رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأمن والقوة المعنوية للداخلية


فى مسلسل الجرائم الإرهابية التى ترتكبها جماعة الإخوان المسلمين لتخريب الوطن وتدمير مقومات حياته وترويع أبنائه وتركيعهم لسطوتها، بغية إسقاط نظام الحكم والقفز لاعتلاء عرش مصر مرةً آخرى، وقع مساء الثلاثاء 14/10/2014 حادث التفجير الآثم بميدان الإسعاف والذى أسفر عن إصابة 14 شخصاً من الأبرياء

وفى الحقيقة فإن أهم ما لفت نظرى فى هذا الحادث وقد تابعته ميدانياً، أنه لم يُحدث هلعاً بين المواطنين بالمنطقة أو ترويعاً لنفوسهم بالقدر الذى كانت تحدثه مثل تلك الجرائم من قبل، حتى إن أعداداً كبيرة من المواطنين ظلت بالمنطقة إلى وقتٍ متأخر من الليل وكان كل واحدٍ منهم يبحث عن دورٍ له لكشف ملابسات الحادث ومساعدة أجهزة الأمن بكل ما لديه من جهد ومعلومات، دون ترددٍ أو تخاذل ودون أى خوفٍ أو ذعر من احتمال انفجار عبوات أخرى وهو احتمال قائم فى مثل تلك الحادثة. إن هذه الحالة الشعبية التى ظهرت بجلاء فى هذه الواقعة, تدل على أن هذا الشعب العظيم قد ازدادت صلابته ورباطة جأشه مع تعاظم إرادته وإصراره لمواجهة الإرهاب، وأنه اكتسب خبرات عملية تساعده فى التوقع والترقب والتصدى لكل الجرائم الإرهابية، بما يجهض أهم أهدافها وهو ترويع المواطنين وتأليبهم على الدولة ونظامها الحاكم. فهل يعى إخوان الشياطين ذلك؟ أعتقد أنهم لو أدركوا ذلك لتوقفوا وامتنعوا عن استخدام هذه الآلية الإرهابية الخسيسة لأنها لن تجدى فى مخططهم ولن تحقق لهم شيئاً، ولن تزيد الشعب إلا إصراراً وقناعة على بغضهم ومحاربتهم مهما طال الزمن.

من ناحيةٍ آخرى أعتقد أن من أهم أسباب تكرار مثل تلك الجرائم وغيرها، هو افتقاد القوة المعنوية لأجهزة الأمن بوزارة الداخلية. وشرحاً لذلك نسوق مثلاً بالتشريع العقابى، فهو يستهدف أمرين اثنين، الأول هو الردع الخاص بمعاقبة الجانى عما اقترفه من جريمة، وأما الثانى فهو الردع العام أى ترهيب غير الجانى حتى لا يرتكب مثل تلك الجريمة. فكذلك الحال بالنسبة لأجهزة الأمن فإن كيفية مواجهتها للجريمة يجب أن تحقق أمرين، الأول هو ضبط الواقعة والقبض على الجانى والثانى إشعار الجميع بقوة وكفاءة أجهزة الأمن وقدرتها على إجهاض الجرائم والقبض على مرتكبيها تحت أى ظرفٍ من الظروف، وهذه هى القوة المعنوية لأجهزة الأمن التى تساعد فى منع الجريمة أو الحد من انتشارها أو تفاقمها.من هذا المنظور فإن استشعار الضعف أو التردد أو اليد المرتعشة لأجهزة الأمن عند مواجهتها لأى نوع من الجرائم فى واقعةٍ أو آخرى، يمكن أن يكون دافعاً أو مشجعاً على ارتكاب الجريمة حيث يكون الجانى فاقداً فى داخله للهيبة الواجبة لأجهزة الأمن واليقين بقدرتها على ملاحقته.وللأسف الشديد فإن وزارة الداخلية تعاملت بيدٍ مرتعشة فى موضوعين مهمين وقد ألقى ذلك بظلاله على الحالة الأمنية بصفة عامة، فأما الموضوع الأول فكان تعاملها المهتز مع الباعة الجائلين وإشغالات الطرق المخالفة للقانون، حيث راحت تستتر وراء المحليات انتظاراً لتدبير أماكن بديلة للمخالفين، وهى فى الحقيقة تتقاعس عن أداء واجبها القانونى فى التصدى لتلك الوقائع التى تشكل جرائم جنائية يتعين ضبطها والقبض على مرتكبيها. وأما الموضوع الثانى فهو تعاملها المرتعش الضعيف مع جرائم التظاهر والتخريب التى يرتكبها طلبة الجامعات وراحت تقيد نفسها بقيود ما أنزل الله بها من سلطان ولا تمت لصحيح القانون بصلة، مثل حرمة الفناء الجامعى واشتراط طلب رئيس الجامعة لتدخلها أو الحصول على إذن النيابة العامة فى جرائم تشكل حالة التلبس بكل أركانها . لقد سبق أن حذرت ومازلت من هذا المسلك المعيب الذى يمكن أن يعصف بالحالة الأمنية بمختلف محاورها فى الوطن كله. حفظ الله مصرنا الغالية، وهدانا جميعاً سواَءَ السبيل.

■ لواء- بالمعاش