غيرتك على بنتك تحولها إلى عانس

"ابتعدِ ابنتى منطقة محظورة" شعار يرفعه الأب في وجه أى أحد تسول له نفسه الاقتراب من إحدى بناته، حتى ولو كان ذلك بهدف الزواج، حيث تدفعه مشاعر الغيرة إلى ارتكاب أشياء تتنافى مع منطق العقل، فيتحول بذلك إلى عقبة تقف في طريق سعادة ابنته، وهو ما جسده فيلم "عريس من جهة أمنية" بطريقة جعلت المشاهد ينطلق في ضحك متواصل يعجز عن التوقف عنه، لكنه في نفس الوقت دق ناقوس خطر على قضية لا يمكن لنا أن نغض البصر عنها ألا وهي كيفية تحقيق المعادلة الصعبة التي تحقق التوازن بين غيرة الأب على ابنته وبين تقبله لفكرة زواجها.
"والدي كان يشعر نار في صدره عندما أجلس مع خطيبي"، هكذا بدأت منال أحمد حديثها عن غيرة أبيها عليها موضحة أنه كان لا يتقبل مطلقا جلوسها مع خطيبها، وكان يشعر بالنار تلتهم صدره عندما يراهما مع بعضهما، لدرجة أنه بعد الزواج قام بفصل كابل الكهرباء لكى لا يجعله يقضي معها وقت.
"والدي يغار علي من الهوا الطاير" هكذا أخبرتنا إحدى المصادر رافضة ذكر اسمها عن علاقتها بوالدها، مشيرة إلى أنه يغار عليها من أى شخص حتى لو كان واحدا من أصدقائها.
فيما قالت أخرى أن والدها يغار عليها من زوجها لاعتقاده بأنه لن يوفر لها الرعاية اللازمة مثلما يفعل، وأشارت أخرى إلى أن هناك آباء يفضلون أن تصبح بناتهم حاملين للقب عانس على أن يتزوجون برجال آخرين.
أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي، أن هناك العديد من الأسباب التي تؤجع إلى غيرة الأب على ابنته وعدم رغبته في اقترابها من أى رجل غيره منها عظم مكانتها في نفس أبيها، شعوره بأن أى شخص مهما كانت مكانته ليس أهلا لها، عجزه عن تخيل أنها ستكون في كنف رجل غيره، ازدياد نزعة حب التملك لديه، معاناته من نوع من الإضطراب النفسي، مؤكدا على زياده حدة الغيرة في حالة كانت الابنه هى الكبرى أو الوحيدة.
وقال فرويز، إن هناك العديد من المشاكل التي يعاني منها الأب خاصة في الأيام الأولى من الخطوبة من ضمنها العصبية والنرفزة غير المبررة، الرفض المطلق لقدوم إلى المنزل، عدم رغبته في أن يكون هذا الشخص موضوعا للحديث داخل الأسرة، التمارض أحيانا، المعاناة من أمراض جسمانية ناتجة عن التوتر النفسي كالصداع، ألم بالمعدة، ألم بالرقبة، إجهاد غير مبرر، اضطرابات النوم.
وأشار فرويز إلى أن هذه الغيرة من الممكن أن تؤثر بالسلب على علاقة الابنة بخطيبها لضيقه الشديد من غيرة الأب التي لا تحتمل، الأمر الذي يدفعه إلى الامتناع نهائيا عن القدوم إلى منزل خطيبته وفسخ الخطوبة.
ونصح فرويز البنت بضروة التمتع بالذكاء في معاملة الأب في تلك الحالة، التعامل بهدوء مع الموقف، عدم إظهار الاهتمام الشديد بخطبيها في حالة وجود الأب، تحاشي التواجد معه بمفردها تجنبا لإثارته، إقناع أبيها بأنها ستظل في حاجة إلى حبه ورعايته، فحبها لخطيبها لا يقلل بحال من الأحوال من حبها له، مشيرا إلى احتياج الأب إلى جلسات نفسية إذا تطور الأمر لديه.
وذكرت الدكتورة منال زكريا، أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن الشكل العام يوضح أن الغيرة خاصية مرتبطة بالنساء أكثر منها للرجال، لذا فإن هذه الحالات فردية قلما تحدث، مشيرة إلى أنها تحدث بسبب شعور الأب بأن ابنته ملكه، لا يمكن لها الاقتراب من أى شخص، وتعوده على كونها جزءا مهما من مسئوليته، الأمر الذي أدى إلى عجزه عن الانتقال من حالة مزاجية الى حالة أخرى عند ظهور الخطيب في الصورة.
وقالت زكريا إن العامل الرئيسي الذي ترتكز عليه الغيرة في تلك الحالة هو مقدار تعلق الأب بابنته، خاصة إذا كانت زوجته متوفاه أو أنها عجزت عن القيام بمهامها، فكلما كان التعلق كبيرا كلما كانت الغيرة أكبر، كما أنها تصبح سلوك طبيعي سرعان ما يزول.
وأشارت زكريا إلى أن البنت لا بد أن تحرص على جعل والده في الصورة دائما، والأخذ برأيه في كل شئ، العمل على التقريب بين خطبيها ووالدها، جعله يشعر بأن خطبيها ابن ثاني له، تشجيع خطيبها على معاملة والدها بطريقة حسنة، تحديد الأدوار ما يؤدي إلى سهولة تعايشهما مع بعضهما، بث الطمأنينة في نفس الأب.