رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

رسالة إلى محافظ الدقهلية .. ووزير الآثار


أقدر شخص ومهام اللواء عمر الشوادفى - محافظ الدقهلية - خصوصا الجانب الإنسانى فيه نتيجة مواقف عايشتها معه بنفسى.. ومع ذلك أحمله المسئولية تجاه الجريمة التى وقعت أحداثها بمنطقة «التل» فى مركز «تمى الأمديد».. وذلك عندما قام مجموعة من اللصوص بالتنقيب عن الآثار فى «عز الضهر».. حيث كشفت «الدستور» فى عددها الصادر يوم الأربعاء الماضى أن أفراد العصابة هم: عضو مجلس شعب سابق عن الحزب الوطنى المنحل، وتاجر آثار معروف، ثم «عدد من البلطجية لزوم الحفر وفرض العضلات والسرقة وقلة الأدب».
لكن موقف أهالى «تمى» كان مشرفاً عندما
قاموا بالتصدى للصوص فى غياب تام للأمن! هذه الجريمة تجعلنا نسأل المسئول الأول فى الدقهلية عن أولاً: أين الضابط المكلف بحراسة هذا التل؟.. وكيف يسمح لهذه العصابة بالتنقيب عن الآثار فى المكان المكلف بحراسته؟.. وهل سيحاسب هذا الضابط ويقدم للمحاكمة أم أنه سيكافأ كالعادة؟!.. أيضاً نسأل وزير الآثار د. ممدوح الدماطى: أين رجالك؟ وهل تعرف - حقاً - أى شىء عن هذه الجريمة؟!.. لا أعتقد ذلك.. ليه؟.. لأنك معالى الوزير آخر من يعلم أى شيء فى وزارتك.. وإن لم تصدقنى فارجع إلى تصريحاتك المتناقضة عن هرم «زوسر». هذه الواقعة تجعلنى أستحضر جريمة مشابهة عايشت أحداثها يوم 29 يناير 2011 فى تل «بله» الأثرى داخل حدود مركز دكرنس تحت سمع وبصر المسئولين.. فى هذا التوقيت ذهبت إلى مأمور مركز دكرنس واتصلت بأمين عام المجلس الأعلى للآثار د. محمد عبد المقصود آنذاك وطالبتهما بالتحرك السريع لوقف هذه الجريمة .. كان رد المأمور إيجابياً جداً.. قال: «نحن الآن فى ثورة ولا أستطيع التصدى لهؤلاء المجرمين».. أما رد «عبد المقصود» فقد جاء بارداً وسخيفاً للدرجة التى تبعث على التقيؤ.. قال لى حينها: «يا أستاذ عابدين بلاش تتهم رجالتنا بالطريقة دى»!!.. رددت عليه قائلا: رجالة إيه يا دكتور؟!.. بقولك فيه عصابة بتنقب فى التل وبتستولى على الآثار!!.. قال فى برود تام: «لا يا سيدى اطمئن.. رجالتنا هناك، ولا يمكن أن يسمحوا لأحد بالحفر فى أى مكان داخل التل!!فى صباح اليوم التالى ذهبت إلى مكان الجريمة فكانت المفاجأة!!.. تخيلوا معى أعزائى القراء.. التف حولى حوالى 20 موتوسيكلاً .. كل موتوسيكل عليه شابين لا ينتميان بأى حال لوزارة الآثار.. شكلهم وملابسهم وأسلوبهم بيؤكد ذلك.. سألونى عن هويتى وسبب وجودى فى التل؟!.. أجبتهم بأننى صحفى وجئت لمقابلة مسئول الآثار هنا.. قالوا لى إن مكتبه فى المنصورة ولا يتواجد فى الموقع إلا للضرورة القصوى!.. ازداد غضبى وعلى الفور اتصلت بأمين عام الآثار مرة أخرى وشرحت له ما شاهدته بالتفصيل الممل.. إضافة إلى أننى شاهدت خمسة توابيت أثرية خالية من محتوياتها تماماً.. أثناء المكالمة فوجئت بشاب ينادينى باسمى ويقول لى إن مسئول الآثار فى مكتب المنصورة سمح لى بالتصوير.. وبالفعل صورت وكتبت تحقيقاً صحفياً عن هذا العبث مستشهداً بآراء وشهادات أهالى التل.. بعد ذلك ذهبت لوكيل نيابة دكرنس طالباً منه وقف هذه الجريمة لكن أحداً لم يتحرك.. لا من مركز دكرنس ولا من النيابة ولا حتى من الآثار وظل المكان عرضة للصوص. بعد مرور أقل من شهرين على الواقعة .. اتصل بى شخصان ومعهما محام من دكرنس.. علمت فيما بعد أنهما ينتميان لمافيا سرقة وتهريب الآثار.. المهم.. طلبوا منى مقابلتهم لتوضيح ملابسات ما كتبته فى الجريدة .. قابلتهم فى مقهى فى شارع المختلط.. أخرجوا لى أكثر من 300 ورقة يدعون فيها أنهم أصحاب التل الأثرى.. وأن الحفائر التى كتبت عنها ما هى إلا مقدمات لاستصلاح الأراضى للزراعة تحت علم وإشراف وزارة الآثار!! ضحكت من كذبهم وهذيانهم وأقسمت قبل أن أغادر المكان بأن أسجنهم وأقاضى المسئول الذى يحميهم أياً كانت مكانته أو اسمه. وحتى يعرف القارئ قيمة تل «تمى الأمديد».. فإنه من أهم المناطق الأثرية فى مصر، نظراً لقيمته التاريخية .. ويسمى باللغة اليونانية «ثمويس»..كما أن تل «بلة» من أقدم التلال الأثرية المصرية .. حيث وصلت مساحته إلى 22 فداناً، و حين زرته أصبحت مساحته بقدرة قادر لا تزيد على الثلاثة أفدنة!!.. لصوص التاريخ مستمرون فى نهب آثار مصر وبيعها لليهود بملايين الدولارات.. وفى الحقيقة فإن هؤلاء المجرمين يستحقون الإعدام شنقاً.. لأنهم بهذه الأعمال يخونون الله ورسوله والوطن.. وهذا يجعلنى أناشد اللواء عمر الشوادفى بفتح تحقيق فى الواقعتين وتقديم المجرمين إلى العدالة لينالوا جزاءهم.. كما أطالبه بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية الأخرى فى الدقهلية وهى: «تل الربع» و«دار بن لقمان» و«ضريح الصحابى الجليل عبد الله بن سلام» و«كنيسة القديس مارجرجس» و«تل البلامون» و«تل المقدام».. فهل وصلت الرسالة؟

كاتب صحفى