رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة 25 يناير-حتى لا ننسى « 2»


«كتب هذا المقال فى أعقاب ثورة 25 يناير 2011 مباشرة، ورأيت نشره الآن لتكاثر الكتابات التى تغتال ثورة يناير وتعيد تمجيد مبارك ونظامه».. وذلك استكمالاً للمقال الأول الذى يحمل العنوان نفسه.. فحين يتم تقييد الحريات فى الصحف وفى حق الشعب فى الاعتصام والمظاهرات السلمية والحق فى تكوين الأحزاب بالإخطار...

... حين يتم اغتصاب حق الشعب فى اختيار ممثليه فى البرلمان والمجالس المحلية والاتحادات والنقابات وتزوير أصواته وإرادته حتى يتربع على عرش الحكم نظام واحد من مجموعة من اللصوص. حين يتقزم دور مصر قلب العروبة النابض لتنعزل عن الوطن العربى ويصبح دور حكامها هو تسويق وخدمة المصالح الأمريكية -الصهيونية فى الوطن العربى بل وتسهم مصر بدور كبير فى العدوان الصهيونى على غزة والعدوان الأمريكى على العراق والعدوان الصهيونى على «حزب الله» فى لبنان بصمت حاكمها وحكومتها بل وبتشجيع منها للأعداء لدرجة أن يقال على لسان أحد وزراء العدو الصهيونى «إن النظام المصرى وحسنى مبارك كنز استراتيجى للكيان الصهيونى». وحين يتم إحكام الحصار على 1.5 مليون عربى فى غزة من قبل النظام المصرى بإغلاق معبر رفح وبرفض وصول قوافل الغذاء والدواء المصرية إلى غزة.

حين يكون المسئولون عن أمن البلاد فى الداخل هم من يصنعون الفتن الطائفية لإلهاء الشعب المصرى وإشعال الفتن بين أبنائه حتى لا يفكر فى التوحد ضد النظام الحاكم وضد الفساد والاستبداد، حين يستشرى الفساد كالنار فى كل أنحاء البلاد فيقضى على الأخضر واليابس ويتم نهب ثروات البلاد بانتظام للشلة الحاكمة ولأحبائها وأقربائها.

حين يتم توزيع أراضى الدولة وهى ملك للشعب إلى الشلة الحاكمة وإلى الأجانب بملاليم وهى تساوى الملايين، حين توجه موارد الدولة لصالح منتجعات وقصور للأثرياء ولا تبنى مساكن للفقراء. وحين يتم تشريع القوانين لصالح المحتكرين والفاسدين لحمايتهم.

حين يتم تهريب من تسبب فى قتل 1034 مواطناً مصرياً فى «عبارة الموت» التى يملكها – يتم تهريبه عن طريق أصدقائه فى النظام المصرى حتى لا يحاكم وبعد إصدار حكم يدينه لا يتم تسليمه للمحاكم المصرية. وحين يتم استيراد تقاوى مسرطنة للخضر والفاكهة وحين يتم استيراد مبيدات زراعية مسرطنة وحين يتم استيراد أغذية فاسدة لا تصلح للاستخدام الآدمى ولا الحيوانى وتدخل للبلاد عبر مؤسسات الفاسدين والمفسدين ويمرض الآلاف بالسرطان والفشل الكلوى، حين يعيش الشعب المصرى مختنقاً بكل ما قدمنا له ويزيد كان لابد أن يتحرك الشعب من أجل إسقاط النظام! من أجل تغيير حرية عدالة اجتماعية!.. حينها كان لابد من ثورة شعب، ثورة وطن، وحين نعرف أن الشعب العربى شعب واحد، هم واحد وأن الأنظمة العربية تشترك فى سمة الاستبداد والفساد وأن الظروف المعيشية للشعوب العربية متشابهة إلى حد التطابق حين نعرف ذلك يكون من الطبيعى أن تشتعل الشرارة للثورة العربية فى تونس لتنتقل إلى مصر ومنها إلى بقية الوطن العربى فى ليبيا والبحرين واليمن والأردن والجزائر والمغرب والعراق وقريباً تستشرى فى بقية البلدان ولأن الهم واحد والهدف واحد كانت وحدة الشعارات: «الشعب يريد إسقاط النظام»، «الشعب يريد إسقاط الحكومة»، «الشعب يريد دستوراً جديداً»، «الشعب يريد إطلاق الحريات»، «الشعب يريد إسقاط الطائفية»، «الشعب يريد حل الحزب» «الحكومى السابق»، «الشعب يريد حل جهاز أمن الدولة»، «الشعب يريد رفع الحد الأدنى للأجور»، «الشعب يريد القضاء على البطالة»، «الشعب يريد محاكمة النظام»، «محاكمة القتلة»، «محاكمة السفاحين»، «الشعب يريد استرداد أمواله»، «الشعب يريد طرد المستعمر المحتل»، «الشعب يريد الاستقرار والأمن والأمان».

ولأن العدو المغتصب لثروات الشعب، العدو الفاسد والمستبد الحاكم لن يسلم بسهولة بضياع ثرواته التى نهبها من البلاد ولأن العدو الحاكم تسانده الأنظمة المستبدة العربية وتسانده الرأسمالية المتوحشة المعسكرة الأمريكية والعدو الصهيونى لأن كل هؤلاء لن يسلموا بسهولة فعلى الشعب الثائر أن يستمر فى ثورته ولا يهدأ حتى تتحقق جميع المطالب. انتهج النظام المصرى بعد انتصارات أكتوبر سنة 1973 على العدو الصهيونى نهجاً اقتصادياً خاضعاً ًلشروط البنك الدولى وصندوق النقد الدولى وشروط الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة هيكلة السوق والاعتماد على سياسة الانفتاح الاقتصادى مما أدى لصعود شريحة طبقية أقرب تصنيف لها أنها شريحة سماسرة تقوم على استيراد أى شىء وتصدير أى شىء وتكون ربحها من السمسرة وبدأت نفس الشريحة تعتمد على سوق العقارات والأراضى وتكون أرباحها من الريع العقارى الناتج من شراء الأراضى ثم بيعها وبدأ تدريجيا القضاء على الإنتاج الصناعى والزراعى الوطنى ومنذ عام 1990. بدأت سياسة الخصخصة وفقاً لأوامر البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والتى أدت إلى بيع العديد من المصانع والبنوك والشركات التجارية بيعاً بأبخس الأثمان مقابل عمولات ضخمة لأصحاب السلطة ورأس المال المعدودين. وبدأ الفقر يشق طريقه إلى 50% من الشعب المصرى مع تدنى المرتبات والأجور وتشريد العمال والعاملين بالشركات التى يتم بيعها وبدأت العصابة الحاكمة فى تقليل الإنفاق على الخدمات لا صحة – لا تعليم- لا وظيفة – لا سكن. ولإحكام قبضتها على الشعب كان لابد من تغليظ عصا الأمن وتوغل وتغول جيش الأمن المركزى والشرطة والاعتماد على قانون الطوارئ والزج بالمعارضين إلى السجون والمعتقلات.إزاء كل هذا كانت نضالات الشعب المصرى وطليعته المثقفة المستمرة والتى تصاعدت فى السنوات الأخيرة وأدت إلى اندلاع ثورة 25 يناير 2011.