رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رفع المصاحف من "الخوارج" إلى "السلفيين".."قول حق يراد به باطل"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


"رفع المصاحف" حيلة جديدة، لجأت إليها الجبهة السلفية خلال تلك الأيام، تزامنًا مع دعوات أطلقتها لما اسمته بـ"الثورة الإسلامية" في 28 نوفمبر الجاري، مطالبة أنصارها برفع المصاحف، خلال التظاهرات العنيفة.
كان هدفها المعلن عنه هو ما أسمته بـ"فرض الهوية الإسلامية"، ولكن الحقيقة الكامنة وراء ظاهرة رفع المصاحف عبر التاريخ، هي الإتجار بالدين وإحداث فوضى وإراقة الدماء في البلاد.
فخداع المسلمين باسم الشريعة وباسم الدين، لم يكن وليد تلك اللحظة أو تلك الدعوات، بل هو منهج سارت عليه الدعوة السلفية وجماعة الإخوان الإرهابية سويًا، بداية من الشعار الوهمي الذي رفعوه باسم "الإسلام هو الحل" نهاية إلى دعوات تدنيس المصحف، وإراقة الدماء.
كانت الجبهة السلفية، التي تضم مجموعة من الشباب المنشق عن الدعوة السلفية خلال فترة ما بعد ثورة 25 يناير 2011 دعت إلى التظاهر يوم 28 نوفمبر الجاري ورفع المصاحف.
تناسى بعض أعضاء الدعوة السلفية أن ما تدعوا إليه في ذلك اليوم يعد تشبها واضحا وصريحا بالخوارج في عهد الصحابي "علي ابن ابي طالب"، الذين قاموا بتكفيره ومعه بعض الصحابة، وذلك فى معركة "صفين".
كانت معركة "صفين" عام 37 هجريًا، هي السبب الرئيسي في مقتل الخليفة الرابع للمسلمين، حيث قاموا برفع المصاحف أمام رماح وسيوف جيش "علي ابن أبي طالب"، ومن هنا بدأ يظهر فكر الخوارج، الذي رد عليه أبي طالب بقوله: "قول حق يراد به باطل".
كان أعداء خليفة المسلمين الإمام علي ابن أبي طالب في تلك المعركة بقيادة معاوية ابن أبي سفيان الحاكم الأموي في الشام الذي أراد الاستيلاء على الخلافة بعد أن عزله الإمام علي من منصبه؛ بسبب فساده واستغلال منصبه لمآربه الشخصية بما يتعارض مع الإسلام.
فحينما حلت هزيمة نكراء بجيش "معاوية ابن ابي سفيان" أثناء المعركة، لم يجد جيش الشام الذى كان يقوده "معاوية بن أبى سفيان" غير حيلة رفع المصاحف على أسنة الرماح حينما تأكد من أن الهزيمة من نصيبه، فأمر عمرو بن العاص جنوده بفعل هذه الخدعة.
أطلت ظاهرة رفع المصاحف في الثورة الإيرانية التي نشبت عام 1979 وحولت إيران من نظام ملكي إلى جمهورية إسلامية عن طريق الاستفتاء، وكان مفجرها "روح الله الخميني" وهو يعد مؤسس "الجمهورية الإسلامية الإيرانية"، وحاول العمل على مد الثورة أو ما يسمى تصدير الثورة إلى المناطق المجاورة.
وحينما نجح نظام الشاه بقيادة "محمد رضا بهلوي" الذي وصل للحكم عام 1941، في قمع المظاهرات دون اللجوء إلى قوات الجيش، وإلقاء القبض على الخميني، وإصدار الأوامر بنفيه إلى خارج البلاد، كان "رفع المصاحف" هو الحل الذي لجأ إليه شباب الثورة الإيرانية ضد نظام الشاه.
فكانت ظاهرة رفع المصاحف سمة أساسية في تظاهرات الشباب خلال الثورة الإيرانية، وأرجع البعض أن السرعة في إنجاح تلك الثورة الإيرانية، يرجع إلى الدور القيادي البارز الذي لعبه الدين من خلال رفع المصاحف، رغم أن النظام كان محميا من قبل الجيش والأجهزة الأمنية التي أنفق النظام عليها ميزانيات ضخمة.
ولكن الأمر في الثورة الإيرانية كان مختلفًا عن الدعوات السلفية التي تدعو للعنف في تلك الآونة، لأن الثورة قامت ضد نظام الشاه البهلوي الحاكم في ذلك الوقت؛ بسبب أن إيران كانت تعيش في حالة من الاضطراب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، واحتقان شعبي شديد، يأخذ مكانه على الساحة في شكل هبات وانتفاضات جماهيرية بسبب الأوضاع الاقتصادية المتدهورة التي يعاني منها غالبية الشعب.
ولم تخرج تلك الدعوات من الجبهة السلفية وحدها، فانضم لها أمس الخميس ما يسمى بـ"مجلس أمناء الثورة"، الذي أسسه القيادي الإخوانى صفوت حجازي، من خلال إصدار بيان اصطفاف ثوري على صفحة المجلس بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
يدعو فيه إلى أثارة العنف وتصعيدات عديدة من أجل تخريب البلاد، ودعوات للنزول يوم 28 نوفمبر تزامنًا مع جلسة النطق بالحكم على الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
بهدف إحداث مجزرة في ذلك اليوم، ودعىا المسلمين والمسيحين بالنزول في ذلك اليوم ورفع المصاحف والأناجيل، في دعوى لرفع رايات مندسة ومزعومة على الإسلام والمسيحية سعيًا وراء الحكم والسلطة وإثارة العنف ومزيد من الدماء.