رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

صور ـ من "الزواج العرفي" إلى "الوظيفة".. الجدران ملجأ الشباب للتعبير عن حالهم

جريدة الدستور

ضاقت به الحياة فلم يعد له مكانا بها.. كل الطرق تؤدي إلى الفشل، التعليم مليء بالفساد ولا يقدم جديدا.. الوظيفة تعطيه مجرد "ملاليم" لا أكثر إن حصل عليها، يمر بفترات من الإحباط والكبت، ينتقل بينهم إلى مراحل الاكتئاب، لا وسيلة للتعبير عن الدواخل.. اليأس يأتيه من كل صوب وحدب، يدفعه إلى ما لا يجب فعله، فتظهر له تلك الحجة تشجعه على كل أفعاله الخاطئة وهي "ما باليد حيلة تفعل كي تسلكها".
وضع آماله ويأسه معًا في إعلان صغير على أحد جدران محطة مترو "الدقي"، ثلاث كلمات متراصة إلى جانب بعضهما عكست حال شباب كثيرون، "عاوز أتجوز عرفي" ورقم هاتفه، حينما وصل اليأس به إلى أقصى درجاته فلا أمل في تعليم أو زواج، وضع الشاب المصري "أحمد" اسمه إلى جانب ذلك الإعلان عله يكون فيه الرجاء الأخير من ذلك الوطن المنكوب حاله.
لم يصبح الزواج العرفي شيء يحدث في الظلام، بل ظهر معلنًا وجوده في الأوساط الشبابية، متمثلًا في إعلانات لا تخاف أو تخشي على الجدران، لتمر أيام قليلة ويختفي ذلك الإعلان، ويحل آخر في محطة "سانت كاترين"، فالشاب "أحمد" مثله كثيرون بل لم يعد في الوطن إلا من هم مثله.
ومن "أحمد" إلى آخر طرق أبواب الرزق كثيرًا، سعى هنا وهناك، كي يجد مكانًا له وسط كم كبير ومعدلات ضخمة من البطالة في بلاده، فلم يجد أي وظيفة تقبله، حتى ضاق به وطن خال من الوظائف والمستقبل.
لكن فجأة تأتيه فكرة بسيطة تجعله محط الأنظار وقد يكون فيها الأمل الأخير متمثلًا في إعلان آخر يروج فيه عن نفسه وعن الوظيفة التي يطلبها، أيضًا ثلاث كلمات عبرت عن حال شباب وطن بأكمله، "محمد محاسب قانوني" وجانبه رقم هاتفه، أضاع سنوات عمره في تعليم جامعي، كي يخرج في النهاية عاطل يروج لنفسه.
قديمًا كنا نرى إعلانات على الجدران لوظائف "النجارة والسباكة" لأنهم يعملون بصفة شخصية وبأعمال منفردة، "محمد" الشاب الذي كتب ذلك الإعلان على جدران محطة مترو حلوان كسر تلك القاعدة مروجًا عن نفسه وعن وظيفته التي من المفروض أن تتهافت عليه كبرى الشركات والمؤسسات.
التقطت عدسة "الدستور" إعلاني "أحمد ومحمد" الذين مثلا بإعلاناتهم حال مصر متجسدًا، في الترويج للزواج العرفي الباب الذي طرقه بعض الشباب بسبب تعسر وسائل المعيشة، والوظيفة التي أصبحت حلمًا بعيد المنال، قد تكون إعلاناتهم بداية لحل قادم، أو إنذار بطي تلك الصفحة التي فتحوها بترويجهم عن أنفسهم.