رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"فولتير" أديب التنوير:"الخبز في الوطن خيرٌ من بسكويت الأجانب"

جريدة الدستور

حكيم عصره وفيلسوف زمانه، عاش أديبا وما خلده إلا ما خطت يداه وعقله، تأمل وتفكر ثم تدبر فخرج للعالم بطاقة من الابداع، إنه فولتير، الذى ولد فى مثل هذا اليوم 21 نوفمبر منذ أكثر من ثلاثة قرون.

اسمه الحقيقى "فرانسو مارى" واتخذ لنفسه اسم "فولتير" كاسم مستعار، واختلفت الأراء حول اختياره لهذا الاسم تحديدا ولكن أرجح هذه الآراء أنه يوحى بالسرعة والجرآة ويأتى هذا المعنى من اقتران الاسم بكلمات مثل volte face والتى تعنى الإلتفاف لمواجهة الأعداء .

عاش فولتير فى عصر التنوير بفرنسا، ويعتبر رمزا لذلك العصر وكذلك يعد أهم منظّري الثورة الفرنسية وواحدًا ممن بشروا باندلاعها، وعُرف بسخريته الفلسفية الظريفة ودفاعه عن الحريات المدنية وبخاصة حرية العقيدة، وكان من أكبر أعداء التطرف الدينى وكذلك مدافعًا صريحًا عن الإصلاح الإجتماعية، ولأنه كان يحسن فن المجادلة والمناظرة الهجائية فإستغل ذلك فى أعماله لإنتقاد المؤسسات الإجتماعية فى عصره، وزاد أسلوبه الساخر وجرآته فى الكتابة من صيته وشهرته.
وبسبب القوانين الرقابة الصارمة والعقوبات القاسية التي كان يتم تطبيقها على كل من يقوم بخرق هذه القوانين فى فرنسا فى ذلك التوقيت، وإستخدامه لبديهته النقدية والتى تميزت بالسرعة والصرامة والطرافة، جعله ذلك شخصية غير محبوبة لمن ينتمون للطبقة الأرستقراطية، وتسببت ردوده اللاذعة فى نفيه خارج فرنسا ليستقر فى إنجلترا لفترة.
يعد فولتير كاتبا متكامل بكل ما تحمله الكلمة فكان غزيرا فى إنتاجه، ولم تقتصر كتاباته على شكل أدبى واحد بل شملت كل الأنواع فكتب فى المسرح والشعر والرواية والمقالات إضافة إلى الأعمال التاريخية والعلمية وأكثر من عشرين ألفًا من الخطابات، وكذلك أكثر من ألفين من الكتب والمنشورات.
وقال فولتير عن الإسلام إنه أكبر تغيير حدث على الكرة الأرضية، مبديا إعجابه بالسرعة التي انتشر بها خلال مائة وخمسين عاما مكنته من السيطر على أكبر الإمبراطورية الرومانية.
توفى فولتير عن عمر يناهز 84عاما فى سنة 1778م، وبسبب انتقاده المعروف للكنيسة لم يتم السماح بدفنه وفقًا للشعائر الكاثوليكية، الإ أن اصدقاؤه تمكنوا من دفن جثمانه سرًا في إحدى الكنائس الكبيرة في مقاطعة شامباين، وذلك قبل أن يتم الإعلان رسميًا عن قرار منع الدفن، وبعد أن قامت الثورة الفرنسية ونجاحها تم إستعادة رفاته ونقلها للاحتفاظ بها فى مقبرة عظماء الأمة.
ومن أقوال فولتير ..
"السبيل الوحيد لجعل البشر يتحدثون خيرا عنك هو قيامك بعمل طيب"، "الخبز في الوطن خيرٌ من بسكويت الأجانب"، "الشك ليس ظرفاً جميلا.. لكن اليقين أمر سخيف"، وقال أيضا " إن الذين يجعلونك تعتقد بما هو مخالف للعقل، قادرون على جعلك ترتكب الفظائع" ، " لا يمكن لنا كأفراد، أن تكون لنا حريات فردية أساسية كحرية التعبير.. إذا لم نتمكن من التدليل والتوثيق على معتقداتنا الشخصية"، وكذلك "لا أرى نفسي أكبر من أن أُخذل و لا أصغر من أن أنتصر" .