رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"تونس" تنجح في تداول السلطة "سلميًا".. وقبول النهضة النتيجة "مرحلي"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

يقفون نساء ورجال شباب وفتيات صغار وكبار، اختلفت أعمارهم، لكن الفكر والهدف واحد، فخرجوا جميعًا على قلب رجل واحد، تمرد وخروج رافض للنظام الحالي، معلنًا اعتصامه في ميدان الثورة، إما رحيل النظام أو الموت.

حكم دام أكثر من 22 عامًا، تفاقم الفساد في النظام الذي ترأسه "زين العابدين بن علي"، لتأتي ثورة الياسمين أو الثورة التونسية، وتسطر النهاية في أقل من ثلاثة شهور، فراح فداء تلك اللحظة أكثر من 219 شابا من تونس.

وبالعودة إلى بدايات الثورة التونسية نجد أن "محمد البو عزيز" الشاب التونسي، الذي يعتبر مفجرها، حينما أضرم النيران في جسده تعبيرًا عن غضبه على بطالته ومصادرة العربة التي يبيع عليها من قبل الشرطة بتونس، ولم تكن المرة الأولى التي ينتحر فيها شاب تونسي بسبب سوء الأوضاع، ولكن "البو عزيز" كان هو الشرارة التي انطلقت منها الثورة التونسية.

وعقب انتهاء الثورة ورحيل "بن علي"، تولى "حزب النهضة" مقاليد الحكم بموجب فوزه بأغلب المقاعد في انتخابات المجلس الوطني بتونس لمدة ثلاث سنوات، ولكن بعد اغتيال المعارض "محمد البراهمي" في 25 يوليو الماضي، هزت تونس أسوأ أزمة مرت بها بعد اغتياله، وأضعفت الأزمة اقتصاد تونس ومخاوف المانحين الدوليين.

وخرجت مظاهرات في شوارع تونس ترفض استمرار الحكومة، لتدخل حركة النهضة، المحسوبة على جماعة الإخوان، في مفاوضات استمرت عدة أسابيع قبيل الانتخابات، ولم تتشبث النهضة بالحكم، وتم التوافق في النهاية على استقالة الحكومة لإنهاء الأزمة السياسية، وإجراء انتخابات برلمانية.

وبذلك جنبت النهضة تونس ويلات الاستقطاب السياسي، وضربت تونس مثالًا للتداول السلمي في السلطة بإجراء الانتخابات البرلمانية، أسفرت عن خسارة النهضة وفوز حزب "نداء تونس" بأغلب المقاعد.

قال يحيي قدري، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية المصرية، إن تونس بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ضربت مثالًا جيدًا للتداول السلمي للسلطة حتى الآن، ولكن لا يمكن مقارنتها بما حدث في مصر؛ لأن الموقفين مختلفين، كما أن مصر لم تتداول السلطة عنفًا؛ لأن النظام الحالي نتاج طبيعي لثورة 30 يونيو، التي خلصت مصر من جماعة الإخوان الإرهابية التي اغتالت الحكم والسلطة في مصر إبان حكم محمد مرسي.

وأضاف أن الأحداث السابقة للانتخابات البرلمانية في تونس تختلف برمتها عن ما جرى في مصر، فجماعة الإخوان ممكن أن تفعل أي شيء مقابل الحكم والسلطة، والإرهاب الذي تعيشه مصر ليس بعيدا عن تونس، فالفكر الإخواني واحد، وذلك رغم اعتراف حزب النهضة بقبوله لنتيجة الحكم والدعوة التي وجهها إلى حزب "نداء تونس" لقيام حكومة وطنية".

في هذا الصدد، أكد ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل، أن الأوضاع في تونس تختلف بشكل كبير عن مصر، فإخوان تونس أكثر نضجًا من إخوان مصر الذين قاموا بالعديد من الأعمال الإرهابية؛ الأمر الذي أدى إلى نفور الشعب المصري عنهم، وعزلهم عن المشهد السياسي برمته".

وأضاف الشهابي أن إخوان تونس أفضل حظًا من مصر فكان أمامهم تجربة حية بطلها فشل جماعة الإخوان داخل مصر، وأدرك الغنوشي ورفاقه عقب التجربة المصري أن حمل السلاح وإراقة الدماء لا تفيد في إقناع الشعب، والنتائج المأساوية التي وصلت لها الجماعة وحزبها لا تفيد، فقد أدت إلى عزل جماعة الإخوان نهائيًا".

وأكد رئيس حزب الجيل: "أن إخوان تونس لن ينفذوا نفس السيناريو الذي حدث في مصر، لأن الجانبين غير متماثلين تمامًا، فالإخوان في تونس أقنعوا الشعب التونسي عن طريق الصندوق الانتخابي، واحترام نتيجة الاقتراع، فعملوا بذلك على إقناع الشعب التونسي بهم".

وأضاف: "أن قبول الإخوان لنتيجة الانتخابات البرلمانية في تونس، يرجع إلى نظرتهم المستقبلية للانتخابات الرئاسية القادمة والدور الذي يخططون للقيام به خلالها، فقبولهم بالنتيجة ما هو إلا قبول جزئي ومرحلي".

وأشار إلى أن التداول السلمي للسلطة في تونس حدث بناء على أن إخوان تونس قد وعوا الدرس جيدًا في مصر ولا يريدون إعادة التجربة الفاشلة لنظيرهم في مصر، لذلك فجاء قبولهم لتجنب المصير الذي آلت إليه الجماعة في مصر".

وتابع الإخوان في مصر أسالوا الدماء ورفضوا النتيجة رفضًا تامًا، لأن الشعب أبعدهم تمامًا عن الصورة، لكن إعلان إخوان تونس أنهم يحترمون النتيجة لأن الشعب لم يعزلهم بشكل نهائي، فهم يريدون أن يكون في السلطة بأي شكل، فالاختلاف بين تداول السلطة في مصر وتونس يرجع إلى تغيير الجماعة للتكنيك المتبع لديهم".