رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أبو العربي".. اسم يحكي تاريخ مقاومة قصة كفاح أهالي بورسعيد

جريدة الدستور

كان بدء الحفر في قناة السويس 1859 ليصبح أهم مجرى مائي في العالم هو منذر لإنشاء مدينة بورسعيد .
وبعد حفل الافتتاح لقناة السويس في 16 نوفمبر 1968 كان قد تكون خليط من المجتمع المصري بالمدينة الذي حددت سماته ملامح الشخصية البورسعيدية، فقد تم ترحيل مواطنين من صعيد مصر ومن محافظتي الدقهلية ودمياط ليعملوا في حفر القناة بالسخرة وكان مبيتهم في حي أطلق عليه الحي العربي – العرب حاليا - ومازالت كل طائفة من الثلاث المذكورة تحتفظ بعصبيتها واتحادها ويظهر ذلك في الانتخابات .

البداية ..
من هنا تم تقسيم المدينة الوليدة إلى قسمين "عرب" يقيمون بالنصف الجنوبي وأجزاء من الغربي بالمدينة ، و"أجانب" بالحي الإفرنجي ، بمنطقة الشرق وبور فؤاد حاليا
وبدأ يشعر أهل المدينة بالفرق ، فحرصوا على تسمية أولادهم في الغالب "العربي" لتعميم الكلمة في مقابل الأجنبي المحتل ، فزاد عدد الأفراد تحت مسمى "العربي" وأصبح لفظ " العربي" يطلق كاسم شهرة لاسم "السيد".
كثير من العائلاتورحل منها الكثير – تطلق اسم العربي على مولود لأب اسمه السيد ، والعكس ، وهكذا ، حتى يتم تعميم اسم العربي في مواجهة الأجنبي ، في فكرة بدأت بها بورسعيد ، تخطوا نحو كره المستعمر والظلم حتى ضربت أعظم الأمثلة في التضحية والفداء وكانت حائط صد لمصر كلها فى حروبها التي خاضتها .

الحي العربي والإفرنجي ..

واستمر الوضع في المدينة صراعاً هادئا بين ثقافات الحي العربي الذي كان للمصريين وبين – الحي الإفرنجي – الشرق حاليا – والذي كان يقتصر على الأجانب الذين كانت تضمهم خمسة عشر جالية ، فكانت الأهالي بالمدينة يقاومون الظروف الاجتماعية الصعبة حيث لا مهنة إلا الصيد أو أعمال الميناء - فئة البمبوطية وتجار البحر - أو العمل لدى الأجانب ، بخلاف الموظفين وكانت أعدادهم ليست كبيرة .
وعندما دخل الإنجليز مصر عام 1881 تحولت المقاومة للظروف الاجتماعية أو صراع الثقافات بين حضارتين بشكل غير معلن أو حتى يفهمه الكثير ممن يقاومون ، إلى مقاومة سياسية بالسلاح ، بل إن النكتة والسخرية من الأجنبي كانت مقاومة ، وأصبحت بورسعيد رمزاً للنضال والكفاح .
وظهرت سمات الشعب البورسعيدي عقب دخول الإنجليز مصر وبدا شعبا معجون بالوطنية على حد وصف - سمير معوض الكاتب البورسعيدي : تعددت أعمال المقاومة الشعبية وظهر ت وطنية مدينة احتك مجتمعها منذ ولادتها في ظروف سياسية واقتصادية غاية في الأهمية ..
تحول اجتماعي..
وقال الأديب البورسعيدي الراحل وعضو إتحاد كتاب مصر سابقاً – قاسم عليوة – في كتابه – " بورسعيد .. المدينة الاستثناء " - انطلقت المدينة في تطورات متلاحقة وبرؤى مختلفة حتى عصر الانفتاح الاقتصادي ، وصدور قرار من الرئيس الراحل محمد أنور السادات يجعل المدينة " مدينة حرة " ليستثنى المدينة أكثر وبشكل متفرد في الاقتصاد فأصبحت المدينة قبلة لمدن الجمهورية وخارجها للتسوق بأرخص الأسعار
وتحولت مع التحول الاقتصادي ثقافة المجتمع البورسعيدي لمدة زادت على الثلاثين عاما ، وتشكلت عقلية جيل بالكامل وفقا للتحول الاقتصادي الذي اختلطت ثقافته مع الثقافة السياسية التي نشأت عليها المدينة ،
ولا ينكر أحد أن خللا ما حدث في الشخصية البورسعيدية من أجيال التحول البورسعيدي إلى الاقتصاد والمال وافتقاد أشياء والعديد من القيم النبيلة التي كان عليها المجتمع البورسعيدي قبل ذلك التحول ، واقتصارها إلى حد كبير على جيل ما قبل الانفتاح الاقتصادي ، في الوقت الذي مازالت فيه الشخصية البورسعيدية تحمل سمات الوطنية والمقاومة المكبوتة بضغط النظام وحب الحديث عن السياسة والتفاعل مع الحراك السياسي الدائر على أرض مصر .

أبو العربي نخوة..

إسماعيل مناع المدير التنفيذي لمركز مساواة لحقوق الإنسان ببورسعيد ، يقول : البورسعيدي ، ثم تنهد ، وكأنه يسترجع كل ذكريات زمان ...: " النخوة " صفة البورسعيدي الأصيل ، ابن تراب هذه المدينة – الاستثناء – بالفعل كما أطلق عليها عمنا قاسم عليوة – وقال مناع : البورسعيدي اللي في جيبه على نفسه وضيفه ، فهو كريم بلا حدود ، ولا يخزن أمواله في وقت يحتاج فيه إلى شيء من الاحتياجات اليومية ، ولا يستطيع شخص في مصر أو أية محافظة ينكر هذه الصفة على البورسعيدية ..

وأشار إسماعيل مناع ، إلى أن تاريخ المدينة النضالي يشعر أبنائها الأصليين بالعزة والفخر لأنهم مصريين من أبناء مدينة العزة والصمود أمام المحتل الغاشم ، لدرجة أن الأسر في بورسعيد ، كانت تتعمد تسمية أولادها ب " العربي " والعربي يسمى ابنه " السيد " حتى عندما ينادى عليه الأجنبي يقول " السيد العربي " فكان حتى اختيار الاسم مقاومة
كما تم اختيار اسم " النادي المصري " في مواجهة النوادي الأجنبية التي كانت موجودة حينها ، فكانت المدينة عبارة عن أمثلة للنضال في كل نواحي الحياة حتى خرج المستعمر ، بالإضافة إلى أن البورسعيدي يتمتع بالانفتاح على العالم بموقع المدينة السياحي ، فالصفة الأقرب للبورسعيدي هي النخوة ، وهى تعني التمتع بسمات الكرم واستقبال الضيوف بالكرم والإنفاق وعدم البخل ..