وتليفزيون وإذاعة، لتوعية الجماهير بالطاقة النووية ومدى أمنها وأمان تشغيلها ومدى الفائدة التي ستعود على الاقتصاد القومي، والاهتمام بتدريس الموضوعات المتعلقة بالطاقة النووية لتوضيح مدى أمان المحطات النووية والتعريف بالإشعاعات النووية وسبل الحماية منها والتعريف بالمفاعلات النووية وأساليب تشغيلها والتحكم فيها والرد على المزاعم ضد الطاقة النووية، وأخيرًا تعميق التعاون بين الهيئات النووية وقسم الهندسة النووية جامعة الإسكندرية بما يدفع المشروع النووي المصري إلى الأمام ويرفع من فرص نجاحه.