رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فقط بمدارس المنيا.. طلاب على طريق الموت وآخرون في حضن المقابر.. والثأر يؤجل التعليم لأيام

جريدة الدستور

مازالت محافظة المنيا تعاني بشكل كبير من عدة مشاكل في العملية التعليمية، وعلى الرغم من تأكيد المسئولين دائما على توافر المدارس والمعلمين بجميع أرجاء المحافظة إلا أن شكاوى المواطنين قد كشفت ما هو عكس ذلك.

يوجد نحو مليون و150 ألف طالب وطالبة موزعين على 2775 مدرسة بجميع مراحل التعليم العام، و65 ألف طالب بالتعليم الفني موزعين على 42 مدرسة، بجانب 77 ألف و234 طالب وطالبة موزعين على 419 معهدا أزهريا، إلا أن عشرات المدارس تقع في المناطق البعيدة والنائية، والتي قد تودي بحياة الطلاب أثناء ذهابهم إليها نتيجة لعدم وجود مواصلات إليها أو لعبورهم بمناطق خطرة بها كباري صغيرة غير مؤمنة، بجانب الذهاب إلى المدافن أحيانا وهو أكثر الأماكن خوفا لدي بعض الطلاب عندما يمرون في تلك المنطقة صباحا أو مساءا.

كما أن وسيلة المواصلات الرسمية للطلاب في جميع القرى هى السيارات الربع نقل الغير آمنة والمخصصة لنقل المواشي والحيوانات فقط.

"الدستور" رصدت بعض مظاهر فقر الحالة التعليمية بالمنيا وكانت البداية من قرية السنبلوين التابعة لمركز أبو قرقاص والتي لا يوجد بها مدرسة ابتدائي أو إعدادي أو ثانوي؛ ما جعل نسبة المتعلمين 45 % فقط وتزيد نسبة الأميين من السيدات فيها عن الـ80 %، ويعتمد الأهالي على الذهاب إلى مدرسة منشية دعبس الابتدائية والإعدادية المشتركة التي تبعد عن قريتم بنحو 2 كيلو مترا يسلكون خلالها طرقا غير آمنه، ليتعدى عدد الطلاب فى بعض الفصول 60 طالبًا وطالبة، لتمثل بذلك رحلة التعليم للطلاب الصغار "رحلة عذاب".

الأمر لا يختلف كثيرًا فى قرية السلطان حسن الكائنة بغرب أبو قرقاص، على الرغم من أن اسم القرية يوحى بالبهجة إلا أنها تعاني مشكلات اجتماعية كثيرة ومؤسفة، ويأتي على رأسها عدم وجود أية مدارس بعد أن تم إزالة المدرسة الوحيدة بها ليجد الطلاب أنفسهم بين خيارين الأول هو الجهل والثاني هو الذهاب إلى قرية عرب السلطان التى تبعد عنهم مسافة ليست بالقليلة، ويعبرون خلال رحلتهم من أجل تناول العلم كوبري صغير وصفه الأهالي بكوبري الموت؛ نتيجة لعرضه الصغير و لذى لا يزيد عن مترين وسقوط العديد من الطلاب والأشخاص من أعلاه داخل البحر اليوسفى ويلقون حتفهم فى الحال.

كما أكد الأهالي، أن أبنائهم يتلقون "علقة موت" يوما بعد الآخر على أيدي طلاب قرية عرب السلطان؛ لأنهم يرون أنهم أصحاب المدرسة الحقيقيون وأنهم من قاموا ببنائها بأموالهم الخاصة ولا يجب أن يشاركهم فيها أحد.

أما فى مركز العدوة فنجد، أن البؤوس قد ملأ وجوة الطلاب الصغار بعد إجبارهم على الذهاب إلى مدرسة زاوية برمشا الابتدائية التى تقع في حضن المقابر ليقترب عدد الطلاب داخل الفصل الواحد 55 طالبا وطالبة، وأكد الطلاب أنهم في حالة خوف دائم ويتخيلون الجثث أثناء تلقيهم التعليم طوال يومهم الدراسي، بجانب تشتت أفكارهم وأذهانهم فى عالم الآخرة، وخصوصا عندما تمر أحد الجنازات وما يتخللها من صراخ وعويل عند الدفن.

كما نجد أن العصبيات وعمليات الأخذ بالثأر قد تلعب من حينا لآخر دورا فى إعاقة العملية التعيلمية، حيث شهدت المحافظة في أول يوم دراسى للعام الجديد تعطل الدراسة في مدرسة قرية شيبة الشرقية، والتي تضم 1500 طالب وطالبة بالمرحلة الابتدائية، وما يقرب من 900 طالب بالمرحلة الإعدادية، بسبب خصومة ثأرية بين عائلتين بالقرية، وخوفا على أرواح الطلاب قام أولياء الأمور بمنع أبناءهم من التوجه للمدرسة، وخاصة أنها تقع بالجبل.

بالانتقال إلى قرية إطسا المحطة بمركز سمالوط، نجد أسوأ مدراس المحافظة على الإطلاق وهي مدرسة الشهيد "عمران مصطفي عبد الحليم" للتعليم الأساسي، والتي تم بنائها منذ ثلاثة أعوام تقريبا نتيجة لنشوب مشاجرات مسلحة بين قريتي إطسا المحطة وإطسا البلد؛ ما أجبر أهالي إطسا المحطة على منع أولادهم من الذهاب إلى المدارس الموجودة بالقرية الأخرى، وقاموا ببناء مدرسة بالجهود الذاتية على مساحة من الأرض الزراعية بشكل عشوائي وبدون تخطيط، ما جعل المدرسة تشبه غرف العشوائيات ولا يوجد بالفصول سقف يقي الطلاب من حرارة الشمس صيفا وبرودة الجو شتاءً، بجانب افتقارها إلى حمامات لقضاء حوائجهم.

أما في مركز سمالوط، نجد قرية بني حكم والتي تفتقر إلى مدارس بالمراحل الإعدادية والثانوية، ويوجد بها مدرسة واحدة فقط وهى مدرسة بنى حكم الابتدائية المشتركة، والتى تعمل فترتين صباحا ومساءًا، وتخدم عزبتين تابعتين لها هم عزبة ذهنى والترافله؛ ما أجبر ذلك العديد من الأسر إلى إرسال أبنائهم إلى مدرسة بنى حكم الابتدائية، على الرغم من بعد المسافة؛ ما يمثل خطر على أرواح تلك الأطفال سواء كانوا فى الفترة الصباحية أو المسائية، و ما يعانيه الطلاب أثناء عودتهم ليلا.

جدير بالذكر، أن مدارس المحافظة شهدت عدة وقائع عنف كان أخرها مقتل طالب يدعى "مصعب محمد عبد القادر" 17 سنة، يوم الثلاثاء الماضي، على يد زملائه في مشاجرة بينهم عقب خروجه من مدرسة الثانوية بنين بشوشة، وقام أحدهم بطعنه بسلاح أبيض "مطواة".

كما شهدت مدرسة الشهيد محمد خيرت الابتدائية بقرية حلوة التابعة لمركز مطاي، وقوع مشاجرة بين عامل ومدرس بسبب قيام الثاني بضرب أشقاء الأول، أثناء انعقاد اليوم الدراسي، ونتج عن المشاجرة إصابة الطرفين وتحطم زجاج النوافذ بالمدرسة.

يذكر أن العام الدراسي الماضي شهدت محافظة المنيا عدة وقائع مؤسفة، كان أبرزها تعدي طالب بالصف الثالث الإعدادي بمدرسة قرية مرزوق الإعدادية بمركز مطاي على مدرس بالضرب وقتله بطلقة نارية بالرأس، بعد أن منعه من الغش في أحد الامتحانات، وكذلك قيام والد أحد الطالبات بالتعدي على مدرس آخر بالشوم وإصابته بكسر في الجمجمة بعد انتهاء اليوم الدراسي لمعاتبة المدرس للطالبة ووقوع مشادة كلامية بينهما.